ظهرت الكثير من الصحف الثقافية ومنذ وصول اول مطبعة للعراق وصدور اول جريدة عام 1869، وقد تركت تلك الصحف اثرا واضحا في الساحة الثقافية العراقية، وقادت حركات التغيير الثقافي وزرع الثقافة الجديدة في نفوس الشباب في كل عصر، بيد ان الفترة المظلمة التي مرت على العراق والتي قادها الفكر الدكتاتوري المنحرف، ادت الى ان تسلب الروح الحقيقية للصحافة الثقافية في تلك الفترة وان تطمس بثقافة التمجيد والتهليل لحروب الطاغية ونفسه المريضة، ومع سقوط صنم ساحة الفردوس، ظهرت الكثير من الصحف السياسية والثقافية، والتي لازالت اغلبها مع الاسف تعيش بتلك العقلية القديمة، لذلك اصبح لكل صحيفة كتابها الخاصين الذين يلائمون توجهاتها، واصبحت اخرى مغلقة الا من كسر الاسوار بطريقة او بأخرى، ورغم ظهور مثل هذه الموجة الزائفة من الصحافة الثقافية ظهرت هناك محاولات جادة وبجهود فردية لكسر الحصار وخاصة في المحافظات، وزرع قيم ثقافية جادة ورصينة، ومن هذه التجارب هي تجربة جريدة( المرسى ) في مدينة الشطرة التي يصدرها الشاعر خليل مزهر الغالبي والقاص محمود يعقوب وبجهود فردية خلاقة، وقد صدرمنها العدد صفر قبل فترة وجيزة ، وها هو العدد الاول يرى النور، والذي يضم بين دفتيه العدد الكبير من المواضيع الثقافية والادبية ، حيث تصدر الصفحة الاولى مقال افتتاحي حمل عنوان(نعم لثقافة الوطن) سجل فيها المحرر دعوته الى ترك التناحر، والتقسيم الطائفي والعرقي والتي رسخها السياسي بينما رفضها كل من الرياضي والثقافي والتمسك بالعراق الواحد لانه وحده الذي سيبقى( ليس غير العراق لنا نفسا وأنيسا وحلما)، او قوله( لم اعرف حسب الشيخ جعفر، او فاضل العزاوي سنيا كان او شيعيا، جان دمو او كزار حنتوش، ناهدة الرماح، او ازادوهي صاموئيل... لم اعرف حسين سعيد سنيا او فلاح حسن ، كما لااعرف نشأت اكرم او جاسم غلام، ولكني اعرف وبسرعة الضوء وزير الكذا وزارة سنيا، ووزير الكذا وزارة شيعيا وغيره كرديا)، كما تحتوي الصفحة على خبر احتفال منتدى الشطرة الابداعي بذكرى مرور سنة على تأسيسه ، تحت عنوان( عام على تأسيس منتدى الشطرة الابداعي)، وتحتوي الصفحة ايضا صورتان لتفجير شارع المتنبي. اما الصفحة الثانية فقد احتوت على مقال للفنان المسرحي (زين العابدين داخل) تناول فيه المسرحي (جوزيف شانيا) (شغلني كثيرا هذا ال(جوزيف شانيا) ذو الزورق المسرحي الصغير وما فيه من جمالية معالم مسرحه)، وضمت ايضا حوارا صحفيا مع القاص العراقي (موسى غافل الشطري) اجراه القاص (محمود يعقوب)، بمناسبة تكريمه في جائزة النعمان الادبية، وتناول الحوار اهم المحطات القصصية ، والتي قال عنها القاص (موسى غافل الشطري) رداً على محاوره (هناك تاريخ غير معلن، كان ذلك عام 1950 عندما طلب منا معلمنا في السادس الابتدائي المرحوم المربي الفاضل( عبد الحسين عيسى) ، ان نكتب موضوعاً انشائيا(...)أنذاك فاجأني الصف بترحيبه غير الاعتيادي بما كتبته (...) اما التاريخ المعلن، في سنة 1959 واصلت الكتابة في جريدة الاحرار)، وفي رد على سؤال المحاور عن اين يتوضح الرفض والمقاومة في قصصه، اجاب ( يتوضح في قصة (المغزل).. المراة التي تكافح من اجل استمرار العائلة في بقائها على قيد الحياة وتمردها على القيم التي سيدها النظام المقبور (...) وكذلك في قصة ( طارق الليل )...).
اما الصفحة الثالثة فقد ضمت قصيدة للشاعر رحيم الغالبي بعنوان (كاف الحنتوش) وهي قصيدة رثاء للشاعر المرحوم كزار حنتوش:
يا لبن الديوانية
جئت من الدغارة ابنا بار
يحلم ، يحمل للوطن بستانا
فوق حصان اعرج
دون خضار
وايضا ضمت الصفحة مقالة للكاتب سلام خماط بعنوان ( ابو حيان التوحيدي بين الدين والفلسفة) ، تناول فيها الكاتب حياة التوحيدي واهم الاضطرابات الفكرية والعقائدية التي رافقت حياته والتي كونت وعيه ( عند دراستي لشخصية – ابو حيان التوحيدي – وجدت هناك نقاط مهمة ومشرقة في اراء هذا الاديب الكبير مما دفعني الى كتابة هذا المقال).
وضمت الصفحة الرابعة من الصحيفة ايضا ، قصة قصيرة للقاص محمود يعقوب (غريب الصابئي)، وقصيدة للشاعر خالد خشان ( ثياب الامهات )، وايضا قصيدة للشاعر خلدون جاويد (ليت للبرق عينا) وموضوع اخر( عن جدلية الفكرة والصورة في شعر كافافي) لبنسالم حميش.
اما الصفحة الخامسة ففيها قصة قصيرة للقاصة ازهار علي حسين ( حلم ظفيرتي التائهة) ، وقصيدة للشاعرة رسمية محيبس زاير ( موت) ، وقصيدة اخرى للشاعر محمد رشيد عسولة ( رحلة اطلاقة طائشة ).
اما الصفحة السادسة فضمت موضوعا للاستاذ علي موسى جبر بعنوان ( نافذة على افكار العبث واللامعقول) ، وايضا قصيدة مترجمة للكاتب والشاعر الارجنتيني جورج لويس بورخس، ترجمة محمد فتاح التميمي بعنوان ( رثاء) وايضا قصة قصيرة للقاص وجدان عبد العزيز ( الليل الضرير)، وهنالك ايضا مقطع من ( مزرعة الحيوانات) لجورج ارويل بعنوان ( الى الحرية).
اما الصفحة التي تليها وهي السابعة فتضم، قصيدة للشاعر خليل مزهر الغالبي بعنوان ( اسمك) وايضا قصة مترجمة لنتالي ساروت، وقصيدة للشاعر فاضل العزاوي، ومقطع قصير لأحمد مطر، ومقالة عن الحلاج.
اما الصفحة الاخيرة وهي الثامنة، فضمت صورة للجندي المجهول القديم ، وموضوع احتل معظم الصفحة عن الشاعر العراقي مظفر النواب.. |