إقدام السيد إياد علاوي ، على الإستقواء بالولايات المتحدة الامريكية ،لإسقاط حكومة نوري المالكي ، ليحلّ محله في رئاسة الحكومة ، هي ، عملية انتحار سياسي على الصعيد الوطني ، سيكون من الصعب عليه تجاوز انعكاساتها السلبية لدى الجماهير الشعبية والنخب الوطنية ... وقد ضاعف من آثارها ، لقاءاته السرية مع ما تبقى من قيادة حزب البعث المنحل ـ في وقت لم تجف فيه بعد دموع آلاف العراقيين من ذوي ضحايا النظام الديكتاتوري المقبور الذين لم يعثروا بعد على جثامين أبنائهم في غابة المقابر الجماعية ـ ما يعني أن هؤلاء الضحايا ، قد أذيبوا في الأحماض ، أو طحنتهم ماكنات فرم اللحم البشري ، أو أُلقي بجثامينهم الى الانهار .
في تبريره لفضيحة استئجاره شركة امريكية تعمل في مجال العلاقات العامة زعم السيد إياد علاوي ، ان الذي دفعه الى ذلك ، هو : حرصه على إنقاذ الشعب العراقي من واقعه المأساوي الراهن ، مضيفا ، ان لديه خطة عمل لإخراج العراق من النفق المظلم وما يتهدده من أخطار أكثر جسامة ومأساوية مما هو عليه الان ...
وعلى افتراض أن لدى السيد علاوي مثل هذه الخطة ، فإن الواجب الوطني والأنساني والأخلاقي ـ بل والسياسي ، يوجب عليه عرض خطته على البرلمان أو الحكومة العراقية ، أو حتى عبر منبره الاعلامي ـ خصوصا وأن لكتلته السياسية تمثيلا برلمانيا وحكوميا ، وليس التكتم عليها ... فالوطني الحريص على شعبه ووطنه ، لا يقف على التل مكتفيا بالتفرج على غرق السفينة ـ إنما ، مدّ يد العون والدعم لكل ما من شأنه إنقاذ السفينة من الغرق وليس المساومة على كرسي السلطة !
الأمر نفسه بالنسبة للسيد ابراهيم الجعفري والذي ما فتئ هو الاخر يتحدث عن أن لديه برنامج عمل من شأنه وقف التداعي الخطير في جدران البيت العراقي ـ فإذا به يتحدث عن النية في تأسيس تكتل سياسي جديد ، ليتخذ منه حصان طروادة يُدخله حجرة كرسي رئاسة الوزراء ...
خطط الانقاذ ـ على ما يبدو ـ لا يجوز الاعلان عنها إلآ من على كرسي رئاسة الحكومة ـ الأمر الذي يقود الى الشك لا بوجود خطط إنقاذ مزعومة فحسب ، إنما وبتخلصهم من المطامح والمنافع الشخصية ، ومن عاهة النرجسية المفرطة ..
لقد أبدى السيد نوري المالكي استعدادا لمناقشة كل ما من شأنه المساهمة في إخراج العراق من النفق المظلم .. فلماذا لا يجلس المعنيون الى طاولة مستديرة واحدة ، بدلا من الاستقواء بالأجنبي ، أو بتأسيس تكتل جديد يضاف الى ارخبيل التكتلات المتناحرة الراهنة ؟
من المؤسف ، أن الإرهابيين والظلاميين والتكفيريين وبقايا الصداميين واللصوص ، ينجحون في توحيد صفوفهم وفي زيادة الاقتراب من بعضهم البعض ..... أما دعاة الحرية والديمقراطية ودولة العدل والمساواة ، فإنهم يزدادون تشرذما وتناحرا للإستحواذ على بقايا فتات السلطة دون أن يدركوا أنهم ينتحرون سياسيا ... |