يتميز المجتمع العراقي عبر تاريخه الطويل بانه بحق تاريخ صراع طبقات وتاريخ دموي ادى الى انزلاق العراق في كثير من الفترات لهاوية الحروب الاهلية في عشرينيات القرن المنصرم كان الاقطاع تسيد على بنية المجتمع العراقي من شماله وجنوبه وظهرت الاقطاعات الواسعة والكبيرة التي وجدت لها تشريع قانوني في ظل الاحتلال العثماني والبريطاني ونشات عوائل اقطاعية ما تزال الى اليوم. وبعد سقوط الملكية راع ية النظام الاقطاعي حاول عبد الكريم قاسم خلال قانون الاصلاح الزراعي ان يعيد هيكلية البنى الاجتماعية في العراق الا ان تامر الاقطاعيين وتحالفهم مع الرجعية الدينية انذاك سمح لثورة قاسم بالسقوط بكامل انجازاتها التاريخية والوطنية ,وصعود التيار القومي ممثلا بحزب البعث الذي عمل على الغاء منجزات قاسم والعمل على خلخلة المجتمع العراقي المضطرب اصلا , فتم مصادرة الاراضي وطرد الفلاحين الى المدينة ليعملوافي احقر الاعمال وادناها مر تبة وزجهم في اقفاص طينية ذات كثافة سكانية كبيرة جدا وصولا الى تقسيم المجتمع اثنيا وطائفيا الى ما قبل 1400 سنة وقوميا الى قبل هذا التاريخ حينما تم الغاء كل القوميات باستثناء قومية واحدة هي الحاكمة. ومع صعود الفاشية في نهاية السبعينيات من القرن المنصرم كانت بنية المجتمع العراقي اخذة في الانهيار لتصل مع الحروب الخارجية التي خاضتها الفاشية ( حرب ايران – حرب الكويت_ الحرب الخليج) الى حدودها الا نفلاتية وليكتب على الدبابات التي قدمت لقصف الابرياء في المدن المقدسة (لاشيعة بعد اليوم) وليحترق العراق , لنبدء تاريخا من الطائفية .ادرك المثقفون العراقيون ان النظام الطائفي هو المتحكم ,وقبل ان تستفيق هذه الطبقة من غفوتها حتى فوجئت بمقالات على صحيفة الثورة( مالذي حدث وكيف حدث الذي حدث) مقالات تؤسس لمنهج طائفي جديد وحينما حاول ان يعترض الصحفي ضرغام هاشم على اسلوب تلك المقالة رميت جثته للكلاب ولما يبزغ الفجر وخيم صمت الطائفية والقومية الشوفينية على العراق البعثي. هذا المنهج سوف تجد اثاره السيئة في كافة المجالات الثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي غزت بغداد وباقي المحافظات وتم تغير كامل لطوبغرافية بغداد فقد سن النظام الطائفي جملة من القوانين التي تحرم على العراقيين الانتقال والسكن في عاصمتهم بغداد ضمن ما عرف بقانون 1957 وفي مدينة الاعظية حرم السكن الا لمن هو من طائفة معينة؟ هذه التغيرات صاحبها تغيرات عرجاء في نمو طبقات اقتصادية وليدة ( طفيلية تستحوذ على نصف الدخل القومي للبلد واعتماد البلد كليا على قطاع الاستخراج فقط شكلت نسبة النفط في الناتج القومي الى 97% وتم سحق الصناعة الوطنية والزراعة وبدءت معالم الانهيار تشمل كل شئ خاصة في السنوات الاخيرة من عمر النظام الفاشي, وبلغت الديون الخارجية اكثر من 600 مليون دولار واثقلت كاهل الميزانية وارتفع مستوى التضخم الى اعلى نسب في العالم . وفي عام 2003 سقط النظام الحاكم وفاشيته البغيضة وتنفس الشعب العراقي الصعداء. ولكن ماذا عن بنية المجتمع العراقي وهيكلته التي ورثها من النظام السابق وماهو البديل لتصحيح هذا الانحراف.
مجلس الحكم بداية سيئة:
تألف المجلس ، من 25 عضوا من السنة والشيعة والمسيحيين والعرب والأكراد والتركمان و الآشوريين على اساس النسب السكانية بين العراقيين وكان بداية لاعادة هيكلية بنى المجتمع العراقي الا انه ونتيجة للاخطاء الكبيرة التي وقع فيها هذا المجلس اثبت فشله .ربما لان التمثيل على المستوى الشخصي لم يكن حقيقيا؟
الانتخابات طريق اخر لاعادة الهيكلية:
الانتخابات العراقية اثبت ان هناك شدا طائفيا تقوده جميع الاحزاب والتيارات السياسية الحاكمة التي ترغب في الحفاظ على مكتسباتها التي حصلت عليها في الفترة السابقة , وبضمنها العودة الى الفترة البعثية فكانت الانتخابات تشكل جزء كبير من تاريخ العراقيين الذين اسرفوا في تاييد هذا الطرف او ذاك. ورغم الفرز الطائفي الذي حصل الا ان بنية المجتمع ما تزال تعاني من الترهل الذي ورثته من السلطة الشمولية. فما زال الاقتصاد العراقي غير قادر على الاستجابة الفعلية للسوق العراقي وماتزال الاستثمارات المحلية خارج الحدود واعتماد البلد على النفط اصبح عائقا كبيرا جدا امام اي فسحة لتطوير تلك البنى الاقتصادية . واصبح العراق على الصعيد الايديولوجي يبحث عن الفكر الليبرالي بل ويتبناه بشكل اثار استغراب جميع المكونات .الجميع يتحدث باقتصاد السوق والسماح للاستثمارات الخارجية وتشريع قوانين الاستثمار والنفط. يحدث هذا في الوقت الذي ترتفع فيه اعداد فقراء تحت خط الفقر ويحدث هذا في الوقت الذي يهاجر من العراق اكثر من 4 مليون نسمة ويحدث هذا في الوقت الذي يسيطر السوق الاقليمي والبضاعة الاقليمية على الشارع العراقي ولتصبح هذه البضاعة فيما بعد صراعا بين الاطراف السياسية فالتاجر السعودي يدفع لتنظيم القاعدة اموالا لضرب البضاعة الايرانية ولو بالقوة والتاجر الايراني يتوسع شمالا وجنوبا ببضاعته واسواقه وليؤسس نظاما اقتصاديا ,فيما بعد يتحول لنظام اجتماعي(زواج المتعة المتاجرة بالحشيشية التعامل بالتومان, ثم انفاق هذه الاموال في موطنها الاصلي عن طريق السياحة الدينية او التجارة). وفي الجانب الاخر تزدهر ظاهرة العنف والقتل وكسب الاموال عن طريق ايواء المسلحين وتزويجهم بناتهم مقابل الدخول الى جنة عرضها السماوات والدولار؟ واختلطت المفاهيم , واصبح العزل الطائفي ميزة لبغداد بعد ان حافظت المحافظات الاخرى على تماسكها الطائفي وطردت كل العناصر الدخلية؟ التي كانت تعيش بين اظهرها منذ مئات السنين.( مهندسون اطباء معلمون صيادلة كسبة عمال فلاحون عاطلون)
لبرلة العراق الجديد:
في ظل الوضع العالمي المعقد اصبح العراق نقطة ارتكاز عالمي لاقتصاديات المنطقة التي تعاني اساسا من مشاكل كثيرة لعل اهمها خلخلة البنى الاقتصادية لاقتصاديات المنطقة المعتمدة على استخراج النفط بنسبة تصل الى99% وفي ظل دولة قوية تهدد مثل ايران , وفي ظل انعدام الايدي العاملة في هذه الاقتصادات التي تعتمد على استيرادها من الدول الاسيوية , يصبح الخيارللاقتصادي العراقي اكثر تفوقا من باقي الاقتصادات ,ايدي عاملة رخيصة وارض خصبة للاستثمارات الاجنبية ودولة ذات تاريخ حربي, كلها امور ستجعل العراق يقترب من اعادة الخارطة العراقية ومن ثم اعادة هيكلية المجتمع العراقي ولعل خطة بايدن هي احد الحلول او المقترحات بهذا الشان. |