حاوره / حسين القاصد
 
وجيه عباس شاعر متمكن من ادواته استطاع مع مجموعة من اصدقائه اسكات ضجيج الطارئين على الشعر العراقي في تسعينيات القرن الماضي فكتب قصيدة عمودية حديثة ولم يهتم بالتنظير وبالبيانات مثلما اهتم بمشروعه الشعري لكنه لجأ مؤخرا الى كتابات ساخرة لاذعة ومبكية في آن واحد عن ميوله لهذا النمط من الكتابة وعن همومه الادبية والثقافية وعن الواقع الشعرية الذي سيبقى واقعا كمايقول ... سألته فقال
وجيه عباس ماذا يريد من الشعر وماذا يريد الشعر منه؟
 
-  سؤال غريب مثل صاحبه ، هل تتصورني تاجراً في سوق الشعر السوداء أتسقّط منجزات القصيدة الخمسية لأعلنها بياناً على مشجعي الفريق العمودي نكاية بشعراء قصيدة النثر أو شعراء التفعيلة !!..... إذن لماذا لاتتذكر أنني لست ممن تقاضوا رواتب الشعر في قرن مضى ،كان كل من هب وسبَّ يتنازل عن قطرة حيائه تحت بند شفافية الجوع وتكنوقراط الوطنية الفائضة ...... كثير ممن عرفتهم في حقل ومزرعة الشعر كانوا أشبه بنباتات ضارة أكلت الأخضر فالأخضر فالأخضر من  ثمار مزرعتنا  .... هؤلاء من يجب مساءلتهم .... قبل سؤالهم عن دورهم في ضياع كرامة القصيدة على أبواب الجلادين ورضاهم فيما بعد أن يكونوا قبضة الجلاد التي ترفع السوط في وجه شعراء المعارضة لتفسيقهم وتفقيس أجيالهم المتناثرة مثل تماثيل قائدهم الضر....ورة (طبعا!!ً).... ربما هي تهمة قديمة يتحملها خطاب العقل العربي الذي مجّد السياسة ووضع القصيدة جنديا يؤدي خدمته الإلزامية على مسرح الأدب ليسبّح بحمد القائد الأوحد والشاعر الأوحد والمبدع الأوحد على مر الزمان الحائض بالقادة الضروريين جدا والذين تفردوا بكل شيء سوى الخلق الذي تركوه لخالقهم العظيم ..... جئنا فوجدنا أنفسنا أيتاماً على مائدة الشعر اللئيم..... كنا مخيّرين  أن نكون سدنة لمقام الشعر أومجبرين أن نكون سدنة الأدب الكيشواني..... أنا وقفت على النقيض من كل شيء... أردت من وجيه عباس أن يبعدني عن هذه الكيشوانية لأكون وجيه الذي كنته حتى يكونني..... ربما كانت هذه من المفارقات الكبيرة أن تبعد نفسك(بإختيارك) عن قريب له كل شيء في زمانك، وتقرّب نفسك (رغما عنك )من بعيد ليس له شيء في زمانك ، وقديما قيل :
 
      ولقد يرى بالروح شاعرُ أمة     مالايرى غير النبي المرسلِ
 
ربما أكون سبقت غيري أنني نظرت بعين شاعر يملك روح المؤرّخ الأمين الذي يستنطق الأحجار ليعرف مدى كرمها وبخلها بالكلام..... كنت أريد من الشعر أن يبقيني على ضفة الخيال حتى لايغرقني واقع مليء بالتناقضات...واقع لاينتسب الى الشعر الا كما ينتسب النمل الى الخيول......لكن مع هذا، أصبح للنمل مملكة طردت خيول الشعر الى غاباتها الأم!!..... كنت اريد ،ولم أزل ، ان أرى عرائس الشعر وهن يتصببن حسنا على تراب وطني...أن أغني بقصيدتي جنوباً أخرسه الطغاة وصلبوه مسيحا بين أناجيله ، ربما كنت أكثر خيالا من الخيال نفسه أن تصورت أني أتناول إفطاري في لندن مع حسناء بيضاء يملأ النمش صفحاتها وغلافها ومابين دفّتي كتابها ، واتناول الغداء مع سمراء من قوم مانديلا قد أباحوا لها ضرب النوا ..قيسي أوأكل الطرشانة والقيسي، أوأتعشى مع غادة الكاميليا او غادة السمان في بيروت حيث يحتضر الجمال ويثرثر(العجيب أنها سمّان وهي تشكو من فقر الدم!....) وربما في الليل تسنح لي ساعة من زمان أبيض مثل وجه مارلين مونرو أو ثلج معامل جرف الندّاف، أتناقش فيه مع الفاضلة جداً نبيلة عبيد( في خلوة شرعية طبعا حتى لايزعل مني المتفيقهون في هذا الشهر الفضيل النزيل بالشظايا على وجوه الصائمين) أسألها عن سبب تدهور الدولار في بورصة تاهيتي..... لكنني أتفاجأ بنفسي ملقياً على بطّانية جيش أسود ، وصادف ان يكون لون البطانية أكثر سوادا من وجه  المفوض عبد الحسين عسكرالذي يشبه الساعة الثانية بعد منتصف الليل من بغداد ...... كان الشعر قاربنا إلى أنفسنا..... جزيرة لاتوصل سوى المتعبين إلى حيث يحلمون بالراحة ...... أما ماذا يريد الشعر من وجيه عباس فأتمنى أن تسأله شخصياً لانني لم، ولن، اضع نفسي محاميا عن غيري وخاصة هذا العدو الذي شتّتنا في المنافي ....الذي تسميه أنت شعرا واسميه الحزن.
 
*بعد عرشك على الماء لم تصدر اي ديوان واصدرت كتابك عولمة بالدهن الحر جامعاً به مقالاتك الساخرة ، هل هي لاجدوى الشعر أم ماذا ؟
 
-  غرقت العروش التي مشيت على وجه الماء ياقاصد، وبقي عرش الله الذي يقول لنا في كتابه العزيز(إنا نقص عليك أحسن القصص) فكذّب بهذا كتّاب االرواية والقصة القصيرة وصنفهم بشفافية الرب العليم وأعطاهم منزلة الكاذبين والمنافقين بإمتياز(وأتحدى القصاصين مع الشعراء إن يثبتوا عكس ذلك).... تسألني عن جدوى الشعر في زمن علت جميع الأصوات على صوت القصيدة،لقد هرب الشعراء وبقي الجميع ينتظر ظهور شاعر ربما يحسن تدوين تاريخ اللطميات على أوزان بحور الخليل،دخل كلٌّ حاملاً صوته وبصمة حنجرته ليعلن للجميع ان صوته الوحيد الذي يشبه صوت الأذان،وأن سوره القصار والطوال قرآن جديد على البشر أن يقرأوه أناء الليل وأطراف النهار.....لقد علا صوت  المفخخات على صوت القصيدة..... قل لي أي نغمة في المقام العراقي الذي يشتهر بالجوابات العالية تستطيع أن ترتفع لتدخل إلى مسامعك  وشظايا العبوات الناسفة تأكل بالحناجر والرقاب!.... صوت القصيدة أخجل من أن يصل خارج مناطق التغطية،لارصيد اليوم سوى لتراث أبقاه أدباء التعب ، كتبوه بعد أن تركوا رحالهم وخلدوا إلى الراحة والسكينة...هؤلاء هم الوحيدون الذين خرجوا من رئة الغضب ليتنفسوا في مهود الخدّج ويعلنوا أنهم النسخة المعدّلة وراثيا عن السيد جلجامش وشريكه  الأسطة أنكيدو اللذين علّمانا الغضب على الآلهة...... أنها خيانة الزمن الكبيرة التي جعلتنا نختنق بأصواتنا، ونشعل مراكبنا.....وفي النهاية نغرق في اليابسة!!...... ماجدوى أن تصرخ بالراحلين وهم لايلتفتون إليك!.... أن تستصرخهم وهم منشغلون عنك!.... نحن في زمن قلق، ومكان قلق، ربما تقول (رجّاج) فأخالفك القول حتى لايتصيد الطرف الصامت كلامي ونيّتي البيضاء ويتهمونني  بأني أعني عفيفة إسكندر!!
أسألك ياقاصد وأحلّفك بمن تسمع !: هل تذهب الى ساحة التحرير بعد الساعة السادسة مساء لوقيل لك ان الله بعث المتنبي والجواهري من قبريهما لقراءة الشعر في المصالحة العراقية الكبرى؟ أتصور أنك لاتذهب لأنك متيقن ان عصابات البتاويين سيعملون على خطفهما لطلب الفدية من الحكومة العراقية ليطلقوا سراح الثعالب من سجن بوكا..... ربما رأيت في كتابتي الساخرة بابا للولوج الى الشعر من مكان تركتموه.... لالشيء سوى أنكم لاتحسنون النظرالى أبعد من القصيدة العمودية او النثرية او التفعيلة.... أنا أنظر إلى روح الشعرالتي لاتشبه قطعا روح النصر الصدامية.... أرى الشعر على قارعة الطريق فألتقط كلمة من هنا وهناك.... أجمع سلال الحروف،  وماتساقط من مخيّلة الشعراء والكتاب ...... وحتى المجانين...أنسقها مثلما تفعل فاتن حمامة في فيلم ( ماأدري شسمه) لتهديه إلى ( مدري منو) لتتزوج بعدها بفلان أقارب السيد علاّن..... أرى ان عولمة الحرف العربي بجنون وجيه عباس  المتبقي من سلالة العاقلين جدا والمؤدبين بإمتياز هو الذي يبقى يؤشر الى وجيه عباس في زمن قلق وأرض قلق  بنص قلق ..... ولأقل : على القصيدة أن تتوقف الآن..... لأن أسماع الناس إنتقلت الى عيونهم التي تقرأ النص قبل ان تسمع القصيدة .... وقبل أن تقرأ النص تراها  تتجول بين قنوات الروتانات الجهادية..... أنها لغة أخرى ياحسين القاصد وانا صاحبها في هذا الزمن الذي سلبنا لغتنا....وحتى شرفنا في الكلمة.
 
*القصيدة العمودية الحديثة فضحت الكثير من الطارئين، لكن بعض الاميين مازال يتهم القصيدة العمودية بالسلفية فهل سنلجأ لفدرلة الشعر ايضا؟
 
- القصيدة العمودية تقف على مفترقين أما صعود إلى خلق،أو إنحطاط نحو خلق،في كلا الخلقين،يقف الشاعر وحيدا ليس معه غيره،لايحمل سوى شفرة،لأنه (دافن شي) ، عليه أن يستخرج القديم،مابعد ذلك له أن يرضى به،أو يرضى له،أو يرفضه قطعاً،ربما أمسك شيطان الشعر من قرنيه مثل مصارع الثيران ورفض أن يتناطح معه حتى لاتُولد القصيدة شوهاء،إحتمالات شتّى،لكن تبقى لرجولة الخيال فسحة أن تنظر إلى حدائق بابل المعلّقة،وكيف يتسامى إليها!!..... الحداثة والتجريب في القصيدة العمودية الكلاسيكية ترتكز على التراث،لاتستطيع أن تغيّر دون أن تهشّم القديم،لاأن تتبرأ منه،يقول نيتشة(كل من يريد أن يكون مبدعاً في الخير وفي الشر،عليه أن يكون أولاً مدمّراً وأن يحطّم القيم).....هي عملية خلق جديد يكون فيه القديم المادة الجديدة للخلق،لوجه وروح جديدين،إن تبرّأت منه فإنك تقطع فرعك من جذعك وجذعك من عِرْقِك....من شجرة تمدّك بلغة الوجود، قل لي بربك من يستطيع أن يأتي بنسق جديد لم يكن موجودا أصلا.... هي عملية خلق متكررة.
القصيدة العمودية المبدعة قصرنا الكبيرالذي تنازل عنه غيرنا من أجل خيمة لايد له في صنعها ولاحتى في تشكيل هندستها.... ماذنب القصيدة العمودية إن كان من ينظر إليها بعين عوراء وبموهبة لاترتفع اكثر من قامته.... هي شهادة بقصوره عن الطيران فوق عش مخلّع البسيط أو مجزوء المجتث....لافيدرالية تجمع الطارئين إلاّ في إمارة الحشّاشين وفق جبال الوهم.... القصيدة (بأي شكل كانت ) وطننا الذي لايقبل التجزئة أبدا برغم الذين تسميهم الطارئين وأقول فاقدي مواهب الوطن الإستثنائية.
سأقول لك شيئا... شعراؤنا  أشبه بالمناطيد أو لنقل أوثق بالبالونات.... ماأن يرتفعوا قليلا حتى تراهم يتناسون أمسهم بين دفتي غدهم.... هم أشبه بغراب أراد تقليد الحمامة في مشيتها فأضاع المشيتين...... قل لي كيف يتأتى لشاعر يكتب النسق النثري أن ينسب القصيدة العمودية إلى السلفية ويعني أنها لاتعني سوى التحجر الفكري .... وإذا سألته أن يعطيك مبررا لكفره بتراثك وأن يتنازل عن بزة الشعراء الفاشلين الذين إرتدوا بزة النقد في زمن عارضات الأشلاء..... تجده أعجز من أن  يكتب لك من هذا النسق القديم ،وإن كتب فأنه لايستطيع الخروج من وهم دائرة  التفعيلات..... الشاعر المبدع هو الذي يرتفع بخياله عن ملامسة الوزن الشعري...أنه والوزن حالة واحدة... يكتبه بوعي يقود إلى اللاوعي بتمسكه بالخطوط القوية لمسيره على خارطة خياله...... أنها حرب الطواحين الجديدة التي يريدون أن تفجير أسمائهم بعد أن فشلت في إطلاقها بسفن القصائد الفضائية..... الشعربجميع أشكاله يقف على متن اللغة،واللغة لها بنية إيقاعية تدور بينها بأشكال أخذت أشكال المفاعيل والموازين وهي وحدة القياس الورزني (الكمي او الإيقاعي)...لاتختلف اي قصيدة عن أخرى إلا بمقدار الحرية التي تبيح للشاعر الهرب من التفعيلات الأصلية والبديلة.... إستطعت بدراسة موثقة من تثبيت(28 ) تفعيلة لم يخرج اي شاعر قصيدة نثر عنها.... لا في الدنيا ولا في الآخرة(اذا وثقنا ان لغة اهل الجنة هي العربية) فلماذا يتهم الشعراء قصيدة العمود بالسلفيةوهم إستخدموا ضعف مايستخدم الشاعر العمودي من تفعيلات!! من السلفي إذن؟
 
*  امتلكت جرأة في الطرح الاعلامي في زمن النظام المخلوع ..... الم تخش  الملاحقة ؟
- لماذا لاتتهمني بالجنون إذن! لاتخجل ياصديقي فوالله إكتشفت مؤخرا أنني كنت خاطئا في حساباتي وساشكر عن طريقك الخانق السياسي الذي يشبه باب معهد الطب العدلي الذي أقنعني بعدم جدوى الجنون الذي كنا نتغصص به بإسم الجرأة الوطنية... ربما كنت أشبه بخاصي الأسد... هي جرأة وضعت على المحك فيها رقاب أولادي ورغيف عائلتي الذي أجبرني على التقاعد لأعمل سائق أجرة بسيارتي الخاصة .....لالشيء إلاّ لكي نحفظ قطرة حيائنا ونحن ننتظر سقوط تمثال القائد المنصور والوشّاش لنكتشف بعدها أنهم  أبعدونا إلى خطوط الفدرلة النفطية..... من منّا لم يخش الملاحقة في زمن كل شيء يلحق غيره.... تذكّر أحلامك وإنظر إلى شرطة الأحلام السرية الذين كانوا يعدّون على أصابعهم أحلامنا المؤجلة التي عبرت طريبيل فوقعت بيد مجاهدي العروبة السابقين الذين أطالوا لحاهم وقصّروا شواربهم حذر المارينـزالسلفي.... ماذا جنينا من جرأتنا إذا كانت الأحزاب تلبس النظارات الشمسية؟... بعضهم يراك منافقا وآخر يراك (خوش ولد).... لكن الحساب واحد.... لستُ من مازن .....فقد إستباح الجميع إبلنا وقتلوا رعاتنا ونحن أصحاب الدم الذي نحمله كما حملناه أول مرة... قديما كان صنم واحد...أما الآن.... كبرت بان...صارت أكبر من جلكان....
* ماذا يرى وجيه عباس في الواقع الشعري الراهن؟
- أرى فيه (واقعا شعريا راهنا) لاغير ياصديقي .......وثق  هذا أجمل سؤال صحفي يكون منطوق السؤال هو جوابه حيث لايوجد سنتمتر أمان أودقيقة سلامة.
 
*اتحاد الادباء هل مازال ضرورة ملحّة ام الاديب لم يعد بحاجة للاتحاد لاسيما بعد انحسار روّاده ؟
 
- أسالك : متى إتحد الأدباء حتى يقتنعوا أن إتحادا ما يمثلهم... أو لنقل أي إتحاد باستطاعته توحيد الأدباء المستنفرين على طول الخط الفاصل بين النرجسية والتكتل الحزبي والثقافة الديماغوجية(أبو علي شنو الديماغوجية؟)... لدينا أدباء متحاصصون حتى في إبداعهم..... أنظر إلى أدباء الكرد وإنزل إلى طينتهم الجبلية التي جبلهم الله منها ،تر  أنهم يستاؤون من لفظة (عراقيين) ويقولون لك بالفم المليان أنهم (كرد)....بيني وبينك ،أنا أعذرهم، فادباء عراق البعث علّموهم فن التهميش ببراعة عربية واحدة ذات رسالة خالدة..... إنظر إلى إتحاد الأدباء الآن..."ثم أرجع البصر مرتين ينقلب إليك البصرخاسئا وهو حسير" من أدباء ولاأدباء مغيبين ومهمّشين ومهشّمين لم تنظرهم مرة واحدة يوم أشرقت الشمس من العوجة في سالف الزمان إيذانا بولادة فارس الجحور!!..... أين كانوا حينها؟ هل كانوا ينتظرون الإمام المهدي(ع) ليخرجوا بقصائدهم علينا!... ياليتهم ماخرجوا إذن...لقد أصبحوا زيادة في نقصان الشعراء غير الصداميين.....
الإتحاد واجهة تشير إلى وجود أدباء هم أول من رفعها...ويقينا أنها ستسقط في حسابات السوق حين يبتعد الأدباء عنها........ لأن وجودها من وجوده ...... سأكون صريحا....لم ولن يكون إتحاد الأدباء ضرورة ملحّة للمبدعين.... أنه واجهة للعشرة المبشرين في كل شيء....ومشرباً ومطعما للذين تنبت أسنانهم بالهبهب الأبيض والمستكي.....
(ومع إعتزازي بمن وضع نفسه وتاريخه هناك على أمل تحقيق أهداف الإتحاد بنيّة بيضاء مثل كأسك ياوطن....أرى أن الإتحاد بحاجة إلى قادة جدد وشعراء جدد وقصاصين جدد وقانون جديد ومنهاج حزبي موحّدٍ جديد ،وحارس جديد للبناية، عيناه لاتشبه عيني (فارس) .....لأنني لاأحب العيون الزرق على وجوه تحمل شعرا طويلاً....الإتحاد  بحاجة إلى خلق  جديد لانجد فيه مكاناً للتهم المسلفنة التي تبدأ بالخصخصة والمصمصة .....بالقلم العريض نريد أدباء وقيادة لا يمسهم في الإتحاد نصيب من سهام التهم القديمو والجديدة(وهذا محال طبعاً)... أنا أتكلم عني فقط ،ربما تكون نظرة تشاؤمية مبعثها هذاالجو العراقي المشحون بالغضب.... أسأل نفسي :كيف يمكن لإتحاد أن يجمع أدباء تحت يافطة واحدة وكل منهم تحت سماء لاتشبه أخواتها....هل تجدني ظالما؟... أقول لك أنا أحبهم جميعا وهم طيبون...لكن الإتحاد بحاجة إلى أناس غير نقابيين ، يتعاملون مع  الأدباء على أن أصغر أديب عراقي منهم هو أكبر من جميع أسماء المعمورة.... بربك هل وجدت أحدهم يقدمك نجما كما يقدم المصريون أحمد عدوية مثلاً..... ذواتنا منتفخة مثل طبل فارغ... وأنواتنا التي تشبه لعّابة الصبر في طريقها إلى الإنفجار لاتسمح لأي كان أن يقدّم غيره في سفرة تافهة فكيف بتاريخ أدبي......  إذا لم يقدمني إتحاد أنا منتسب إليه فماحاجتي لمن لايعطيني وطنا أفتخر فيه بموهبتي إن كنت موهوبا.
 
*المؤسسة الثقافية العراقية هل تغير فيها شيء أم الاسماء فقط التي تغيرت ؟
- كان لدينا نصيف جاسم، بعثي واحد فقط،ووزارة ثقافة وإعلام بعثية واحدة فقط، الآن لدينا نصيّفون جاسمون وبعثيون كثر،ووزارات ثقافة وإعدام بعثية كثيرة... إنها تهمة الإستنساخ التي برعت بها المرحومة النعجة دوللي..... لم تنجب المؤسسة الثقافية إلا الأسماء التي لهجت بإسمها وأكثرت من الدعاء لقائدها الوحيد بأن يبقى في القصور، إلا أن الحظ الجميل نقله إلى الجحور)....أنها حفلة تنكرية ياقاصد...نزع الشاعر المبدع والراية العالية في تاريخ الشعر الصدامي وجهه القديم وأبدله بوجه المظلوم والمُبعد والمهمّش...أنهم يضحكون على الأحزاب ليفوزوا برضا اللحى والعمائم،وحين تفضحهم يعيدون كارثة ( عفا الله عما سلف)... إذن خذوهم في مكاتبكم الخاصة ولاتعطوا للقبح فرصة ثانية ليستطيل على أرواحنا... إذهب إلى وزارة الثقافة الجديدة وأنظر جيدا إلى إدارات الوزارات الثقافية جدا إبتداء من الملابس الزيتونية التي لاتحتاج سوى أن تلبس أنواط شجاعة العصر العنضريطي الأول..... جرّب تحت مبدأ الشفافية ان يسمح لك أحدهم أن تستمع إلى موسيقى نقالاتهم ،حينها ستعرف إلى أي مؤسسة ثقافية ينتمون..... رحم الله هتلر أنه كان من الوحدويين الذين ملكوا شجاعة أن ينتحروا ليحفظوا تاريخ الظلم.
 
*المطبوع العراقي الى اين يتجه ولنأخذ  الشؤون الثقافية مثلا؟
-  المطبوع يتجه خارجا،والطابعون يتجهون إلى الداخل...والكاتب يتجه إلى ربه رافعا يديه ....يستغفر الله الذي لاإله إلا هو..... الذي وضعه بين فكي رحى دار الشؤون الثقافية التي مازالت تحمل رائحة الشجون في وزارة محاصصية همها الأبتعاد عن المثقف غير المتحزب...
لنعيد ترتيب الفرضية حسابيا .... الكاتب يقف على أبواب العشرة المبشرة بالنشر.... لايسمحون له بنشر حكاياته التي تحكي نفاقهم القديم... لايد له في النشر...... سوى أن يقبّل أكف الأهداف التعبوية للخطة الخمسية التي ستنشر مطبوعه بعد إنتهاء الحكومات المؤقتة من مناقشة التأثيرات الجانبية لقضية الفيدرالية على صحة الحوامل في منطقة عقرقوف.... نفس الأسماء المناضلة القديمة عادت بالنظام القديم ،لكن بوجه مستعار وكأننا كنا في حفلة تنكرية....
هذا للطابع والناشر.... أما المطبوع فمازلنا في أول الطريق من حيث صيغة إخراج الكتاب العراقي الى السوق.... منذ عشر سنوات أتشهى أن أقرأ كتابا يخرج من رحم الشؤون ليدخل إلى القلب ...ولكن لاأرى أحدا!!
 
 
*في الصفحات الثقافية  هناك  ظاهرة  الاخوانيات والاعمدة المريضة في الصحف المرموقة ،هل هي البديل للصحافة السابقة؟
- الصحافة أشبه بالصورة الفوتوغرافية..... لك أن تبتسم حتى يشرق داخل ما في صفحة روحك.... هل توجد صحف مرموقة أو غير مرموقة مادام الحرف واحداً! مادمنا نتسقط الأخبار ونكتبه بالحبر الصيني.... ثم أي ثقافة تنقلها لك الصحافة سوى صياح الديكة كما يقول حمزاتوف... الصحافة الثقافية أشبه بإمرأة داعر همّها أن تجذب الزبائن لتفتح لهم!.... كل مثقف نحرير يمسك (علبة سلمون)والمحرر الثقافي يقف ليفتح له بعمودٍ، أو فقرة تكعيبية لثلج النص الشعري..... أعرف أديبا أدركته مهنة الصحافة.... كانت أعمدته تصطف مع عدد قناني الحبر والخمر على منضدته في إتحاد الأدباء العراقيين....وحين يصل الرعشة والذروة.... يتنزل الوحي الصحفي على مؤسسته التي يختلط فيها الأبيض والأصفر والجاجيك.... هل هذه صحافة ثقافية في صحيفة مرموقة!! لقد سرقونا ياقاصد (عيني عينك)...ولم يعتذروا منا لغفلتنا......