نسيمٌ من ربيع البوح صوتي
يمرُّ على بيوتات المدينة ،
فتزهر اعين الجدران حولي .
خرائطه الينابيع الفتيه
وبسمات الضحى زاده .
مضى والبرق عُكازٌ
يقود به قطيع الماء سراً
تعَّجل صبيةُ الاشجار منه ،
مواسمه الندية .
وكان الليل مفترساً ،
يُصفَِّد في جبيني ،
صباحات الهطول … !!
(( ويثرب ما تزال بعيدة ))
أحاط الليلُ وجهي
والصحارى حرَّضت أتباعها ضدي .
تحوك الرملَ ايديها فخاخاً .
تعدُّ خطو أنفاسي عليّ
بينما الظلماءُ تحترف الوشاية .
تخطّيتُ الشعابْ
فأبصرتني نقطة التفتيش ،
وكانت محنة الزيتون ظلي
فهربني يتامى البحر ليلاً … !!
مضيتُ الى رجائي
يسوّرني كتاب في يميني .
وتحرسني تراتيل الحجارة .
أتم الطيرُ في شفتي بريده
وطار قباله الساحل .
أهمُّ قاصداً فجري القديم
أصَلي عند مشرقه ،
واسأل عن نهارٍ كان يعرفني .
رأيت النخل منحدراً اليّ ،
بلا ثوب الفواخت .
حزيناً ترحل الانهار عن فمه .
رمت اكتافه تمر الرماد ،
وهش الجدبُ اسرابَ البساتين .
- ولم تبطل نبوءة هدهد الماء -
لقد نسي السُرى معراج خطوي .
وما صلت طريقٌ بي جهاراً ،
حين أجلت السواقي كل طهر .
وفرت من سماواتي نجومٌ
تشيحُ بوجهها عن دمعه الفجر .
- ولم تبطل نبوءة هدهد الماء -
يصيد الرملُ مشتعلاً جناحيه
وايدي الريح تنتفُ قطرةً … قطرة .
(( ويثرب ما تزال بعيدة ))
نسيمٌ من خريف البوح صوتي .
يمر على بيوتات المدينة ،
فيوقد غصة الفقد .
وقد قنص الذهول على شفاهي ،
عصافيرَ المواويل ،
فغّنى صبحها الدامي :
(( ورثنا سدرة العودة
فطلّقت الصحارى خطونا
ونمت قريشٌ من أغانينا ))
فأصرخ في مدى الوحشة :
متى تأتي الدروب مرايا
تحفظ الميعاد .
خلف سواتر الذكرى … ؟
متى تسترجع الاشجارُ
ظل حمامها … !؟
كيف الوصول … وأين مرساها
يشط الرمل عن ميقات اسئلتي
يحجُ الى كلام النار ،
يدخل ابجديات الغياب .
وينأى عن تعاليم المياه .
ولم يهب التراب لي الدليل
ولن تلد المياه لي الجهات
غريبٌ …
كلُّ ما حولي ضياع يشتهيني .
وقد ملَّ الطريق شحوب لوني
وجف على شفاه الغيم رملي .
وشح العمر مني يا آلهي .
(( ويثرب ما تزال بعيدة ))
أرتّقُ بالتصبر جرح قلبي
وأدري ان ما بيني وبين بريقها
ليــلٌ
عقيــمٌ
وأنطفـاء …
aliart2@yahoo.com |