متابعتي للوضع في العراق يرشدني الى إلاشكاليات الكثيرة التي تعيق حركة المجتمع وهنا سوف اتوقف عند القوميات الصغيرة غير المسلمة بشكل خاص التي تناظل في سبيل حقوقها, إذ أن الصراعات الدولية والإقليمية تدور اليوم في الساحة العراقية بقوى عراقية وأخرى عربية وأجنبية في آن واحد. فالمجتمع العراقي في المرحلة الراهنة يعاني من مشاكل كثيرة معقدة ومتشابكة وذات تأثير مباشر على وجهة تطوره الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية . الثقل الاكبر لهذه الصراعات وقع ويقع على القوميات والفئات الصغيرة التي لاتستطيع ان توحد وترسم لها ايدلوجية موحدة سوف اوضح ذلك . وما يعيشه المجتمع حالياً هو حصيلة فعل وتفاعل تلك التناقضات والصراعات الدولية والعربية والاسلاموية التي تتجلى في الأحداث اليومية والقتل العشوائي والخراب المتفاقم وعدم القدرةعلى توفير مستلزمات الخلاص منها. فالمجتمع العراقي يواجه اليوم:
الارهاب الدولي يحاول السيطرة على الدولة العراقية بكل اساليبه من اشاعة الفوضى والرعب والتفجير والنهب والاغتصاب والاعتداء على اعراض الناس وللقوميات غير المسلمة حصة الاسد من هذا الارهاب مثلا كانت مدينة الدورة غالبية سكانها من المسحيين الان قتل واغتصب وهجر بالقسر الالاف منهم و هكذا الحال مع البصرة والموصل.
السياسة التي تمارسها الدولة الإيرانية الإسلامية التي تصطدم مباشرة مع سياسة الدول العربية الاخرى المجاورة وتتناقض وتتعارض مع مصالح الشعب العراقي الوطنية حيث اخذ الصراع السني الشيعي يتوسع اكثر واكثر على النطاق الدولي وتجري التدريبات العسكرية والسياسية والثقافية على ارض العراق . والجامعة العربية لاتحل ولا تربط متقوقعة على نفس فكرها القومي العربي المتخلف ولا تستطيع ان تخرج منه وهي تفقد هيبتها اكثر فاكثر بل احيانا تتخبط لتأخذ الجانب الديني الطائفي وبهذه الحالة يكون ضحية هذه الستراتيجية المريضة "القوميات غير العربية غير المسلمة في المنطقة" . الجامعة العربية لا تريد فعلا ان يستقر الوضع في العراق بالاحرى هذه الجامعة تشعر ان كلمة الديمقراطية هي عدو لها مثلما تشعر القوى الدينية المتطرفة التي تتصارع لتبقى في السلطة لفرض الشريعة الاسلامية بقوة القنادر التي ذكرها المشهداني الفاشل.
في داخل العراق هناك تكالب امام اعين الناس واعين الجميع على سرق اموال العراق من قبل الاحزاب السياسية وعلى رأسها القيادات الحزبية السياسية منها من هي متمثلة في الحكومة وميليشياتها وعلى راس هذا النهب والسلب هي ايرادات النفط والغاز العراقي . وايرادات المخصصة لاعمار العراق .
يفترض إجراء تعديلات في الدستور في ما يخص تحقيق المساواة الدستورية التامة بين المرأة والرجل في كل الميادين والمستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية والفنية والعسكرية دون استثناء وهنا اخص بالذات المادة 41 التي تعمل لتمزيق وحدة العائلة العراقية وتأخذ بالمراة الى تطبيق الشريعة الاسلامية . المراة غير المسلمة غير معنية بهذه الشريعة لامن بعيد ولا من قريب بل ستفرض عليها من الجانب الديني المتطرف . ولم تسمح القوى الدينية المسيطرة المتطرفة لان يكون لهذه الفئات الصغيرة رأي بهذه القضية او تلك علما انها صاحبة المصلحة الحقيقية في تعديل هذه المادة والمواد الاخرى ايضا الخاصة بشؤون المواطنة العراقية .
ولا شك في أن هناك الكثير من الحقوق والواجبات التي يفترض أن تنظم وأن ينص عليها، سواء أكان ذلك في التعديلات القادمة للدستور الدائم أم في قوانين خاصة أم في نظم وتعليمات إدارية. وأرى بأن علماء الدين الأوفياء لدينهم، ولشعوبهم ووطنهم وقيمهم السليمة يمكنهم أن يلعبوا دوراً مهماً وحيوياً، ويفترض أن يلعبوه، لصالح تنوير المرأة والمجتمع والمشاركة في العملية التنويرية الدينية والاجتماعية لصالح المبادئ والأسس التي تتماشى مع اتجاهات تطور المجتمع البشري بعكس ماموجود حاليا اذ الدستور العراقي نسخة من مبادئ ولاية الفقيه .
في مقابل هذا الواقع المتشابك للتناقضات والصراعات اليومية نلاحظ الوقائع التالية من طرف آخر, وهي:
كل حزب سياسي من احزاب كلدواشور سريان يريد ان ينفرد بالساحة السياسية ويجعل نفسه ممثلا لهذه القومية ويريد ان يلغي الاخر والاهم من ذلك لايريد ان يسمح للمجتمع المدني ان يعبر عن رايه بالعملية السياسية .
غياب فعلي لإستراتيجية واضحة للقوى الكلدواشورية سريانية الديمقراطية العراقية, إضافة الى ضعف دورها وتأثيرها في أحداث العراق وعلى مستوى الدولة والمجتمع , وخاصة مع العناصر الاكاديمية والمثقفة الديمقراطية من هذه القومية . من مصلحة هذه القومية ان تربط مصيرها بمصير القوى الديمقراطية العراقية عامة لان فقط القوى الديمقراطية هي التي تقف حليفة لهذه القوميات والشعوب الصغيرة . تستطيع ان تبقى على ارض وطنها الاصل في ظل وجود الديمقراطية الحقيقية ودحر الفكر الديني المتطرف الذي يريد ان يلتزم بالعادات القبلية المتخلفة لتمرير افكاره . قسم من هذه الاحزاب تتمايل الى سياسة وايدلوجية قومية متعصبة هذا مما يعمل الى تفكيكيها ايضا . وفي هذا الجو المشحون فهي الاخرى " القوميات الصغيرة ومنها الكلدواشورية سريانية " تتخبط غير كفوءة او قديرة لجمع شمل هذه الفئة التي تنتمي الى دين واحد لكن تمزقها المذاهب الدينية والى حد ما اللهجات المحلية المختلفة , كما يمزقها موقعها الجغرافي اذ يقطن ابناء هذه القومية من شمال العراق حتى جنوبه ففي الجنوب يختلف تماما عن الذي يعيش في كردستان او في سهل نينوى . اما القسم الذي هاجر البلد منذ سنوات وبضمنهم بعض المثقفين والسياسيين يفضلون مصالحهم الشخصية ويحاولون فرض نفسهم على الساحة العراقية رغم ضعف قاعدتهم الجماهيرية .
غياب فعلي لدور فعال ومؤثر ويومي للمثقفات والمثقفين كلدواشوريين سريان من المستقلين في العراق ودور السياسيين في تغييب وعزل هذه الفئة المتنورة عن فئات المجتمع الأخرى واضح جدا والتي تقود إلى بروز إشكاليات جديدة بين هذه الفئات والسياسيين وكان اجتماع عنكاوة اكبر دليل على ذلك . ويعد الكادر الاكاديمي والثقافي من القوميات غير المسلمة كادر مهم على مستوى العراق بشكل عام ويشكل نسبة كبيرة لكن لم يعطى له المجال اولا ,ثانيا لم يزج معظمه في هذه العملية المعقدة وهو الاخر مغبون كجزء من فئة المثقفين المغلوب على امرهم على مستوى العراق اجمع رغم ان اقلامهم تكتب ونشطة لكن لازالت ثمارها غير مرئية امام العنفوان الارهابي من جهة وعنفوان القوى الدينية المرسلة من الدول الجارة على عموم العراق .
عقد اجتماع عنكاوة واراد ان يجمع القوى الخيرة المثقفة واذا بالاحزاب السياسية تتصارع لافشاله وتتدعي ان هذه خطوة غير ناجحة لانها مدعومة من الجهات والاحزاب القوية . لكن اطالب من الذين يحاولون ان يجمعو شملنا ان لايقعو تحت تأثيرات اية احزاب كانت من الشمال حتى الجنوب . لو حكم القانون في العراق اعتقد القوميات الصغيرة تنتعش وتمارس الديمقراطية بعيدة عن سيطرة القيادات الحزبية وبما فيها الاحزاب القومية لهذه القوميات الصغيرة . وتخطأ الاحزاب والمجموعات السياسية التي كثرت الان ان تنفرد بنفسها وتهمش المثقفين والمجتمع المدني .
ضعف مشاركة المرأة في مجمل العملية السياسية, الان بدأت تظهر بعض الاسماء النسوية الكلدو اشورية سريانية النشطة على المستوى السياسي والثقافي والاجتماعي والفني الادبي وهذه ظاهرة صحية . اما المراة غير المسلمة في البرلمان اذا تواجدت فهي ضعيفة الخبرة السياسية اولا , وثانيا منها غير موجودة اطلاقا مثلا اليزيدية الصابئية الشبكية .
إن الشعب العراقي الكلدواشوري سرياني , سيكون في طليعة هذا الركب الإنساني الحديث. هذه طاقات وإمكانيات كامنة يفترض تفجيرها بعناية كبيرة ورعاية تامة ووعي بالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق الجيل الجديد من الشابات والشباب لخدمة بلد الام لهذا الشعب العريق بتاريخه الحضاري , ولكنها تبقى مهمة الجميع. وتحقيق ذلك يستوجب بدوره تغيير بنية الاقتصاد التي ستساهم بدورها في تغير بنية المجتمع ووعيه الاقتصادي والاجتماعي وثقافي وقدرته على تحمل المسؤوليات وممارسة الحقوق وأداء الواجبات بشكل مترابط وموحد .
من مصلحة هذه القوميات والمجموعات غير المسلمة ان تعقد اجتماعات مع بعضها يشمل المثقفات والمثقفين الكفوئين بقضايا الدستور وتطرح مطالبيها بالتعاون مع ممثليها في البرلمان .
غرق السياسيين بايجاد تسمية لهذا الشعب الذي يقتل ويذبح ويهجر بدلا ان يفكرو بجمع شمل وانقاذ هذا الشعب المذبوح . |