تناديك المصاعب للجنونِ...وترميك العواطف للظنونِ
وأنت تلوذ في بحرٍ عميقٍ...وتغرق في التصوّف و السكونِ
فيا قلبي الجريح كفاك عشقاً....وشوقاً ما سقاك سوى السجونِ
وكركرة الجماجم للسكارى...تَسَلَّقَ كأسها شجن الأنينِ
ونام على ذراعيها عذابٌ....يمزق فيك شريان الوتينِ
فمن أضناك دمعاً ليس حباً....تعانقه تجاعيد السنينِ
ولكنْ كان وهماً تشتهيه.... يطيل ولا يودع بعد حينِ
أليس لديك أحبابٌ وصحبٌ....ودارٌ تشتري ظُلل الغصونِ
فكيف أراك تخضع لانتظارٍ.....وربان السفين بلا سفينِ
فما غرك الهوى غير التذاذٍ .... من الآهات والحزن الدفينِ
لقد آذيتني يا حبَّ دهراً...ومما كنتُ أرغب من شجوني
أتيتكِ عند تهيامي ووجدي....وكنتُ صريح قولٍ يعتريني
وعصيانٌ يحاورني وشكٌ...وأعرف كالشموع ستوقديني
ولكني رضختُ لعذر قلبي...وهل تزهو الحقول بلا دجونِ
فلم أرَ مقلتيكِ ندتْ دماءاً...ولم أرَ خندقاً يطوي جفوني
ولا أدري لماذا اخترتِ قلبي...وعرض الارض واسعةٌ بدوني
طويتُ سنين عمري لا أبالي....لجأتُ إلى مدفنة الحنينِ
أودع قربها إلا فؤادي...وأنزع كل شئٍ من شؤوني
فما بعد المساء هناك صبحٌ....إذا شبح السما ناي الحزينِ
سماويون نحن إذا التقينا...وأرضيون في الغدر الطعينِ
على نغم الفؤاد دموع نبكي...ونرجو لليسار أسى اليمينِ
إذا السحب الدجينة عند غيثٍ...تنثُّ الرعد واقفة الحصونِ
لماذا نحن نحني الرأس كي لا....يصيب قلوبنا كيد العيونِ
فما جدوى الغرام يحوم قربي....إذا الأعماق ناعسة اليقينِ
فيا وجعاً وكأساً ذبتُ فيه....فمهما كنتِ مهما أن تكوني
فإني بعد هذا اليوم أمرٌ...طليق الروح حرٌ في شؤوني
فلن ألقي الشجون شبيه حالي....وحالي ليس من ماءٍ وطينِ
وقلبي لم يعد طيراً يغني...لمن يقتات أشلاء الجنينِ
وسوف إلى الخلاء أمد شوقي...أقبله وأعثر بالشجونِ
فيا كبدي على عمرٍ تبدى....ألملمه وتنثره ديوني |