نقاش | مصطفى حبيب | بغداد 

 للمرة الأولى منذ 2003 سيخوض عناصر الجيش والشرطة العراقية الانتخابات وسط معارك عنيفة غرب البلاد مع تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، وسط مخاوف من تزوير الاقتراع.

 وبحسب المادة 40 من قانون انتخابات البرلمان العراقي يتم التصويت الخاص بمنتسبي وزارتي الدفاع والداخلية وكافة الأجهزة الأمنية وفقاً لإجراءات خاصة تضعها المفوضية ويكون موعد الاقتراع قبل يومين من موعد التصويت العام للناخبين المدنيين.

 وتخشى غالبية الكتل السياسية أن تكون أصوات الجيش والشرطة لصالح رئيس الحكومة نوري المالكي باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، من خلال ضغوط غير مباشرة يتم ممارستها على الجنود أثناء الإدلاء بأصواتهم، حيث يتهم المعارضون السياسيون المالكي بتجاوز حدوده وصلاحياته في استغلال هذا المنصب منذ ثمان سنوات لشراء ولاء الجيش والشرطة.

 ويقول المتحدث باسم مفوضية الانتخابات صفاء الموسوي لـ "نقاش" إن "عدد الناخبين المشمولين بالتصويت الخاص من القوات الأمنية بلغ (1.023.829) وإن المفوضية وزّعت البطاقة الالكترونية الخاصة بهم والتي تحمل حرف (خ) للترميز، وطُبعت بألوان تختلف عن البطاقة الألكترونية الخاصة بالتصويت العام".

 وأضاف "المفوضية ستفتح (532) مركز اقتراع وبواقع (2557) محطة اقتراع للمشمولين بالتصويت الخاص من أبناء القوات الأمنية، حيث سيتم التصويت بواسطة البطاقة الالكترونية وعبر جهاز التحقق الألكتروني بتاريخ 28نيسان (أبريل).

 عدد كبير من عناصر القوات الأمنية تخوض حرباً متواصلة في محافظة الأنبار غرب البلاد منذ أكثر من أربعة أشهر وهو ما يثير مخاوف الكتل السياسية من كيفية تصويت العسكريين.

 يقول النقيب محمود الذي طلب عدم نشر اسمه الكامل لـ "نقاش" تلافياً للإحراج مع قادته "كلما تجري انتخابات نواجه ضغوطاً من قبل القادة العسكريين أبرزها إجبارنا على المشاركة في الانتخابات، بينما لا يرغب الكثيرون منّا بالمشاركة ".

 ويضيف "البعض يثير شائعات قبل الانتخابات بساعات مفادها إن الحكومة تعلم ماذا سيختار عناصر الجيش والشرطة وربما ستتم معاقبة كل من لم يصوِّت إلى جهات معينة فيها سواء لرئيس الحكومة أو وزير الدفاع".

 ولكن المشكلة الأبرز التي ستواجه التصويت الخاص في البلاد هي إن أكبر تجمع للقوات العراقية موجود في محافظة الأنبار بسبب الحرب الدائرة مع "داعش"، والسؤال المطروح هو كيف سيشارك هؤلاء الجنود في الانتخابات بينما هم منشغلون بالمعارك اليومية مع المسلحين على أطراف الفلوجة وجنوب الرمادي؟.

 وتخشى الكتل السياسية من أن تؤثر المعارك الدائرة في الأنبار على معنويات عناصر الجيش والشرطة وبالتالي تؤثر على اختيارهم لممثليهم في الانتخابات.

 يقول النائب عن الأنبار حامد المطلك لـ "نقاش" إن "المعارك الدائرة هناك والضغط الذي تتعرض له القوات الأمنية لابد أن يؤثر على خيارهم، فالجندي العراقي يجب أن يكون في ظروف اعتيادية ليتمّكن من التصويت بحرية ودون ضغوط نفسية".

 المشكلة الاخرى التي تواجه الاقتراع الخاص في الأنبار هي صعوبة وجود مراقبين دوليين ومحليين في مراكز اقتراع العسكريين، إذ أن الانتخابات ستجري في مدارس أو ثكنات عسكرية تابعة للجيش وهي أماكن حرب، وبالتالي فإن هناك صعوبة في مراقبة صناديق الاقتراع أثناء التصويت أو خلال عملية عَد وفرز الأصوات.

 العديد من عناصر الجيش والشرطة كانوا يعتبرون المالكي سبباً بحصولهم على وظائف ومنحهم رواتب ورتب عسكرية وامتيازات وهذا الشعور يمثِّل أداة ضغط عليهم في الانتخابات، ولكن هل ما زال عناصر الأمن يحملون الولاء ذاته للمالكي؟.

 ويقول مراقبون إن رئيس الوزراء فقد الكثير من شعبيته في صفوف القوات الأمنية خصوصاً بعد اندلاع الحرب في الأنبار، والسبب يعود إلى مقتل عدد غير قليل من قوات الجيش والشرطة في المعارك لكن الحكومة تتكتَم على أرقام الضحايا، فيما تشير مقاطع فيديو يبثها مسلحين على الانترنت إلى قتل وأسر المئآت من الجنود العراقيين.

 يقول قائد عسكرية رفيع المستوى في محافظة البصرة طلب عدم الإشارة إلى اسمه خوفاً من العقوبة لـ "نقاش" إن "شعبية المالكي تراجعت بعد أحداث الأنبار التي بدأت مطلع العام الحالي لأن الجيش يواجه صعوبات كبيرة في إيقاف المسلحين والإرهابيين، فالعديد من أفواج الجيش التي كانت تنتشر في جنوب البلاد كانت آمنة في أماكنها لكن المالكي قرر نقل الجيش إلى الأنبار حيث قُتل وأُصيب العشرات منهم ما زاد من كره الجيش والشرطة للحكومة".

 أما ياسين الربيعي الذي يعمل في الفرقة السابعة التابعة للجيش والموجودة في الأنبار برتبة نائب ضابط قرر الهرب من الجيش بسبب ما مر به من ظروف صعبة خلال الأسابيع الماضية.

 وقال لـ "نقاش" إن "الحكومة ورطت الجيش في معركة خاسرة، نحن لا نمتلك خبرة في حرب الشوارع، ولا نعرف تضاريس الأنبار ولا يوجد تنسيق بين قوات الجيش، على عكس المسلحين الذين يمتلكون خبرة في حرب الشوارع ويعرفون مدينتهم جيدا".

 ويروي ياسين قصة محاصرتهم من قبل المسلحين أثناء تواجدهم على أطراف منطقة الكرمة التابعة لمدينة الفلوجة، فاتصلوا بالقاعدة العسكرية لإرسال تعزيزات عسكرية لإنقاذهم لكن لم يتم تلبية النداء واندلعت اشتباكات أدت إلى مقتل زميل له فقرر هو الهرب من الجيش والعزوف عن المشاركة في الانتخابات.

 مقاطعة التصويت الخاص أو تزويره شيئ يمكن حدوثه خاصة وإن العديد من الكتل السياسية سجلت خروقات انتخابية كثيرة لتصويت العسكريين في انتخابات مجالس المحافظات الماضية التي جرت في آذار (مارس) من العام الماضي، فيما سجّلت المفوضية 100 شكوى انتخابية بعد الاقتراع في ذلك الحين.