|
|
الكتّاب يعتلون منبر الوعظ يوم الأحد |
|
|
|
|
تاريخ النشر
02/06/2012 06:00 AM
|
|
|
أو دعوة للكتّاب لإلقاء خطبة الجمعة بدلا من الأئمة الناس بين كبار وشباب وأطفال قد شغلت معظم مقاعد الكنيسة قبل موعد القداس بكثير. الدعوة عامة بالطبع والهدوء والضوء قرينان قريبان إلى النفس في يوم كهذا. كتاب الأناشيد في مكانه أمام كل مقعد، وأرقام الأناشيد مثبتة على الأعمدة في داخل الكنيسة قبل أن يبدأ عزف الأورغيل ويستهل الجوق بالإنشاد. الأجواء تفرض الهمس إن تطلّب الامر انسجاما مع طقس المكان. لا يختلف في كل ما تقدم شيء ماعدا أن سلسلة من أهم الكتّاب ستعتلي منبر الوعظ يوم الأحد على مدى الأسابيع القادمة وحتى نهاية العام 2012 مشاركة في قداس الأحد بدلا من القس في كنيسة "سانت جاكوب" في كوبنهاجن. الخطوة ملفتة للانتباه، على الأخص ونحن نجد أسماء مهمة مشاركة تعرفها الناس من شعراء وروائيين، من النساء والرجال، من الكبار ومن الشباب. أسماء لا تتقاسم شيئا عدا الكتابة ولكنها تختلف في توجهاتها تماما. إدراج الكاتب يورن ليت على سبيل المثال والذي يقترن اسمه من الوهلة الاولى بمشاكسته للمجتمع وتحدّيه لمسلماته يدعونا للابتسام ونحن نتخيل ما يمكن أن يقوله عندما يحين دوره في أيلول القادم. يذكر أنه سيتم ضمّ الخطب في كتاب يصدر في نهاية العام كمرحلة أخيرة من المشروع. التنسيق للمشروع قد تم بين السيد يوهانس غيس مدير دار النشر غولديندال أحد أكبر دور النشر في دول الشمال ، والشاعر بابلو للامبياس مدير مدرسة الكتابة ، والقس غاسموس نويغورد الذي يأمل أن يأتي الكتّاب بصورة حديثة مغايرة في تقديمهم لخطبة يوم الأحد. وفق تصوره أن الكتّاب قادرون على جعل الخطاب والرسالة حية، تدخل وتخص حياة كل منا بتوصيلها مباشرة وبشكل شخصي أيضا بهذه الطريقة. يترك للكاتب حرية التعبير عن رأيه من خلال اختيار الشكل والمحتوى، على أن يكون من منطلق النص المختار من الكتاب المقدس ليوم الأحد المعين. للتوضيح فإن الكنيسة الدنماركية تقوم باختيار نصوص قداس الأحد مسبقا ولمدة عام وهي موحدة وعلى الكنائس جميعها الالتزام بذلك ، وللقس بالتالي الحرية بتأليف مادة الوعظ استنادا الى النص المعين. المشروع شغل الكثيرون منذ انطلاقه في شباط هذا العام. كان هناك بين مؤيد ومعارض للمشروع. واختلفت الآراء في المقالات التي نشرتها الصحف بتناولها له. هناك قساوسة متزمتون اعترضوا على دعوة كتاب غير مؤمنين سُيسمح لهم بمناقشة نصوص الكتاب المقدس والدعوى إليها، بينما جاء الرأي الآخر من قبل رجال دين آخرين على الضد من ذلك، فهم يرون في الخطوة الكثير من الإيجابيات، شأنها شأن الكثير من المشاريع الثقافية والفنية والاجتماعية التي استحدثتها الكنيسة من أجل فتح أبواب الكنائس "الخالية" وجذب أكبر عدد ممكن من الناس، ولاسيما أن الاحتجاجات تتزايد في الدنمارك بشأن الكلفة الباهضة وراء إبقاء الكنائس مفتوحة، لذا ابتكرت الكنائس طرقا مختلفة لشغل بيوتها واستغلالها، ابتداءً من نوادي الأطفال الى تجمعات الأمهات وفي إقامة الكورسات المختلفة في الصحة واللياقة وفي الموسيقى والرقص والأدب وانتهاءً بالديسكو. كما عدّ قساوسة آخرون هذه الخطوة مناسبة للتأكيد على أن منطلقات البشر جميعا تنسجم إلى حد بعيد مع ما جاء في النصوص المقدسة رغم عدم إيمانهم بها أو تطبيقهم الحرفي لتعاليم الدين وطقوسه. لا يخفى أن كتّابا دنماركيين مهمين مثل سورين كيركه غورد، هانس كريستيان أندرسن ، وكارين بليكسن كانوا من ضمن المبدعين ممن اعتمدوا الإنجيل في أدبهم انطلاقا من كونه عملا أدبيا عالميا ملهما. هناك من الكتّاب من استجاب للدعوة على الفور مثل الشاعرة أورسولا أندكير أولسون التي تتمتع بمكانة راقية بين الشعراء الدنماركيين من جيل التسعينات. التقيناها بعد أن انتهت من خطبتها وانفض من حولها الصحفيين الذين كانوا بالانتظار. أوضحتْ" أن قراءة نص ما والتفكير به واحتمالية اشراك الآخرين معي في أفكاري هو ما أقوم به طوال الوقت، والخطبة برأيي لا تختلف بروحها عما نفعله لذا استجبت للدعوة". كما أضافت "أنا على العموم أقرأ في الكتاب المقدس بين الفينة والأخرى. ولكن علي أن اعترف بأن فكرة اعتلائي المنبر قد أخافتني بعض الشيء، على الأخص عندما سمعت أن البعض اعتذر عن المشاركة، ولكن ذات الوقت وجدت ان الدعوة على العموم وجهت لأسماء معينة تملك ما يؤهلها وقد عملتُ ما بوسعي". بالنسبة الى الكتاب المقدس فهي تجد مناقشة المتناقضات فيه مهمة جدا لأنها فعلية في حياتنا أيضا، وهي النقطة التي أثارتها في نقاشها من خلال (انجيل لوقا 11) عن التطرف، حيث يشمل ذلك برأيها الفرد كما يشمل المجتمع. تقول "هل نتفق جميعا مع ما جاء "من ليس معي فهو علي ، ومن لا يجمع معي فهو يفرق"؟ يكفينا أن ننظر الى الحقل السياسي والقيم التي تحكمه. هل بإمكاننا ان نحقق مجتمع متعدد الثقافات بهذا؟ لهذا أجد ان من المهم أن نبقى نناقش ونترجم ما هو مكتوب". وأنهت القول وعلى سبيل المزاح " وها نحن نرى أن المنبر لم ينفجر في الهواء جراء ذلك!". من بين الكتّاب الذين رفضوا الدعوة كان الروائية والشاعرة كيرستن توروب التي رفضت أن تلقي موعظة ومن داخل الكنيسة طالما انها لا تتبع الكنيسة. لقد قامت بإلقاء خطب عديدة من داخل الكنيسة ولكن ذلك كان في إطار مساهمات آخرى أدبية صرفة أو بالتحديد من أجل اعلان تضامنها في العام الماضي على سبيل المثال مع اللاجئين العراقيين المبعدين، ولكن أن يتعلق الأمر بالدين وأن تأخذ فيه صفة الواعظ فهي لا ترى أن الامر يناسبها. سورن أولريك تومسن، الشاعر الحاضر رغم انه مقلّ في نتاجه والذي ينتظر الدنماركيون جديده بلهفة لتميز شعره الذي يتحدث فيه عن الحب والحياة والموت والذي عرف عنه التزامه الديني فقد كان من بين من رفض المشاركة في مشاريع من هذا النوع الذي لا يخرج عن إطار الترويج للدين بشكله التجاري الشعبي. |
|
رجوع
|
|
مقالات اخرى لــ دنى غالي
|
|
|
|
|
انضموا الى قائمتنا البريدية |
| | |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|