لن يكون بمقدور المواطنين العرب شراء الأملاك في السليمانية بعد الآن وعليهم قضاء حياتهم في الأجرة، وقد نالت هذه الخطوة استحسان البعض فيما اعتبرها البعض عملا سيئا.
نقاش / اتخذ مجلس محافظة السليمانية في جلسته الاعتيادية أواخر شهر أيلول (سبتمبر) الماضي قراراً ينص على منع معاملات البيع والشراء وتحويل الملكية إلى المواطنين غير الاكرد، وان كان القرار موجهاً لجميع المواطنين من غير الأكراد إلا انه يشمل بالدرجة الأولى العرب الذين نزحوا من المحافظات الأخرى إلى السليمانية.
وكان مبرّر مجلس محافظة السليمانية لإصداره القرار هو الأعداد الكبيرة من المواطنين العرب الذين دخلوا المدينة وان لم يكن هناك تدخل لأصبح المواطنون العرب ملاكاً والكرد مستأجرين، فعلى الرغم من أن المواطنين العرب هم نازحون إلا أن الأوضاع المعيشية لبعضهم أفضل من أوضاع سكان المدينة ولديهم القدرة على شراء الأملاك.
وقال د. هفال ابوبكر رئيس مجلس محافظة السليمانية حول القرار لـ"نقاش": لقد دخل حوالي 400 ألف نازح عربي إلى محافظة السليمانية وان لم يكن هناك ضوابط فان الهيكلة الديموغرافية للمدينة ستتعرض للتغيير.
وأضاف أبو بكر: "إن الخطوة التي اتخذناها دستورية تماما لان الدستور العراقي ينص على منع اي تطور يؤدي إلى تغيير ديموغرافي في أية منطقة، وان قرارنا مؤقت وليس موجها للعرب فقط وإنما لكل شخص غير كردي".
القرار ينص أيضاً على إلغاء تلك الإجراءات مع انتهاء الحرب ضد داعش وسيكون بمقدور كل مواطن غير كردي بمن فيهم العرب أن يصبحوا أصحاب أملاك.
ومع أن بعض سكان المدينة يرحبون بهذه الخطوة إلا أن هناك أصواتاً معارضة من سكان المحافظة الكرد أنفسهم حيث يرون أنها خطوة ليست في مكانها حتى أن هناك اعتراضات سياسية عالية المستوى عليها.
واعتبر جاسم محمد وزير الهجرة والمهجرين العراقي وهو كردي وينتمي الى نفس الحزب السياسي الذي ينتمي اليه رئيس مجلس محافظة السليمانية (حركة التغيير) اعتبر القرار غير دستوري وقال لـ(نقاش) : ان "قرار مجلس محافظة السليمانية هو غير دستوري تماما وليس من صلاحيات ذلك المجلس اصدار مثل هذه القرارات، ولا نعلم الى اي مدى سيكون القرار قابلا للتنفيذ حيث لم يقدم أي مواطن عربي شكوى عليه".
وعلى الرغم من ان هناك رأيا شائعا بين مواطني اقليم كردستان يرى انه من الافضل ان لا يكون مجيء النازحين العرب مفتوحا ويوضع له ضوابط الا ان الذين ترتبط مصالحهم بجيوب النازحين لهم رأي مخالف.
ويمر اقتصاد إقليم كردستان منذ حوالي عامين بوضع متدهور بسبب الخلافات بين أربيل وبغداد وقد انخفضت القدرة الشرائية للناس بشكل ملحوظ وقد تأخر تسلم الموظفين لرواتبهم ثلاثة أشهر ولكن محرك السوق هم العرب الذين تأتيهم رواتبهم من بغداد في موعدها وينفقونها في إقليم كردستان.
ويقول شيروان علي وهو صاحب محل بيع أجهزة الموبايل في شارع مولوي في السليمانية ان مبيعاتهم مع أصحاب المحال الاخرى مرتبطة بجيوب النازحين العرب، ويضيف أن "مبيعاتنا متوقفة على المواطنين العرب لان جيوب المواطنين الأكراد خالية من الأموال.
شيروان اضاف أيضاً "كنا فيما مضى نبيع بعض أنواع أجهزة الموبايل بالتقسيط ولكن الأمر انتهى الآن لان الشهر هنا أصبح أربعة أشهر ولا يتسلم احد راتبه في موعده ليسدد به الأقساط"، وفي هذا يتفق معظم الباعة مع رأي شيروان.
وقال عزت صابر رئيس اللجنة المالية والاقتصادية في برلمان كردستان وهو خبير اقتصادي ايضا لـ"نقاش": ان "تأثير نزوح المواطنين العرب الى مناطق اقليم كردستان ذو حدين، فأن انفق هؤلاء الاسر جميع وارداتهم ورواتبهم في كردستان دون ان تتحمل حكومة الاقليم اية نفقات، فذلك يعتبر موردا لإقليم كردستان ولكن هناك خشية في جميع مناطق كردستان بما فيها السليمانية من تحول العرب الى ملاك وتحول الكرد إلى مستأجرين".
صابر اضاف أيضاً "صحيح انهم انعشوا السوق لان الكثير منهم متقاعدون وموظفون لدى الحكومة العراقية وينفقون اموالهم في اسواق الاقليم، ولكنهم في الوقت نفسه أصبحوا عبئا على خدمات الكهرباء والماء والصحة وقد اخذوا من حصة المواطنين الكرد".
ولكن هفال ابوبكر رئيس مجلس محافظة السليمانية يخالف هذا الرأي ويقول: ان "المواطنين العرب رفعوا اسعار المواد في اقليم كردستان حيث لم تنخفض الاسعار حتى في ظل انعدام الرواتب لان النازحين يتسلمون رواتبهم في موعدها وقدرتهم الشرائية عالية، وقد اتخذنا تلك الخطوات بناءً على الشكاوى الكثيرة لسكان المحافظة".
وقد شجع قرار مجلس محافظة السليمانية الناس على المطالبة بإصدار قرار مماثل من قبل برلمان كردستان يشمل جميع أنحاء الاقليم بحيث لا يمكن لأي مواطن غير كردي شراء الاملاك في الاقليم طوال بقاء النازحين في كردستان.
الا ان عزت صابر يقول "لا يمكن لبرلمان كردستان اصدار قرار مخالف للدستور العراقي وقد نص الدستور العراقي على ان كل مواطن عراقي من البصرة الى دهوك له الحق في امتلاك الأملاك، ولكن بإمكان محافظة السليمانية القيام بذلك لان من حقها ان تطلب من الحكومة العراقية وتقول لها لابد ان تعيل جميع النازحين في المحافظة فان لم تقم بذلك عندها لن يسمح لهم بامتلاك الأملاك". |