|
|
بيان نقدي في رثاء الفن التشكيلي العراقي |
|
|
|
|
تاريخ النشر
04/09/2012 06:00 AM
|
|
|
مثلما كان الفن التشكيلي إحدى العلامات اللافتة في الثقافة العراقية المعاصرة، كان نقد ذلك الفن علامة على حيوية ما في النقد، حتى وإن بدا للفنانين والجمهور المتذوق على السواء، ما يشبه الأحجية الغامضة التي تزيد التشكيل المعاصر «غموضاً». لكن اسم الناقد والكاتب سهيل سامي نادر، ظـــــل لافتـاً فـــــي اتجاه تكون لاحقاً وضم: عادل كامل ثم شوكـــــت الربيعي وحميد ياسين وفاروق يوسف وكفاح الحبيب وسعد هادي. وما يبدو امتيازاً لصاحب رواية «التل» أنه كما يقول، مارس الكتابة في الفن التشكيلي، ومن موقـــع الصحافي الذي كانه، وهو موقع لا يمكن تخطيه على رغم التباساته ومشكلاته. «إنه موقع يخضع للظروف والتوجيهات السياسية والأيديولوجية، وفي العراق تكاد هذه التوجيهات تجري على شكل حمـلات مفاجئة، وتدقيق في الدوافع، وتأويل للكلمات، وشق للصدور، وإجبار الكاتب على أن يــــكون رقيباً على نفسه، توخياً للسلامة»، وهـــذا كشف صريح لم يقـــاربه غيــــره من النقـــــاد. ويرى أن التشكيل العراقي عمل يبحث عن هويته: «لقد أدركت مبكراً أن ما كان الرسامون العراقيون يستعيرونه من إنجازات الغير كبير، والفــــن العراقي كله تأسس بواسطة التعليم الأوروبي والتدريب في الخارج. لكن قوته تكمــــن في أنه كثيراً ما أطلق في استعاراته دلالات جديــــدة عبـر أساطير الفنانين ورؤاهم الشخصية والــــرموز والمواضيع المحلية، لتندمج تجاربه بسيرة راحت تتسع تدريجاً وتأخذ هوية ما. من هنا، وضع نادر كتابته، بل مهمة النقد الفني بمجملها، حيال مواجهة فكرية عميقة: «الحق بقراءة مختلفة، بصرف النظر عما يعتقده الفنانون أنفسهم أو ما يشيع في أوساطهم». ومثل هذا الحق في الاختلاف، الذي يقارب جوهر النقد، لا يروق للفنانين عادة، فالنقد بالنسبة إليهم، كتابة متحذلقة تمجد إنجاز الفنان من دون أية إضاءة عميقة لجوهر عمله. وتأتي مقدمة كتابه الذي حمل عنوان «الخشن والناعم» الصادر حديثاً عن «دار الأديب» العراقية التي انتقلت إلى العاصمة الأردنية، بما يمكن اعتبارها بياناً مهماً عن حال الفن العراقي المعاصر ونقده. ويقول الكاتب والصحافي الرائد (عمل في الصحافة العراقية نحو نصف قرن أو يزيد) في باب تبرير تأخره في إصدار كتاب نقدي: «فقدت الإيمان بما كان يسمى النقد الفني المنشور في الصحافة الذي كان معظمه نتاج البلاغة الأدبية، ولا يقول شيئاً محدداً، بل إنني فضلت أن أكتب تحقيقات ونصوصاً لا توصيف لها، وما زلت كذلك». وفي موضع آخر يقول: «لا وجود للنقد الفني بصفته حركة مستقلة، إنه نص يختلط بنصوص أخرى. إنه لا ينفصل عن التقاليد الأدبية، فخطته أدبية، وكذلك أوصافه وتعابيره، ولا سيما لغته كلها، وطريقته في الحكم». صحيح أن هذا النقد «كتابة شخصية» لكنها جوهرية في رصدها أبرز منعطفات التشكيل العراقي المعاصر، من صعوده العبقري عبر صاحب نصب «ساحة التحرير»، أيقونة العاصمة بغداد، الراحل جواد سليم، حتى النهب الواسع لذخائر الفن العراقي المتزامن مع الانهيار المدوي للدولة العراقية المعاصرة في الغزو الأميركي 2003. |
|
رجوع
|
|
مقالات اخرى لــ علي عبد الأمير عجام
|
|
|
|
|
انضموا الى قائمتنا البريدية |
| | |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|