نقاش / محمد الزيدي
يقع الكثير من الأشخاص في الكوت ضحايا للقرصنة الالكترونية بعد ممارستهم الجنس الالكتروني مع أقران لهم من دول أخرى هم في الأساس قراصنة يقومون لاحقا بابتزازهم بالمقاطع الفيديوية ويطلبون منهم الأموال.
تشكّل وسائل الاتصال الإلكتروني فضاءات ملائمة لاستقطاب العديد من المراهقين الباحثين عن علاقة افتراضية متحررة من كل أشكال الضوابط والرقابة الاجتماعية، الأمر الذي أسهم في أن يكون هؤلاء ضحية لأعمال قرصنة الكترونية.
شبكات احترافية تقف خلف تلك القرصنة وتحاول جاهدة ابتزازهم مالياً عبر توثيق بعض المشاهد الإباحية للضحايا، بعد إيقاعهم في حبال ما يعرف بـ"غرف الدردشة"، وزبائن مدمنون على الشات يقضون أوقاتهم في علاقات افتراضية لا طائل من ورائها، "نقاش" حاولت الوصول إلى بعض هؤلاء ووثقت نماذج من قصصهم.
كان انتظار الفضيحة في فوضى الانحلال الأخلاقي أو الاستجابة لمطالب القراصنة، خيارين لا ثالث لهما أمام الضحية بعد أن وثقت كاميرا القراصنة كلَّ شيء.
"هي تدَّعي بأنِّها فرنسية من أصل مغربي، طلبت مني فتح كاميرا صفحة الفيس بوك للاستمتاع الجنسي معها، وما أنْ بدأ اللقاء الإلكتروني حتى أدركت بأنَّ حياتي انتهت".
بهذه الكلمات يروي العشريني "علوكي" وهو يتنهد قصة وقوعه ضحية لقرصنة الكترونية انتهت بدفعه مبلغاً مالياً للقراصنة، وقرر في بادئ الأمر عدم الاكتراث والتزام الصمت الذي لم يعد ممكناً، بعد أنَّ هدده القراصنة بنشر المقطع الفيديوي الذي وثقوه له على مواقع التواصل الاجتماعي.
حاول الضحية إقناع القراصنة بالعدول عن فعلتهم، فرفضوا وزاد تهديدهم، دفعه الخوف من المجهول للاستعانة بأحد الأصدقاء لتلافي الأمر، لكن محاولاته باءت بالفشل.
يقول "علوكي" الذي رفض في بادئ الأمر مقابلتنا والدموع تنهمر من عينيه المحمرتين حسرة على ما ارتكب انه دفع ما يريدون.
علوكي، لم يكن الشخص الوحيد الذي وقع في فخ ما يعرف بالجنس الالكتروني، فما يفتضح أمرهم في مثل هذه الظواهر مجرد رقم ضئيل، فالظاهرة لم تتوقف عند الشابّ الذي قام بفعله الجريء، إنَّما هي واحدة من عشرات القصص التي وقعت في مدينة الكوت ولها أبطالها المختلفون.
"نونو" نموذج آخر من نماذج ضحايا القرصنة يقول لــ"نقاش": "بلحظةٌ واحدة، مفاجئة وصادمة، فوجئت برؤية كل ما جرى بيني وبين الفتاة مصوراً بشكل احترافي".
الشاب ذو الثامنة عشر عاماً يضيف وهو ينظر في الأرض خجلاً من اِستكمال حديثه "لا اعرف ما الذي دعاني لارتكب هذه الحماقة ، ولم أتصور أنني سأكون ضحية هذه المواقف اللاأخلاقية، انا في وضع نفسي سيئ للغاية".
"في غضون أربع دقائق أرسلت لي رابطاً الكترونياً وطلبت مني تشغيله لأرى بأنني في وضع فاضح جدا".
"حاولت بداية الأمر تجاهل الموضوع تماماً، لكن القراصنة هددوني عبر رسالة الكترونية بإرسال المقطع الالكتروني لكل أصدقائي في الصفحة ونشره على اليوتيوب ما لم أحول لهم مبلغاً قدرة الفي دولار" ويختتم الشاب حديثة قائلاً "اضطررت لدفع المبلغ على شكل دفعات شهرية".
ويحتاج مثل هؤلاء الضحايا البحث عن شركة صيرفة متخصصة لتحويل المبالغ إلى شتى البلدان التي يقطن فيها القراصنة.
"سامر الباوي" صاحب مكتب للصيرفة يقول لـ"نقاش" حول ذلك "حوَّلت مبلغا من المال لحساب أشخاص بأسماء مختلفة، لكني لم أعلم في بادئ الأمر بأنَّ هذه المبالغ له علاقة بالابتزاز".
ويضيف "فوجئت بشابين يراجعاني شهرياً ويطلبان تحويل مبلغ مالي للمغرب وتونس، وبعد الاستفسار منهم تبين أنَّ الشابين هما ضحية قرصنة الكترونية، ودفع هذه المبالغ يحول دون فضحهما".
وينتقد صاحب مكتب الصيرفة ما يسميها حالة الفلتان الإلكتروني التي يشهدها العراق، داعياً إلى "تشديد الرقابة وفرض إجراءات صارمة لمنع اتساع هذه الظواهر السلبية".
ويرفض عضو لجنة الحوكمة الإلكترونية في الكوت المهندس حيدر الوائلي اطلاق مصطلح ضحايا القرصنة على مثل هؤلاء، مبينا بأنّ "فتح كاميراتهم الشخصية جاء برضاهم وقناعاتهم".
وحول الإجراءات الفنية التي يمكن أن تتخذها الدوائر المعنية إزاء هذه الظواهر، يرى الوائلي أنَّ هذه "التصرفات تمس خصوصية الأشخاص ولا يمكن لنا التدخل بمنعها او التضييق عليها، لكننا نكتفي بالتحذير من مخاطر هذه الظواهر واستفحالها".