لـــــو لم تكن الصغيرة هدى ، ابنة السنوات الخمس ، قد قُتلت تلك الليلة ، ليلة شن مسلحون هجوماً على مسلحين في شارع مُسَلّح ، لكانت قد درجت في أحضان أسرتها ، ونمت ويفعت كما كان الله نفسه يريد لها . في سن السابعة تخسر بعض أسنانها ، ولكنها ما تلبث أن تُكافأ بدخول المدرسة ، وفي سن الثالثة عشرة يتضاعف قلقها الجسدي ، ولكنها تربح أنوثتها ، بعد بضع سنين، سوف تعود إلى البيت بشهادة جامعيّة ، وفي خلال أشهر قليلة يتقدم لخطبتها شاب من زملاء الدراسة أو من الأقارب أو الجيران ، وفي ساعة تألق ربانيّة ، تخترع شيئاً أو تكتشف شيئاً أو تبشّر بشيء ! وعلى مدى عمر الشباب حتى مشارف الكهولة ، تنجب أطفالاً صالحين وتبعثهم إلى جنائن المستقبل الوارفة . كلّ ما في الأمر أنها قد تصادف أمراً غرائبياً ، وهي في سن الشيخوخة إذ يتفق أن تكون جالسة ذات يوم في كرسيها الهزّاز بين أصص الزهور في حديقة المنزل ، فيستدرجها الصمت إلى المثول في نوايا تهويمة مُشفرّة ، فتشّم روائح َ وتسمع أصواتاً وترى رجالاً وأقنعة وسلاحاً ثم شرائط َملوّنة ودمالج َ ومشابك شعر ؛ غارقة في بقعة دم ، من دون أن تعرف لذلك سبباً .
|