ما ان يتكلم فنان أو شاعر أو قاص أو موسيقى عن تاريخ الحركة الفنية والثقافية في الناصرية حتى يقفز إسم الفنان الراحل عزيز عبد الصاحب
فهو شاعر وله ديوان مطبوع عنوانه (صحبة ليل طويل) وكاتب مسرحي له اكثر من عشرة نصوص قدمتها الفرقة القومية للتمثيل التي يعد أ حد مؤسسيها مع الراحل الفنان حقي الشبلي عام 1968و من اهمها: رجال المسافات و شجرة العائلة و ابن ماجد و الجوهرة وليلة ً واين هم الآن؟ ورغيف على وجه الماء، وانطقي يا ابنتي و الرائحة والباب العالي وخروج بشر بن الحارث حافيا الذي كان يعتز به كثيرا
وعزيز عبدالصاحب المولود عام 1938 ممثل جسد العديد من الشخصيات على خشبة المسرح بدءا من مسرحية (وحيدة) لموسى الشابندر و(نشيد الأرض ) و
(مسافر زاده الخيال) عن انطوان تشيخوف وكذلك مثل في الاذاعة والتلفزيون
وله جهود في النقد والبحث
كنت كلما أقابله في اتحاد الأدباء كونه عضوا فيه أو في المسرح الوطني او منتدى المسرح أو مسرح الرشيد خلال الثمانينيات أراه حاملا كتابا في الشعر العربي القديم او الحديث أو في التصوف الذي شغله كثيرا
وكان مرهف الحس , ميالا للتأمل والصمت ,ومن خلل هذا الصمت ترى روحا شفيفة حزينة
وأذكر إنني رأيته مرة في كافتيريا دائرة السينما والمسرح ساهما , فسألته عما
يشغله فقال " هزتني آية في القرآن الكريم من أعماقي "
سألته عنها فقال " قوله تعالى (والقيت عليك محبة مني )" ثم بدأ يتكلم عن المحبة هذه الهبة الإلهية العظيمة التي لن تكتمل الا بمحبة الله سبحانه وتعالى
متألما لغياب المحبة بين الناس حتى كادت دموعه أن تسقط من عينيه
هذه الروح المرهفة من الطبيعي أن لا تتحمل ما يحصل أمام عينيه من كوارث ومصائب وبهذا
لفتت نظري جملة قالها الفنان عزيز للقاص محمد إسماعيل خلال تدريباته على مسرحية(انتبه..قد يحدث لك ذلك( :" ان صوت الانسان سيعلو ،فما من صوت يعلوعلى صوت الحقيقة"
مضيفا " وينتهي الهزيع الاخير لكن لابد من اتمام الرحلة ..رحلة الفن و العمر فلا نموت الا ونحن واقفون فوق خشبة المسرح "
وقد ظل يواصل أنشطته ومتابعاته وعمله دون كلل من خلال متابعاتي المستمرة للحركة الفنية والثقافية في بلدنا بل وبإصرار معاندا جسده المتعب
كان عزيز ..مسافرا زاده المحبة والجمال
كان يحلم أن يموت مثلما مات الرائد جعفر السعدي و الدكتور عوني كرومي على خشبة المسرح ولم يمت بعيدا عنها فقد كان ممسكا بكتاب او ورقة , ربما ,
أو ممسكا ياقة أحد شخوصه المسرحية ..مات الفنان عزيز ليبقى إسمه محفورا في ذاكرة الثقافة العراقية. |