جاء في اتصال هاتفي لقناة الشرقية مع السيد سعد اسكندر ، مدير دار الكتب والوثائق العراقية يوم 15 آب 2007 ، إن مجموعة من الحرس الوطني داهمت مبنى الأرشيف في 8-8-2007 فقد احتلوا المبنى منذ الصباح الباكر وحتى الساعة الثامنة والنصف مساء من دون تقديم ما يثبت تخويل تلك القوات عملهم ذاك.
وقد أبدى المدير خشيته من أن تكون المكتبة التي تمثل الذاكرة التاريخية للعراق المعاصر قد تعرضت للنهب سيما والدار تحوي على ملايين الوثائق والنفائس والكتب التاريخية منذ عهدي الاحتلال العثماني والبريطاني.
علما سبق وان فقد ما نسبته 60 % من الوثائق- والحديث للسيد مدير الدار - وبخاصة تلك التي توفرت أبان النظام السابق كذلك 25 % من نفائس موجوداتها أثر الاحتلال. تم استعادة 300 كتاب نفيس لحد هذا التاريخ وهو لا يشكل الآ جزء قليل قياسا لما فقد. هذا وقد أشار إلى بعض النواقص المهمة التي تحتاجها الدار من الرعاية والخدمات والتخصيص المالي لسد النواقص.
ولو سلمنا القول إن ما أعلن يحمل ردة فعل إعلامية أرادت لفت الانتباه بخطورة مثل تلك التجاوزات والتذكير بأهمية الحرص على الدار والمقيمين عليها.. يبقى حرص المعنيين من مؤسسات ثقافية ومجتمع مدني وغيرها العمل على حماية الدار والحث على أخذ التحوطات الضرورية لمثل هذه المحاولات التي لم يكشف النقاب عنها ولا من يقف ورائها من أطراف أو حتى الكشف عن هوية من تسلل بملابس الحرس الوطني ليعبث ما يشاء دون رادع أو رقيب مما يعكس بوضوح لا مبالاة خطيرة.
فمن غير المعقول أن تفوت مثل تلك الحادثة باعتبارها وضع عابر تجنبا لتكرارها مستقبلا والتحقيق في السبب الذي دعا تلك الجماعة المسلحة من احتلال المبنى كل ذلك الوقت ؟
مثل هذه الخروقات والتجاوزات التي تحدث والتي وصلت إلى المنطقة التي تسمى ترفا بالمنطقة الخضراء رغم تواجد مكثف من عدد ومعدات وعساكر أجنبية وعراقية تعذر عليها استمكان مصادر قذائف الهاون ، أجد من الأهمية أن يسارع المسئولين في وزارة الثقافة ومن هم على قمة الهرم السياسي ومجلس البرلمان بضرورة الاهتمام بخزين الذاكرة العراقية وإبداء كل ما من شأنه حماية الموجودات الحضارية والأخذ بعين الاعتبار إدراج موضوع تعزيز دار الكتب والوثائق العراقية ما يضمن ويليق بسلامة مثل تلك الوثائق والموجودات من النفائس وغيرها بحفظها داخل غرف مانعة للحرائق ومقاومة للأنفجارات والمتغيرات البيئية والتي تماثل ما معمول به في البلدان المتقدمة.
وهنا أود أن ألفت النظر حول التعامل مع الأعلام باعتباره سلطة حرة مستقلة له أهميته كأعلام حر في أن لا يتجاهل المسئولون ما يثيره الأعلام من ملاحظات ذات خطورة كهذه وأن يقدروا مثل ذلك الرصد متجاوزين ما يروه " مشاكسات استعدائية" دون مخافة ما يؤشر من تجاوزات وسلبيات .. والتجاوب مع كل ما يساعد في إنقاذ ما يمكننا إنقاذه سيما ونحن في دوامة الانتقال إلى الديمقراطية وهو أمر يقضي التفهم والتدبر.
لا بأس الأخذ بملاحظات من يعمل على تنبيهنا - حتى لو أحتمل المبالغة - فمن دون حرصنا على بعضنا وعلى بلدنا سيلغى - لا سامح الله - كل ما يتعلق بذاكرتنا العراقية .. تأتي المواطنة الحقة من حرصنا جميعا على أمن وسلامة مكونات تاريخ وجودنا.. هناك من يتربص بنا لينال من عمق حضارتنا من باب ضعف ذاكرته وتاريخه وحضارته هو.
والأعداء كثر .. فلنقلصهم بتكاتفنا وتعاضدنا وبرابط محبتنا لكل ما هو عراقي وأن نغلّب حس المواطنة العراقية على كل ما عداها فمن دون ذلك المسعى الجاد والحقيقي نبقى متشرذمين فيُشمت بنا. |