لم يسبق للشعب العراقي أن تعرّض نسيجه الإجتماعي للهتك والتمزق ، بالشكل الذي يتعرض له في المرحلة الراهنة .. وليس من شك في أن أكثر من يد أجنبية خفية وراء ما يحدث ، غير أن هذه اليد الأجنبية ، لا يمكن أن تتمكن من تنفيذ مشروعها التدميري ما لم تكن لها حاضنة داخلية من العراقيين توفر لها الغطاء والمعلومة والإرشاد ، ما يعني أن الأيدي الداخلية ، هي الأكثر تهديدا وضررا ، مما يوجب على العراقيين ـ جماهيروحكومة وقوى وطنية ـ ردم المستنقع الحاضن للجراثيم الخارجية أولا ، وليس توفير اللقاحات والأمصال ...
وبقدر تعلق الأمر بالقوى الوطنية العراقية المناهضة للإحتلال ـ بما فيها المسلحة منها ـ فإنه يتعين عليها في المرحلة الراهنة ، مقاتلة الإرهابيين والقضاء عليهم ، والنظر الى هذه المقاتلة على أنها الباب المفضي الى مقاومة الاحتلال في المرحلة اللاحقة ، في حال فشلت الجهود السلمية والدبلوماسية في وضع نهاية للاحتلال الامريكي وإنقاذ ما تبقى من ثرواتنا الوطنية التي كانت وراء مسيل لعاب ولهاث الادارة الامريكية .
فلكي تثبت المقاومة الوطنية ، للشعب العراقي ، حرصها على حاضره ومستقبل أجياله ، وعلى وحدة الارض والانسان العراقيين ، ولكي تغدو الجماهير الشعبية حاضنة لها وظهيرا ، فإنه يتعين عليها توجيه رصاصها الى رؤوس الارهابيين وحاضنيها من العراقيين ..فالإرهابيون أعداء لوحدة العراق أرضا وشعبا ، وللتكافل الإجتماعي الذي عُـرِف به الشعب عبر عصوره المختلفة .
صحيح أن الإحتلال يمثل خطرا حقيقيا على وحدة العراق وثرواته وعلى الكرامة الوطنية ... لكن الصحيح أيضا ، إن الارهاب لا يقلّ خطورة عن الاحتلال في ظل الظروف الراهنة ، وربما أكثر خطورة منه ـ لأنه يقدم للمحتل ما يحتاجه من ذرائع للبقاء أو تفتيت العراق وتحويله الى أرخبيل كيانات هشة .
قد يكون من الصواب القول إن الارهابيين هم أعداء للمقاومة الوطنية الهادفة الى تحرير العراق من المحتل الاجنبي ... فهم يخدمون المحتل حتى لو زعموا غير ذلك ،بل ومن غير المستبعد أن تكون للمحتل ، يدٌ خفية وراء ذلك ـ وإلآ ما تفسير قيام القوات الامريكية والبريطانية بإطلاق سراح مجاميع عديدة من الارهابيين المعتقلين من قبل القوات العراقية ؟ وما تفسير تهاون الادارة الامريكية في تجهيز القوات الحكومية العراقية بالمعدات والاسلحة الكفيلة بتقويتها ـ طالما اعترفت بلسان مسؤولي البنتاغون ، أن أسلحة الارهابيين ، أكثر فاعلية من أسلحة الجيش والشرطة ؟
المحتل يريد نفطنا ... والإرهابيون يريدون دمنا ... كلاهما شائن ... لكن نفطنا لن نستطيع المحافظة عليه لصالح حاضرنا وغدنا ، ما لم نحافظ على دمنا المسفوح هدرا من الارهابيين ... فلتوجه المقاومة رصاصها نحو رؤوس الارهابيين وحاضنيهم حتى يتطهر وطننا منهم ، وعند ذلك ، ستجد المقاومة الوطنية ، الشعبَ ظهيرا وسندا لها في مقاومتها للمحتل إذا أعلن العصيان وأبى مغادرة العراق ... وحينها ، لن تكون هناك مقاومة وطنية ، إنما : شعب مقاوم ...
هل سنسمع في الغد القريب عن عمليات نوعية تعلن فيها المقاومة عن قتل أولئك الأوغاد ودكّ كهوفهم على رؤوسهم ؟ هل سنشاهد لقطات مصورة لنسف مخابئ الارهابيين من ظلاميين وتكفيريين مطلوبين للعدالة ، تعلن فيها المقاومة مسؤوليتها عن تنظيف الوطن من تلك القمامات ؟
الشعب العراقي يريد دليلا يثبت فيه المقاومون أنهم ليسوا من جلادي النظام المقبور الذين أدمنوا رؤية الأبرياء مضرجين بدمائهم ...وليسوا من ذوي اللحى المخضبة بالديناميت الذين يرون في نسف ضريح إمام طاهر جواز دخول الى الجنة ، واغتصاب حرّةٍ عراقية ٍ، جـِزية ً حلالا ...
المقاومة الوطنية ليست فقط نسف عربة همر ... فقتل الارهابيين مستبيحي الدم العراقي ، أكثر مثوبة عند الله من تعطيل عربة محتل غاشم .
كان شعار القوى الوطنية العراقية ( أؤكد القوى الوطنية وليس أصحاب الحوانيت النضالية ) قبل احتلال العراق " لا للديكتاتورية .. لا للإحتلال "
فلماذا لا ترفع المقاومة الوطنية شعار " لا للإرهاب الظلامي .. لا للإحتلال "
على أن تشفع شعارها بعمليات تكنس فيها قمامة الارهاب ؟
الشعب الجريح المستباح ، يريد دليلا لا مجرد شعارات . |