... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  في السياسة

   
التحالف الطائفي القومي لن يُوصل العراق إلى شاطئ السلام

حامد الحمداني

تاريخ النشر       20/08/2007 06:00 AM


الأزمة العراقية السياسية والأمنية المستحكمة تدخل في عنق الزجاجة من جديد، بعد أن تمخض اجتماع قادة الأحزاب الدينية الشيعية الطائفية مع قادة الأحزاب الكردية القومية عن تشكيل ما دعته هذه القيادات بتشكيل جبهة المعتدلين!! ، بغية إنقاذ حكومة الشراكة القائمة حاليا، هذه الجبهة التي هي في واقع الحال ليست جديدة كما يدعون، بل هي قائمة منذ إعلان نتائج الانتخابات الأولى التي جرت في البلاد ، والتي أفرزت كما هو معروف للجميع استقطاب ديني شيعي طائفي ترتبط معظم أطرافه بوشائج متعددة مع النظام الإيراني، واستقطاب طائفي سني ضم حوله عناصر مرتبطة بالنظام السابق،يرتبط بروابط مع النظام السعودي أو السوري، ويحتضن جانب منه عناصر القاعدة الإرهابية المجرمة، واستقطاب قومي كردي بقيادة الحزبين المهيمنين على الوضع في كردستان العراق منذ نهاية حرب الخليج الثانية عام 1991 ، وقرار الولايات المتحدة وبريطانيا بتأمين الحماية الجوية لمنطقة كردستان، وتمكين القيادات القومية الكردية من إدارة شؤون الحكم فيها، ومن المعروف لكل المتتبعين لتطورات الوضع السياسي في العراق أن المحافظات ذات الأغلبية السنية قد قاطع جانب كبير من أهلها تلك الانتخابات خوفاً من سطوة الميلشيات والعصابات الإرهابية المرتبطة بالنظام الصدامي التي كانت وما تزال تمارس جرائم التدمير والقتل في مختلف المدن العراقية، باستثناء منطقة كردستان، في محاولة لها لاستعادة السلطة من جديد بعد أن فقدت امتيازاتها بسقوط نظام البعث بقيادة الدكتاتور صدام حسين .

لقد استخدم ائتلاف قوى الإسلام الطائفي الشيعي خلال الانتخابات عوامل التأثير الديني والطائفي والمرجعية الدينية، وما دعته بمظلومية الطائفة الشيعية، وكأنما اقتصر ظلم صدام ونظامه على طائفة بذاتها أو قومية بذاتها، كما استغلت التخلف الخطير الذي خلفه نظام البعث خلال أربعة عقود سوداء في المجتمع العراقي لتحقيق تلك النتيجة، حيث حصلت على ما يقرب من نصف مقاعد البرلمان .

وعلى الجانب الثاني في التحالف الذي ضم الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة السيد مسعود البارزاني، والإتحاد الوطني الكردستاني بزعامة السيد جلال الطالباني، اللذان تقاسما مقاعد البرلمان على الرغم من شمول التحالف الكردستاني على العديد من الأحزاب الكردية الأخرى التي لم تحصل إلا على الفتات في تلك القسمة المعروفة. وقد حصل التحالف على أكثر من سبعين مقعداً، وبذلك وجد قادة التحالف الكردستاني أن مصالحهم تقتضي التحالف مع قوى الإسلام الطائفي الشيعي حيث يشكلان معاً أغلبية في البرلمان المنتخب، وبالتالي يستطيع التحالف الكردستاني فرض شروطه، وتحقيق أجندته من خلال استئثار التحالف الشيعي الكردي بالسلطة، وتقاسم المراكز السياسية القيادية في الدولة، وسائر الأجهزة الأخرى، ومن ثم تنفيذ أجندتهما المتمثلة بتقسيم العراق، وتقاسم ثروته النفطية بموجب ما يسمى بالفيدراليات التي نص عليها دستور بريمر السيئ الصيت، وثبتها الدستور الجديد الذي تم وضعه من قبلهم، بعد أن جرى اتخاذ دستور بريمر أساسا للدستور الجديد، مع إضافات طائفية فرضها التحالف الطائفي الشيعي ، وكذلك من خلال تنفيذ قانون النفط والغاز، وكانت النتيجة تعميق الشرخ الذي أصاب المجتمع العراقي في الصميم ، ورفع من مستوى العنف والنشاط الإرهابي في البلاد ، والذي حول حياة المواطن العراقي إلى جحيم لا يطاق، وشرد أربعة ملايين مواطن من ديارهم هرباً من بطش القوى الإرهابية وميليشياتها ، وإفراغ العراق من كوادره الطبية والتعليمية ، وهروب رأس المال العراقي إلى دول الجوار، وتدهور كافة الخدمات المدنية والصحية والتعليمية وانهيار الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.

ورغم الضغوطات التي مارستها الإدارة الأمريكية على جانبي التحالف لإشراك قوى الإسلام الطائفي السني في العملية السياسية، والوعود بتعديل مواد الدستور المتعلقة بموضوع الفيدراليات، وقانون النفط والغاز،واجتثاث البعث، وحل كافة المليشيات ،وموضوع المشاركة الفعلية في السلطة وإدارة شؤون البلاد، لكن إي إجراء من هذا القبيل لم يرَ النور ، بل على العكس من ذلك مارست القيادة الكردية أساليب التهديد والوعيد بشن الحرب الأهلية [الحقيقية] إذا لم تنفذ المادة 140 من الدستور المتعلقة بمحافظة كركوك ، كما يسعى المجلس الأعلى بزعامة الحكيم إلى تثبيت واقع على الأرض في مناطق جنوب ووسط العراق لتحقيق أجندته بفرض الفيدرالية المشبوهة .

وجاءت الجريمة الكبرى التي اقترفتها قوى الإرهاب الفاشية بتفجير مرقد الإمامين العسكري في سامراء لكي تدفع قيادة الإسلام الطائفي الشيعي ميليشياتها ومناصريها لشن حملة قتل وتهجير لم يسبق لها مثيل ضد ابناء الطائفة السنية، واستهدفت في الأساس تفريغ العاصمة بغداد من العناصر السنية ، وهكذا قادت هذه الأحزاب العراق نحو حرب طائفية وحشية ليست فقط سنية شيعية ، بل تعدتها إلى الأقليات المسيحية والصابئية والأيزيدية ، وكان أخرها الهجوم الوحشي بخمس شاحنات مفخخة ضد ابناء الطائفة الأيزيدية المسالمين حيث ذهب ضحيتها أكثر من 500 مواطن أيزيدي وجرح أكثر من هذا العدد غالبيتهم من الأطفال والنساء مستهدفين من فعلتهم المشينة تهجير ابناء الطائفة من موطنهم الأصلي .

لقد اوصلت الحكومة الحالية العراق إلى هذا المأزق الحرج الذي أدى إلى خروج العديد من القوى الممثلة في الحكومة كان أولها حزب الفضيلة ثم أعقبه بعد ذلك التيار الصدري فكتلة التضامن السنية وأخير قائمة العراقية بزعامة الدكتور أياد علاوي ، ويجري السيد إبراهيم الجعفري نشاطات واسعة لتأليف جبهة جديد بعد شق حزب الدعوة الإسلامية .

وهكذا أصبحت حكومة المالكي في حكم المستقيلة دستورياً بعد أن غادرها 17 وزيراً ، ويحاول المالكي وشركائه الكرد التشبث ببقاء الحكومة من خلال عدم قبول استقالة الوزراء على الرغم من إصرارهم على الاستقالة ، وتركهم مهام إدارة وزاراتهم.

إن هذا التثبث ببقاء الحكومة الحالية ، وتشكيل ما دعوه بجبهة المعتدلين !! ما هو إلا محاولة يائسة لبقاء المتحالفين في السلطة من أجل أنجاز أهدافهم المشتركة ، والمعروفة لسائر ابناء الشعب العراقي بتحقيق الفيدراليات ، وتقاسم الثروة النفطية، مما ينذر بتعميق الأزمة العراقية، وصب المزيد من الزيت على نيران الحرب الطائفة والصراع على السلطة والثروة .

لقد كنا ولا نزال وسنبقى مع أن يتمتع الشعب الكردي الشقيق بكامل حقوقه المشروعة ، ودعونا من أجل إقامة الفيدرالية في كردستان شرط المحافظة على وحدة العراق أرضا وشعباً، لكن الذي جرى ويجري الآن قد تعدى حدود هذه الفيدرالية، وباتت كردستان العراق دولة مستقلة لها حدوها وجيشها وعلمها ودستورها وبرلمانها وحكومتها وأصبح النفط في المنطقة ملكها، ولم يبقَ لمقومات الدولة سوى الإعلان الرسمي لقيامها الذي يؤخره جملة من الظروف والأسباب المعروفة، والتي لا مجال للدخول في تفاصيلها بهذا المقال، وعلى الرغم من وجود السيد الطالباني على قمة السلطة في العراق [ رئيس الجمهورية] مع ثمانية وزارات بينها وزارات سيادية ، بالإضافة إلى منصب نائب رئيس الوزراء ، ورئاسة أركان الجيش وتقاسم السفارات العراقية بين الشركاء ، وغيرها من المناصب الأخرى .

من هنا جاء تلاقي المصالح بين قوى الإسلام السياسي الشيعي بقيادة الحكيم الطامح في تكوين فيدرالية الجنوب والوسط ، وفيدرالية الأحزاب القومية الكردية بزعامة البرزاني والطالباني .

إن هذا التوجه الخطر للأحزاب الأربعة المتحالفة على تقسيم العراق، وتقاسم ثروته الوطنية، والتي هي ملك الشعب العراقي جميعاً دون استثناء، ومحاولات التمسك والاستئثار بالسلطة لن يقود العراق إلى شاطئ السلام والأمن والحرية والديمقراطية، بل سيزيد نيران الحرب الأهلية اشتعالاً ليوصلها إلى المرحلة التي يصبح الخروج منها أمرا في غاية الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً ، وستستمر هذه الحرب حتى ينتصر احد أطرافها على الطرف الآخر ولكن بعد خراب العراق وتقتيل وتشريد الملايين من أبنائه ، ويخطئ من يتصور انه سيكون بمعزل عن نيران الحرب التي ستحرق جميع مشعليها .

ليس هناك من حل سوى العودة نحو الوطنية العراقية الصادقة والنأي عن الولاء لدول الجوار، ومحاولة تمزيق العراق، هذا البلد الغني الكبير هو الحاضنة الحقيقية التي تتسع لكل أبنائه بكل قومياتهم وأديانهم وطوائفهم، وهو يمتلك من الثروات الهائلة ما يمكن أن يحقق للجميع ارقي مستوى من الرفاهية والعيش الرغيد، في ظل نظام ديمقراطي علماني بعيداً عن التعصب القومي والديني والطائفي الذي لا يجلب للعراق وشعبه سوى الويلات والخراب والدماء ، وندائي ونداء كل الوطنيين المحبين للعراق العظيم :

أيها القادة ، أيها السياسيون ، أيها المتقاتلون عودوا إلى عراقيتكم ، وضعوا مصلحة الوطن والشعب فوق مصالحكم الذاتية الأنانية فهذا هو الطريق الوحيد لخير وسعادة وسلامة الجميع ، ولا طريق آخر غيره.


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  حامد الحمداني


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni