صياح يثقب الأذن + إستخدام المبالغة لخلق صور شعرية = قصيدة شعبية ناجحة
من حيث يدري أو لا يدري يتصرف الشاعر الشعبي على ضوء هذه المعادلة للظهور بوحه مهرجاني ناجح ، فلا تحضر لأي مهرجان للشعر الشعبي إلا و ترى نفسك في سوق من الأسواق الشعبية تتعالى فيه والصيحات لتسويق البضاعة .
للأسف ... تشابه في الإلقاء ، تشابه في المفردات ، وتشابه في الوزن الشعري فتجد الشاعر الشعبي لا يمتهن إلا الكتابة على الوزن المسمى ( التجليبة ) أو على توأمه المسمى ( النصاري ) الذي لا يفترق عن الاول إلا بحرفين في نهاية الشطر ويخرج إبن القصيدة الشعبية عن هذين الوزنين ليكتب الأبوذية والزهيري واللذان تظهر فيهما الصنعة والتكلف بشكل لا يخفى على الأميّ في الأدب .
التشابه في الإلقاء
الصياح ثم الصياح ثم الصياح الذي يجبرك على حماية أذنيك ... والإنفعال والزمجرة حتى في قراءة الغزل والعاطفة بالإضافة إلى حركة اليدين التي تكون متوارثة أو مستنسخة ، فتتحرك أيدي شعراء المهرجان بنفس المسارات العمودية والأفقية فترى الشاعر في صورته يشبه لاعب كرة الطائرة وفي صوته يشبه الديك المفجوع الذي لايكتفي بالصياح في وقت الفجر .
ولا يفوتني أن أشير إلى نقطة أخرى في الإلقاء وهي ان الشاعر عادة يقرأ الأبيات التي يحس أنها تحتوي على ثقل شعري أو صورة جميلة ... بطريقة يطلب من خلالها التصفيق من الجمهور ، حيث تراه يقلل من سرعة إلقاءه ويمد الكلمة الاخيرة من نهاية البيت الذي عقد عليه آماله لكسب الجمهور .
التشابه في المفردات
عندما تدخل إلى سوق العشار وبالتحديد إلى محلات بيع الملابس ( شنو علاقة الملابس بموضوعنا ؟؟؟؟؟؟.... لا لا أكو علاقة بس صبروا شوية ) إي .. إذا دخلت محلات الملابس فإنك تجد نفس الموديلات ونفس الألوان ونفس الأحجام ... الموضوع مشابه تماما بالنسبة لمفردات القصائد الشعبية بين الواحدة والأخرى فهم يتسوقون من سوق المفردات نفسه .
حيث تسمع على الدوام ( عذرا ياوطن ، ما أطخ راس ، الحسين ، العباس ) مضيفا لها حرف النداء ( يا ) الذي لايفارق الألسنة .
( وقفة قصيرة : الحسين والعباس ( عليهما السلام ) هما أكبر القواسم المشتركة بين القصائد الشعبية فلابد من وجودهما في جميع القصائد الوطنية والوجدانية ووووو ، وحينما يُسأل الشاعر عن ذلك في لقاء تلفزيوني يرد بأن قضية الطف تحاكي الواقع الحالي الذي يمر به العراق .
وفي الحقيقة هذا كلها أجوبة دبلوماسية ليس إلا ... فهو يستخدم هذا المفردات لشراء المتلقي .
على العموم هناك وقفة أخرى في هذا المقال بشأن حضور آل البيت في الشعر الشعبي : إنتهت الوقفة القصيرة )
هناك تشابه في الأساليب أيضا فتجد دائما
ولأن.....................
لذلك........................
وتجد أيضا
واذا......................
إذن.........................
وتسمع
صح.....................
لكن.........................
وتلقى أيضا
................ ماكو شك بهاي
.............................
ملاحظة سأصفها بالمهمة جدا والتي تتعلق بالقصائد التي تمتدح آل البيت (ع) :
( الإمام علي ، الإمام الحسين ، الإمام العباس ) للأسف أقولها وللأسف الشديد أيضا أن ترى هذه الشخصيات العظيمة الحاملين راية المؤمنين والمتقين والصالحين في الدنيا والآخرة ... خزنة العلم وأساتذة الاخلاق وأمثلة الرحمة ونجوم الأرض والسماء .. يتحولون في الشعر الشعبي إلى مصارعين ومبارزين ليس أكثر .
فلا ترى الإمام علي إلا وهو حامل السيف يشطر هذا ويذبح ذاك والأمر نفسه ينسحب على بقية الأئمة فتكون القصائد مليئة بالدماء والسيوف والخيول والفحول .
وتجد أيضا في كل قصيدة عن أمير المؤمنين يجب أن يوضع في الميزان فيضعه الشاعر الشعبي في كفة ويأتي بأحد الانبياء ليضعه في الكفة الاخرى وتبدأ المقارنة .... متناسين أن الانبياء والإئمة يسيرون في طريق واحد وإلى هدف واحد .
أمير المؤمنين عليه السلام لا يوجد في قصيدة إلا ويوجد معه عزرائيل وتتكون الصور الشعرية عن قبض ملك الموت لأرواح العداة أو قد يأتي ذكر هذا الملك في قصة شهادة الإمام علي في الواحد وعشرين من رمضان .
الرجاء الرجاء يا شعرائنا الشعبين لا تضعوا هذه الشخصية المتميزة في تأريخنا في خانة ضيقة وإستثمروها من كل الجوانب . إنتهت الملاحظة
وهكذا أحبتي القراء صارت القصائد الشعبية كأوراق الإمتحانات لطلبة غش واحدهم من الآخر وبدت القصائد كأنها طلبة الكلية الذين يرتدون الزي الموحد .
وأخيرا شعرائنا الشعبيين تذكروا ان هناك شعراء أسمهم عبد الحسين الحلفي وعماد المطاريحي ورعد الأزرقي وغيرهم ممن لا يمتهنون صنعة الشعر بهذه الطريقة الببغاوية
البصرة
Ahmed83_auto@yahoo.com |