- ليس غريباً أن تجري الحياة هكذا مجبولة علي فطرة الصراع، ويظل الإنسان كائناً أمامه تتمثل ثنائية (قابيل/ هابيل)، وعلي هذا ظل الغراب شاهداً.
الغراب هو (الكاميرا) أو عين الكاميرا وهي تراقب وتشهد، لولا الرقيب الراصد لسابت الدنيا وطمست الحقائق. تحدثوا عن أماكن لطمر الناس وحقول الابادة الجماعية والقتل اليومي والتمثيل بوحشية تندى لها الأقوام البريرية والهمجية والوثنية ..... وكان لابد من شاهد أيضاً.
أيها الغراب الشاهد، أيتها العين الراصدة، من أنت؟ أهو القانون الذي لا يعرف مبناه ولا معناه، القوانين الوضيعة، القوانين التي يصنعها الساسة ويصفونها بالقوانين (المطاطية) ؟، القوانين التي يجري تكبيرها وتصغيرها بحسب الغاية التي تبرر الوسيلة. ترى متي احترمت القوانين والحقوق؟ إذ ديست كرامة الإنسان تحت رايات التحضر والديمقراطية واحتقرت القيم علي يد الدول الكبري والعظمي والإمبراطوريات والمافيات والشعارات الشوفينية التي تتشدق بقيم سامية زورا وبهتانا . وظل الصراع هو الصراع. والغراب هو الغراب.
(هيومان رايتس ووتش) أو مراقبة حقوق الإنسان و(امنستي) العفو الدولية، شاهدان آخران ، (غراب) عصري جديد، في مشارق الأرض ومغاربها، النساء تغتصب، والأطفال يستخدمون في الحروب، والأبرياء يقتلون بالجملة بالمفخخات والأغتيالات ، والسجناء يعاملون ببشاعة، ودور العبادة تنتهك،والناس تهجر وتترك اغلى ماتملك : البيت والوطن ، والغراب هو الغراب. فلا عين رفت ولا قلب حزن.
إذا يوم سبا هتلر من سبا ويوم تسلق ستالين سلم السلطة علي الجماجم الآدمية، وكذا سار علي النهج نفسه عشرات المتوحشين والمجرمين علي مر العصور. وظل الغراب هو الغراب.
دول وأحزاب أدخلت الحيوان رمزاً لها: الحمار رمز لحزب أمريكي، والفيل رمز لحزب آخر والكنغر لصيق بقارة من القارات والنمر رمز لبلد آسيوي والنسر علامة قوة وبطش كثير من الدول المتهالكة التي لا تبطش الا بفقرائها ومعدميها وهم علي أبناء جلدتهم أسود. لكنني لم أسمع عن دولة اتخذت الغراب شعاراً أو رمزاً، ويا ليت من له علم بهذا أن يرويه للناس. فلو صح هذا لقيل لا خير في دولة غراب البين.
ثم انني لا أدري فيم التطير من هذا الغراب ، والغراب طائر لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً، خرج من البيضة كسائر الطيور وفتح عينيه علينا ونحن نتصارع، فلماذا العنادل وطيور الحب والهزار لها ما لها من مكانة وود ودلال فيما الغراب منبوذ مكروه؟ هي حالة قريبة من حب إحدي الكاتبات للبوم واطرائها له فيما الناس تتطير منه أيضاً. لكن القصة بالنسبة للغراب هي في تلك العين البصيرة الشاهدة علي صراع الارادات والمصالح وأقطاب القوة وعلي الوحشية والبشاعة، لهذا استبعد الغراب كي يبقي الطبق مستوراً.
القتل الوحشي والأبادات اليومية تتواصل حتى (النصر والتحرير ووعود الديموقراطية والمن والسلوى )السجون والأقبية مغلقة والاعتقالات بالجملة وحالة الطوارئ قائمة. وملف الإرهاب لا يراد له أن يغلق. هكذا يقولون. والغراب يسجل كل هذا ويشهد. ولهذا شتمته القوي العظمي كما شتمه الأقزام والصعاليك من مصاصي الدماء الذين اغوتهم الفضائيات العربية وجعلتهم يصدقون انهم فلتة من فلتات الزمان . أقصد غراب البين هذا!
حتي صار كل من يصدع بالحقيقة هو غراب ، الذي لا يستحق الا اللعنات والتشنيع.
لكن من المسؤول، من الذي يفترض أن يساءل ويحاكم، فالطغيان هو الطغيان.. والظلم هو الظلم.
والغراب الشاهد البريء هو الغراب ولو كان غراباً.
-
· http://dimension4future.blogspot.com/
· Dimensions_man@yahoo.com |
