بينما كان الرصافي والزهاوي يتصارعان ويتهاجيان ويؤلف أحدهما الكتب في نقد الآخر وتقليل شأنه.. وبينما كان الجواهري مشغولاً بمعاركه مع ساسة العراق وقادته.. خطف أحمد شوقي إمارة الشعراء وأهداها لمصر لا لأنه كان متصالحاً مع شعرائها وأدبائها وساستها وقادتها فحسب.. ولكن لأنهم كانوا يملكون من الحكمة والحنكة ما جعلهم يتصالحون – ولو قليلاً – ليتوجوا ابنهم البار شوقي أميراً للشعراء فيحوزوا لبلدهم نصراً تاريخياً.
واليوم.. ترشَّح عراقيان لنيل هذا اللقب هما خالد عبد الرضا السعدي وحازم رشك التميمي.. فهل سنتخاصم حولهما ومعهما وعليهما وضدهما لنضيع هذه الفرصة التاريخية مرة أخرى..؟ أم سنتخلى عن تعصباتنا ونتحلى ببعض الحكمة والحنكة – ولو قليلاً – لعلنا نجلب نصراً تاريخياً يستحقه العراق قبل أن يستحقه خالد السعدي أو حازم التميمي..؟
وإذا ابتعدنا عن أهمية هذين الشاعرين.. وعن البحث في القيمة الشعرية التي يملكانها.. وإذا ابتعدنا عن كل الاعتبارات الأخرى التي تخص انتماءهما الطائفي والمذهبي والعرقي.. وعن كل شيء آخر يُفرِّق أو يؤدلج أو يُسيِّس.. فلن يبقى لنا سوى قضية واحدة هي أن العراق يستحق هذا اللقب سواء حمله خالد أو حازم – وهما يستحقانه بلا ريب – أو حمله شعيط أو معيط ما دام عراقياً.
فلنتوج أميرنا أولاً.. ولنختلف بعد ذلك عليه.. دعونا نضع التاج على رأسه ثم نؤلف في نقده ما نشاء من الكتب.. فلنتحالف الآن ولنتخالف بعد ذلك. |