اربعة الاف سنة وصائدو اللآلىءيبحثون عن الثروات التي تنام في اغوار الخليج و سواحل شبة الجزيرة العربية ، روت ذلك الالواح السومرية و التي تذكر جزيرة ( دلمون )الواقعة في (البحر السفلي) وهو اسم كان يطلق قديما على مياة الخليج العربي ويشير نقش اشوري الى لآلىء البحرين فيسميها ( عيون سمك دلمون ) ومثل غيرهم من بحارة العالم فهم يحبون الغناء وهم يعملون اذ ذاك ولد هذا التقليد الحياتي اليومي مع امواج البحر وتنوع باستمرار وعلى مر العصور . فعلى سواحل البحرين وقطر، اشتهرت موسيقى من نمط طريف يطلق عليها (الافجيري ) وهو مقصور على الرجال دون النساء ويؤدى على سطوح المراكب ولكل مرحلة غناءها الخاص ف(الخراب ) هو الغناء عند البدء برفع المرساة و (المجذاف )مع تجديف البحارة و(القاصح) و (الجيلامي )مع رفع الاشرعة وللطريقة التي يؤدى بها تاثير مباشرعلى البناء الموسيقي للاغنيات ، ف(الخراب) ينشده مغن منفرد بطبقة صوتية عالية في حين تصدر الجوقة التي تتالف منالبحارة صوتا كاللحن منخفض يقطعونه بفواصل منتظمة وبزفير قوي يقابل اللحظات التي يتوقف فيها البحارة وهم يرفعون المرساة ،اما كلمات ( الافجيري )فهي تنقل بشجن صورة صادقة لمعاناتهم ومخاطر البحر وطول الغياب وفرحة لقاء الاحبة ويذكر فيها اسم الله و محمد وعلي كثيرا وبين كل فاصلة تقريبا .
و (الفجيري ) من الناحية الموسيقية يتالف من متوالية لعدد من المقاطع يؤديها المغني المنفرد والجوقة . اما البناء الايقاعي الذي يصاحب الجزء الغنائي فانه يضفي علىكل مقطع طبيعتة الخاصة واسمه والايقاع هنا يشكل الجزء الاساسي في قاعدته المتالفة من ثلاثة مقاطع اولى ثم يطور اثناء الاداء الى عدة اشكال تتميز بالوضوح
وصائدوا اللآلىء لايغنون (الفجيري )وحده اثناء اقامتهم الطويلة في البحر فحسب بل يغنونه عند عودتهم الى الديار اذ عادة ما يتقابلون مرة كل اسبوع في ( الدار ) الشعبية يتسامرون ويشربون الشاي ثم تاخذهم نشوة السهر فيغنون ويرقصون .
حيث كان هناك المئات من هذه الدور على سواحل الخليج قبل قرن ويزيد من الزمان لكنها اندثرت مع الايام ، بل تتميز كل داربنمط خاص بها من فنون البحر وموسيقاه البحرية ورقصاته الجماعية وتمتاز بمهارة المؤدين والمؤدي المنفرد .
اما الآت الايقاعية التي يؤدى عليها (الفجيري ) فعديدة منها الطبول ذات الغشائين (طبل ومرواس ) وطبول ذات اطار مبسوط وغشاء واحد وتسمى (اطار ) وجمعها طيران ثم هناك الصنوج المعدنية الصغيرة (طس )واباريق الماء ( بخواجي ) الهندية تعلق على الصدر والكتف وتقرع اما باليد او بمقرعة صغيرة من الخشب اما المرواس صبول اصغر حجما ويستعمل اربعة او خمسة منها في اداء الفجيري اما ( الطار)فيبلغ قطره سبعين سنتمتر وله غشاء مزين في الكثير من الاحيان باسماء الاحبة اوالازهار او الاهلة ، وقبل العزف توضع ( الطيران ) قرب النار لتدفأليزداد شد الجلد فيعطي اصوات صافية اما ( الجاهلة )فانها قدر ماء ارتفاعة ستون سنتمتر ويقرع على فتحتها براحة اليد ويعزز الصوت الخافت بصوت اخر يصدر بحك جانب القدر .
ويتعلم صائدو اللآلى ( الفجيري )من ابائهم الذين تعلموا من اجيال سبقتهم ويروي الصيادون في البحرين اسطورة تحكي عن اصل هذا الغناء التراثي تقول تلك الاسطورة ان هناك ثلاث رفاق من صيادي البحر كان من عادتهم ان يذهبوا خارج المدينة والى موضع يسمى( ابو صبح )ليغنوا ويمرحوا وذات يوم وهم ذاهبون هناك سمعوا غناء اثار فضولهم ياتي من مسجد في الطريق فارادوا ان يروا المغني عن كثب ، وبينما هم يدخلون فناء المسجد استقبلهم وابل من الحجارة وفي الفناء راوا صفين من الاشخاص جالسين نصفهم الاعلى ادميون حد الخصر ونصفهم الاسفل حمير وسالت احد المخلوقات الشباب : هل انتم من البشر ام من الجان؟ فاجابوا انهم بشر طيبون للغاية لايريدون شرا باحد بل يودون الاستمتاع باغانيهم فقط فطلبوا منهم ان يحفظوا السر بقلوبهم ، وهكذا جلس الشباب الثلاثة معهم حتى حفظوا عن ظهر قلب اغانيهم ثم ودعوهم بحب على ان لايذكر احد خبرهم والا هلك في الحال . ومن ذلك اليوم جعل الاصدقاء الثلاثة لقاءهم سرا يتغنون فيه الفجيري . وبعد سنوات توفى اثنان وعندما شعر الثالث بدنوا اجله دعى اهله واصدقاءه وروى لهم وانشدهم الفجيري فحفظ الاخرون هذا النوع من الغناء واستمر الناس يغنوه جيلا بعد جيل .واليوم يحاول الابناء الاحتفاظ بهذا الموسيقى المتوارثة للبحارة بعد ان اختفت الكثير من الموسيقى في انحاء العالم وطواها النسيان فقد عاشت باريس قبل ايام استذكارا جميلا لهذا الفن من غناء البحارة فقدمت فرقة محمد بن فارس البحرانية وعلى الهواء الطلق وبعيدا عن ظهر المراكب وسفن الصيد امسية في معهد العالم العربي بباريس غنت فيها (الفجيري) وفق تطويرات معلم هذا الفن محمد بن فارس بعد ان طوره متاثرا بانغام اليمن والحجاز وقد غنى الفجيري منذ الثلاثينيات من القرن الماضي وانشد في سوريا ولبنان وسجل اول اسطوانة له في بغداد كرسة معلم صنعة مميز وقد تتلمذ على يدة العديد من المطربين قبل ان يفارق الحياة في 1974. وينقسم ( الفجيري) الى خمسة اقسام تحددها سرعة الايقاع . ويبدا بموال حزين يتالف من سبعة ابيات شعرية تغنى على نغم الحجاز وتقوم الجوقة بترديد البيت السابع والمشترك بين غناء الفجيري في دول الخليج عبارة (الحكم لله ) وهي لازمة لابد منها . |