لا يري فرقاً كبيراً في الشعر قبل سقوط بغداد وبعدها...الشاعر العراقي عبدالله عبدالواحد:
-
نحتاج جميعاً إلي الهروب من الواقع للحظات
-
الكمبيوتر شاعر ولكن من صنع الإنسان!
-
أتنازل بنفس راضية عن عضويتي باتحاد الأدباء إلي اللاأدباء!
-
أحمل العراق في حقيبتي أينما سافرت
-
اسألوا ساسة العراق متي يعود العراقي المغترب الي وطنه؟
-
أصبح شعبي المسكين بين مطرقة ديمقراطية مزعومة وسندان المفخخات
القاهرة - محمد البحيري - عن الراية القطرية
وصلوا للقصر
علي الباب الرئاسيّ عبارة:
(يا مواطن:
امسح حذاءك فوق أجساد الضحايا ..)
وفي ذات القصيدة وعلي لسان فلاح عراقي يقول:
وآخر دعوانا يا ريّسنا :
ياربّ يا مقسّم الأرزاق
لا تجعلنا فقراء كي نعمل
بل أزرع فينا حبّ النخلة
واجعل حاكمنا جوعانا.. كي يعمل!
إنه الشاعر العراقي عبد الله عبد الواحد، المشرف المسؤول عن أحدث مواقع الأدب العراقي علي شبكة الانترنت باسم كتاب العراق ، وصاحب أكثر من 100 عمل أدبي منشور عالميا وعربيا وعراقيا وترجمت بعض نصوصه إلي الإنجليزية، وشارك في أكثر من 68 من المهرجانات الشعرية والمحافل الأدبية العراقية والعربية نذكر منها: مهرجان المربد والجواهري والسياب والبريكان، حصل علي 19 شهادة تقديرية عراقية وعربية في مهرجانات للشعر ومسابقاته. نسعي في حوارنا معه الي القاء الضوء علي واقع الشعر العراقي الآن في ظل ما يعانيه العراق من آلام تحيط به من كل جانب.
كيف يبدو العراق بناظريك الآن؟
- انظر للعراق الآن من خلال عدسة رؤية بشرية لعراقي مغترب في دول الجوار يؤلمه ما يحدث علي ساحته السياسية من تخبط واضح؛ وانظر من خلالها بألم وحزن شديدين: الألم علي شعبي المسكين الذي أصبح بين مطرقة ديمقراطية مزعومة وسندان المفخخات التي تودي بحياة المئات يوميا اما الحزن فهو بسبب بعدي القسري عن وطني وشوق اليه يخض دمي كأن كل دمي اشتهاء كما يقول جدّنا وابن مدينتي - السيّاب.
الي أي جانب أنت منحاز؟
- أنا منحاز الي أهم جانب بنظري؛ ألا وهو العراق... فقط!؛ غير منتم لأي حزب او طائفة او حركة او تيار؛ فكلها بالنهاية تفرض عليك محددات وقيود تشل من رؤياك الواسعة وتحد من حريتك في تناول القضايا التي تهم شعبك كشاعر او صحافي.
كيف تري حال الشعر العراقي الآن؟
- بخير ولكن!؛ نحن أفضل دفعة أتت الي الساحة الشعرية العراقية او المشهد الثقافي العراقي كما صرح أحد شعراء البصرة الكبار - وكما أحب أن أسمينا (شعراء جيل الألفية)؛ غير ان حروب التغييب طالت الكثير منا بسبب الانتشار الواسع الذي حققناه بفترة بسيطة علي ساحة المشهد الثقافي العراقي؛ ولم يصمد هذا الكثير ربما بسبب انسانيته المفرطة وطيبته الزائدة عن حدها في الدفاع عن حقه في مزوالة الثقافة مع أقرانه الذين سبقوه؛ لذا فلم يبق منا علي الساحة الآن إلا عدد قليل لا يتجاوز اصابع اليدين!.
هل طرأ ثمة اختلاف بين حاله قبل سقوط بغداد وبعده سقوط بغداد؟
- كثيرون هم من يعترضون علي هذه التسمية (سقوط بغداد) أما أنا فأتحفظ علي التعليق عليها منتقلا الي صلب الإجابة في المقارنة بين الحالتين (قبل وبعد) آخذا بنظر الاعتبار المشهد الثقافي؛ ف قبل كان المشهد مجيرا ضمن أطر محددة ومكرسا للنظام الحاكمة آنذاك فبرزت قصائد التمجيد وعلي عكسها برزت قصائد السخط والسخرية من النظام ولكن بصيغة رمزية مفرطة وكما أحب ان أسميها (قصائد الي X) اي الي مجهول بسبب الخوف من الاعتقال من قبل الشرطة الشعراء او الشرطة الأدباء. أما بعد : فقد أصبحت مساحة الحرية كبيرة جدا في قول ما تريد غير أن الرصاصة او رسالة التهديد أصبحت تأتيك من (كل) مكان ذاك أنك لا تستطيع ان تنقد او تنتقد (كل) مكان!؛ فهل يوجد فرق بين قبل و بعد ؟!.
ما رأيك في القول بأن سيف الطائفية أصاب الأدب العراقي أيضا؟!
- إلا الأدب في العراق؛ فمنذ الأزل هنالك قصائد مديح للرموز السياسية والدينية والتاريخية والفكرية؛ بل ان هذا موجود في كل الأدب في العالم؛ غير ان لكل فترة أدباؤها وشعراؤها وكتابها - ينظرون ويكتبون ويمدحون ويسخرون كل حسب مرجعيته الفكرية او العقائدية او أي كانت المرجعية؛ لذا فالتصنيف العقائدي الثقافي موجود مسبقا غير انه الآن أصبح يظهر بكل أطيافه وبشكل واضح في المشهد الثقافي العراقي وحرية الكتابة موجودة غير إنها ربما تودي بحياتك في العراق!.
كان هناك شعراء عراقيون، فأصبح لدينا الآن شعراء منتسبون للعراق.. ما تعليقك؟
- القضية العراقية أصبحت قضية عالمية؛ وعدد المدافعين عنها بعدد المطبلين لها والمستفيدين منها؛ فمنهم من يأكل خبزا ويجني الأموال الطائلة من هذه القضية وشعبه يموت جوعا!؛ ومنهم من قد يفقد حياته من أجل هذه القضية؛ فولد بالنهاية لنا (عراقي) يموت و(منتسب) يأكل الخبز وشعبه يموت.
هل تعتقد أن مأساة العراق الآن تقتل الشعراء أم ستكشف عن عماليق جدد في الشعر؟
- كما يولد الطفل من بطن أمه يولد الشاعر الحقيقي من رحم المعاناة؛ أما مأساة العراق فهي تصقل الشاعر بقدر ما تعذبه!؛ فالعراق (وطن يعذب شعبه ممنونا) كما أحب أن أطلق عليه؛ ونتيجة لهذا ظهر وسيبقي يظهر للعالم شعراء عراقيون حقيقيون عماليق كما ظهر في السابق وهذا هو سبب مسحة الحزن الجميل الراقي علي فن العراق وأدبه ككل.
ما الذي دفعكم الي إنشاء موقع للكتاب العراقيين؟
- الصديق الطبيب الفنان الدكتور علي زيني هو من انشأ موقع كتّاب العراق الالكتروني http://www.iraqwriters.com؛/فقد أنشأ (د. علي زيني) موقع الفن العراقي http://www.iraqiart.com/ويديره الآن منذ حوالي 10 سنوات والذي يتصدر الآن مع مواقع قليلة قائمة ترتيب المواقع الفنية المتخصصة بالفن والطرب؛ والنجاح المذهل لهذا الموقع والفكرة كان هو النواة الاولي لإنشاء دار (أنانا) لحلول الانترنت http://www.enana.com/التي يديرها هو الآن والتي احتضنت تصميم المئات من مواقع الفنانين العراقيين والعرب ومواقع عراقية وعربية أخري مهتمة بالأدب والفن والطب والاعلان وغيرها كثير جدا؛ وحين التقيت به قبل سنة في عمان الأردن؛ طرح علي فكرة إدارة موقع يختص بالكاتب العراقي فقط ومكملا بشكل ما لموقع الفن العراقي فنكون احتضنا بذلك وبصورة متواضعة (الفن والأدب العراقي) وبمسحة ربما تختلف عن المواقع الموجودة علي الساحة الانترنيتية الآن من ناحية التبويب والتصنيف والتصميم وغيرها؛ فتناقشنا ووضعنا مقترحات كثر؛ واتفقنا علي بعضها واختلفنا علي البعض الآخر حتي توصلنا الي الرؤية النهائية الأولية للفكرة - فما كان علي شركته إلا التصميم التقني للموقع علي أساس المقترحات الموضوعة وما كان علي إلا أن أديره بعد انطلاقه وأن أكون مشرفا عليه.
متي بدأتم التنفيذ؟ وما الصعوبات التي واجهتكم؟
- بدأ التنفيذ قبل أشهر قليلة وانطلق الموقع في يوم 7/7/2007؛ اما بالنسبة للصعوبات فلم تواجهنا ولله الحمد؛ فقد اتصلت بالأدباء ولبوا الدعوة وأرسلوا لي مادتهم الأدبية كل حسب اختصاصه فاكتمل الموقع وانطلق علي شبكة الانترنت.
وما هي حالة الموقع الآن؟
- حالة الموقع جيدة من الناحية التقنية وعدد الزوار يربو علي ال 100 ألف زائر شهريا وهذا فقط خلال الشهر الأول؛ فنحن نعتقد ان هذا الرقم سيتضاعف إن لم يكن تكعيبيا خلال الأشهر القادمة. فالمشروع الذي تراه الآن هو الانطلاقة فقط؛ فنحن الآن بصدد إطلاق المكتبة الموسيقية للموقع ومسابقته الأدبية. وربما هي ليست بسابقة وإنما تركيز الموقع علي الأدب الشعبي العراقي أيضا أكسبه شيئا من الشهرة غير المتوقعة وهو في مقتبل العمر. أما عن عدد المواد الأدبية المنشورة لحد الآن في الموقع فهي تربو علي 2000 مادة أدبية وهذا خلال شهر واحد فقط؛ تخيل أنت بعد سنة كيف سيكون الموقع موسوعيا بإذن الله.
كيف تكون مهندسا متخصصا بالكمبيوتر وتكتب الشعر؟
- صديقي؛ ربما كان عليك أولا أن تسأل المرحومين (الدكتور الشاعر ابراهيم ناجي) او (المهندس الشاعر علي محمود طه) وستجد عندهما ربما نفس الاجابة وهي: أن الشعر موهبة ربانية بحتة منهم من يحترفها او يحترف القلم للعمل ومنهم من يحترف حرفة توفرت له بالعلم الحصولي. ولكي تكون شاعرا ليس عليك بالضرورة ألا تكون شيئا آخر؛ فبالنهاية كلنا شاعر بالاحساس وبما حوله من الجمال والألم؛ غير أني أعبر عنك بالكلام بينما أنت تعبر عني بدموعك ربما.
ألا تري تناقضا بين تخصصك المادي وهوايتك الشعرية ذات الطابع الرومانسي؟
- أبدا؛ فكلنا بالنهاية يحتاج الي الهروب من الواقع للحظات؛ وأنا أهرب من هذا الواقع بالشعر غير اني للأسف الشديد أجد نفسي أعود إليه مرة أخري بالشعر!؛ فأغلب الشعراء تكتب للراحة أما أنا فأغلب كتاباتي لوطني ومعذبيه وهذا يفرض علي عدم الانفصال عن الواقع بالمرة؛ ولإنني احترف الشعر ولست بهاوي له فبات علي من الضروري ان أجد موازنة بين الهروب الرومانسي من جهة وألمي كعراقي عربي من جهة أخري حتي أستطيع أن أتوج هذا التزاوج بالألم الرومانسي!؛ تخيل أنني اعتبر الأنثي هي وطني الآخر في الغربة!.
كيف تمزج بين الكمبيوتر والحروف الرقراقة؟
- ضاحكا من وجهة احساس شخصي؛ اعتبر ان الكومبيوتر شاعر ولكن من صنع الانسان!؛ فهو يشعر بالحر والبرد والضغط بل وحتي يصاب بالرشح ان اخترقه فايروس لذلك أرجو منك ألا تقلل من شاعرية الحاسوب!.. أما عن المزج فهو بالنهاية أداة؛ وأنا عن نفسي استخدم الأدوات الالكترونية في الكتابة كالحاسوب بحكم عملي والهاتف المحمول (ان جاءتني فكرة او خاطرة وأنا في مكان عام) أكثر من القلم والورقة؛ غير أن للقلم والورقة في السابق نوعا من الروحية العالية ولكن هذه ضريبة التطور العلمي السريع ولكل شيء محاسن ومضار بالنهاية.
ما أقرب قصائدك إليك وماذا تقول فيها؟
- كلها قريبة الي نفسي كما أولادي الذين لم أرزق بهم بعد؛ ولكن لو كان السؤال ما هي القصيدة الاكثر انتشارا لديك فهي قصيدة عرّف ما يأتي... بغداد - هوية صادرة من جهاز تخطيط القلب العراقي والتي مسرحت في العراق وأقول في بعضها:
بغداد: يعصرك الله بكف الحرب
فنولد نحن جهال الشط
نقود الناس بكل الأرض
بغداد: أنت دعاية غضب الله
علي حكام ما سمعوا ليلة أمس
نصائح ماما النخلة
بغداد: صفوة مدن الله
رسولة دمع ملائكة الرحمن
علي كاروك هزهز فيك
نبيا مصنوعا من تمر الجنة
بغداد: يا شطا جبرائيليا يتسلق سبع سماوات
ك وكيح يتسلق سطح البيت
ليصب الشط بحضن مياه الكوثر
بغداد: شجرة خلد في أيكة رب الناس
تشلع من أوراق الحشمة فيها
كي تستر عورة حاكمها
من مثلك الأعلي في عالم الشعر؟
- الشاعر البصري العراقي الكبير - احمد مطر.
إلي أين تريد أن تحلق وتصل؟
- لا أريد ان أحلّق؛ فالتحليق بعيدا قد يكرّه الناس بي؛ فانا لست شاعر نخبة تسكن في الابراج العاجية بل أتمني ان أكون شاعر شعب وأنا اجتهد لهذا؛ أما عن أين أريد أن أصل فأنا أتمني أن أصل ولو بكلمة الي كل بيت يقرأ او يفهم العربية في العالم.
ما قصة حرمانك من عضوية أحد الاتحادات الأدبية بسبب انتمائك البعثي أو أنك من أنصار صدام حسين؟!
- أنا لم أحرم من عضوية اتحاد الكتاب في البصرة فأنا حصلت عليها منذ ان كنت ابن ال 17 ربيعا وكما ذكرت في بداية اللقاء فأنا لم أكن عضوا في حزب النظام الحاكم سابقا او مناصرا له او في أي حزب يشارك في العملية السياسية حاليا غير ان لي مشاكل مع ادارته المتخبطة التي لم تتمكن من تهميشي عندما كنت في العراق ولكنها حاولت جاهدة بعد ان خرجت منه بعدم طبع مجموعتي الشعرية علي الرغم من أنها تأخذ دورها للطبع في بلد عربي آخر. وذلك لأن المسؤول عن اللجنة الثقافية في الاتحاد قال بالحرف الواحد لأحد الأشخاص الذين كلفتهم بمتابعة الموضوع في البصرة ان عبدالله عبدالواحد خارج العراق الآن وليس له حق في الطبع داخل العراق فرد عليه الشخص المكلف من قبلي أو ليس عبدالله عراقي بصري ؟ فأبتسم مسؤول اللجنة الثقافية وانصرف من دون اجابة! فما آلمني هو تسلط بعض اللاعراقيين كما أحب أن أسميهم علي المشهد الثقافي العراقي ومحاولتهم لاستيراد ثقافات أخري وتسقيطها علي المشهد الثقافي العراقي بدعم مادي غير مشروع او عقدة الأدباء الكبار عمرا من الأديب الشاب وهذه العقدة تحتاج الي كتب لشرحها وربما سأتطرق اليها بالتفصيل في مقالات او دراسات قادمة. ولذا فأنا الآن لا يهمني إن كنت امتلك هوية اتحاد أم لا؛ بل وأطمح في عدم امتلاكها الآن!؛ فلم أر حتي الآن شاعرا عراقيا او عربيا كبيرا يمتلك هذه العضوية او الهوية؛ لذا فأنا متنازل عنها الي اللاأدباء وبكل نفس راضية!.
متي ستعود للعراق؟
- أنا أحمل العراق في حقيبتي أينما سافرت؛ أحمله برائحة ملابسي المتشبعة بشط العرب أحمله بقصادئي التي كتبتها هناك بالذكريات التي عشتها هناك وبكل تفاصيلها الجميلة وغير الجميلة هذا ان أردت ان يكون الجواب دبلوماسيا أما ان أردته ألا يكون دبلوماسيا فأرجو منك ان تسأل ساسة العراق الدبلوماسيين! هذا السؤال وأن تقول لهم: متي سيعود الفنان العراقي المغترب والمطرب العراقي المغترب والكاتب العراقي المغترب والطبيب العراقي المغترب والمهندس العراقي المغترب وال.. وال.. وال.. الي العراق؟ |