|
|
لماذا تراجعت الدراما العراقية رغم أنها من أوائل الدرامات العربية |
|
|
|
|
تاريخ النشر
20/05/2011 06:00 AM
|
|
|
يبدو أنّ الوضع العراقي الراهن بكل تفاصيله ومنغصاته السياسية والاقتصادية أخذ يزحف تدريجيا لينعكس على الواقع الفني، فقد كثُر الحديث في الفترة الأخيرة عن تدهور وضع الدراما العراقية مقارنة بالدراما العربية والتركية، وهو أمرٌ بات واضحا انطلاقا من عدة مؤشرات ومعطيات منها: قلة إنتاج الأعمال الفنية عراقيا وعدم جدّية ونجاعة المستوى الفكري في معالجة الظواهر السياسيّة والاجتماعية، الهاجس الذي يقلق الكثير من الفنانين والمتتبعين، وهو أمر مؤسف بطبيعة الحال إذا ما رجعنا بذاكرة الدراما في أعمال شكلت محطات مضيئة ومميزة في أرشيف الفن العراقي غير متناسين أو متغافلين بأن الشاشة العراقية هي من أوائل الشاشات العربية، ما يعطي نقطة إيجابية تُحسب للعراق الذي شكّل في فترة زمنية إحدى نوافذ الحداثة والتطور أدبيا وفنيا في منطقتنا العربية عبر تبنيه لغة الخطاب وديموقراطية الصورة. لقد وجد المشاهد العراقي نفسه بعد 9/4 /2003 في لحظة سريعة مفاجئة دونما مقدمات أو تحضير مسبق لذائقته أمام ألف قناة تلفزيونية أو أكثر من ذلك بعد أن كان هنالك تقليص مبرمج لخياراته وقناعاته، إذ لا يطلع إلا قناتين اثنتين تبثان برامجهما بفترة زمنية معينة، ما يسمح لنا أحيانا بإعطائه العذر والحق في اكتشاف فضاءات عربية وعالمية جديدة افتقدت التواصل والاندماج والتفاعل معها لتعيد بدورها إنتاج شخصيته وتشكيل وعيه على المستويين الفردي والجمعي على حد سواء، إذ حالت دون ذلك مجموعة من الظروف التي فُرضت عليه سياسيا وأمنيا واقتصاديا كانت كفيلة بظهور حالة تمثلت بسيطرة السلطة على أجهزة الإرسال والاستقبال والتوجيه، وبالتالي نشوء عقلية المركز التي تفرض عليه ما تريد وتحب وفقا للايديولوجية والتوجهات، وإلغاء ذائقة الهامش (المتلقي) الذي طالما بقي ساكنا ومتفرجا. لقد شكّلت الدراما العربية والتركية مؤخرا التي احتلت شاشتنا بشكل لافت للنظر المساحة الواسعة في خيارات المتلقي العراقي إذ تميزتا بجملة مؤهلات ومعطيات جعلت منهما رقما صعبا في لائحة الانتقاء إذ تمثلتا: بالاحترافية والإنتاج الواسع وعنصر النجومية والدعم المادي، فكانت رافداً مهماً وأساسياً للفوز بثقة المشاهد واطمئنانه، ما يضع مؤشرا واضحا لهجرته الدراما المحليّة الصنع. لكن بالمقابل وكي لا نلقي باللوم على الدراما فحسب، علينا ان ننظر أولا الى العوامل التي تؤدي الى صناعة الدراما والفن عموما، فالأمر ليس بالهيّن ولا على درجة كبيرة من اليسر كما نتصوره أو نكتبه على الورق، فالدخول في الفعل تحت مؤثرات وعوامل معينة شيء يختلف تماما عن الوقوف في الوصف، إنّ صناعة الدراما تعتمد على ثوابت وأمور يجب توافرها للنهوض بواقعنا الفني كما يتحدث بذلك السيناريست (عبد الوهاب الدايني) في لقاء أُجري لجريدة الصباح العراقية وتتمثل هذه الثوابت والكلام للدايني بأنّ يكون لدينا: نص جيّد لكاتب سيناريو جيّد ومنتج يصرف مبالغ يتطلبه العمل بحيث يكون في خدمة ما يتطلبه السيناريو والإخراج، فضلا عن مخرج جيّد ذي خيال واسع متزن يستطيع أن ينفذ السيناريو ويضيف عليه، واختيار الممثل الجيّد ليعطيه الدور المناسب لا أن يوزع أدواره على الممثلين والممثلات من أصدقائه، ومدير تصوير يقرأ السيناريو حقيقة، لا ان يخدع مشاهده، وتناسق لوني في ملابس الممثلين والمكان، يُضاف الى ذلك ان كل عمل تلفزيوني جيد هو أكيد بحاجة الى مهندس صوت يستطيع ان يضبط صوت الممثلين ويوازن بين حجم اللقطة وموقع الممثل او الممثلين. بهذا أضمن لكم عملاً خلاقاً يضاهي الاعمال التلفزيونية المصرية. إنّ السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه بناء على ما توفرت لدينا من معطيات فنية وموضوعية هو: هل تستطيع الدراما العراقية بواقعها الحالي مجاراة ومنافسة الدراما العربية والتركية التي اجتاحت شاشاتنا حتى أصبحنا بمثابة السوق المثالي للبضاعة الدرامية، وهل يمكن المراهنة على الفوز بذائقة المتلقي العراقي وربما العربي مستقبلا؟ ربما هو سؤال بسيط وعفوي في الوقت نفسه، يعتقد البعض أنه علامة استفهام واقعية ومنطقية من الممكن أن تُثير أسئلة كثيرة ومهمة تصبح سارية المفعول، ليس في الحقل الفني فحسب بل في حقول معرفية آخرى، ويعتبره بعضنا سؤالا انهزاميا يحاول الانتقاص من الدراما العربية والعراقية على حد سواء انطلاقا من نظرية المؤامرة الدرامية، ونعتقد أن إثارة الأسئلة وتداولها أهم من الأجوبة أحيانا، والوقوع في حيز الأشياء خير من الانتظار في الخوف. ÷ غياب الجهد الرسمي وهجرة الكوادر الى الخارج. في إجابته عن سؤالنا يرى الروائي والناقد العراقي علي حسين عبيد (بغداد) أن: ثمة فاصلة لا بد أن ندقق فيها عندما نريد ان نتحدث عن الثقافة العراقية بصورة عامة ومن بينها الحركة الفنية في الجانب الدرامي تحديدا، هذه الفاصلة هي الهزة التي تعرّض لها العراق في نيسان 2003، وأعني بالهزة تدمير العراق كليا في جانبه المادي وسواه أملا ببناء تركيبة عراقية جديدة وفقا لنظرية الفوضى الخلاقة التي استندت إليها أميركا والغرب في التعامل مع العراق كخطوة فاتحة للتعامل مع الشرق الاوسط برمته لتحريك شعوب هذه المنطقة وحلحلة ثباتها على أنظمة سياسية قارّة، أملا بالوصول الى نشر النهج الديموقرطي المعاصر وفقا للنموذج الغربي. مثل هذه الاهداف الاستراتيجية ذات البعد العالمي عندما تبدأ بالعراق لا بد أن تكون لها وطأتها الجانبية القاسية على من يتحمل وزر البداية وهو العراق شعبا وتأريخا وأرضا، ومن الطبيعي أن تتأثر كل مفاصل الحياة العراقية بهذه الهزة العالمية البالغة الضخامة، ومنها الفن والدراما بطبيعة الحال. لم ينج شيء من ذلك ولم يتخلص من تبعاته أي مرفق حياتي أو شأن فني وفكري. لهذا دُمرّت مقومات الدراما في العراق المادية والمعنوية الداعمة، فأغلقت وهدمت وسرقت المسارح وسُرقت دار السينما والمسرح وتوّقف دور المسرح الجاد والشعبي معا وتوقف الانتاج الدرامي برمته باستثناء الاعمال التي تم تصنيعها خارج العراق في دول الجوار العربية لحساب بعض الفضائيات، وهي أعمال جاءت متأخرة بعضها جيد والآخر بليد روتيني لم يضف شيئا للدراما العراقية ولا لتأريخها الذي ضم أعمالا راقية حفرت أحداثها في ذاكرة المتابع العراقي مثل مسلسل (الذئب وعيون المدينة) وأعمال اخرى راقية. وتابع: بعد سنوات من الهزة بدأت تظهر بعض الاعمال هنا وهناك وجلها مصنعة في الخارج، فيما تحرك نبض الحياة في بعض أعمال الداخل، لكن تبقى هذه الاعمال مع قوة وتميز بعضها كما حصل مع بعض أعمال حامد المالكي، إلا أن المنظار العام يشي بتلكؤ هذا الفن. وقد كانت الأسباب من وجهة نظره: تخلي الجهد الرسمي عن مهامه في هذا المجال، ناهيك عن هجرة الكوادر الفنية خارج العراق بسبب تأزم الاوضاع، وهو أمر معروف للجميع، واذا أضفنا مع ذلك غياب دور القطاع الخاص وتراجعه في الاستثمار الفني في قطاع الدراما فإننا نضيف سببا هاما آخر في هذا المجال مع أسباب اخرى معروفة. أما الحلول الي يقترحها عبيد فهي: استعادة كوادر الدراما من منافيها القسرية أو الطوعية وهي مهمة الرسميين اولا، كما لا بد أن تعاد الهيبة للمسرح العراقي المتميز، ولا بد للأثرياء أن يدخلوا بقوة في هذا المجال وعلى الدولة أن تشجع القطاع الخاص في هذا المجال. ومتى ما شعرنا ولاحظنا بأن العراق قد استعاد أنفاسه وتجاوز وطأة الهزة التي تعرض لها سنرى تطور في الدراما كما في غيرها من مفاصل حياة العراقيين. ÷ نمطية الكتابة وانتحال النموذج. يقول الكاتب والناقد العراقي خضير ميري (القاهرة): إنّ الكتابة الدرامية، سواء التلفزيونية منها ام السينمائية، فإنها بالاساس لم تكن على درجة كبيرة من التطور أو الاهمية، سواء في ثمانينيات أو تسعينيات القرن الماضي الى اليوم والأسباب أجدها والقول ما زال لميري كما يلي: هناك نمطية كتابية للتلفزيون العراقي قائمة على الكتابة النسقية وانتحال النموذج المصنوع بدلا من التعايش أو نقل المعيوش وأعني بذلك أن الكتابة للتلفزيون كانت وما زالت في العراق كتابة تلفزيونية مخصصة على نوع معين من السلوك والحركة والحوار المتكلف الذي يقدم نفسه بتكثيف عال على الشاشة، ما يفقده حرارة الايقاع الشفاهي التلقائي الذي نجده في الدراما المصرية أو السورية مثلا. ويضيف: التلفزيون كجهاز ايديولوجي قائم على السلطات الثلاث "السياسية" و"الاخلاقية" والدينية" لا يسمح بأن يقدم خرقا واقعيا أو تحللا منطقيا ولم يسمح باستثمار الفعل اليومي أو الحس الجمعي الفكاهي أو الطرافة التقدية، وصار التلفزيون العراقي وجهة نظر الكاتب الدرامي وليس وجهة نظر المشاهد. ولان كتاب التلفزيون وهم يعدون على أصابع اليد الواحدة هم في الغالب لا يتمتعون بمواهب أدبية كبيرة ولا تجارب كتابية مهمة، فقد انتجوا ثقافة من نوع متشابه لا يتفاعل معها الناس بل يجدونها نوعا من التعالي الصوري الذي نادرا ما يتدخل في ذواتهم أو يعكس إيقاع حياتهم. هذا فضلا عن ضعف الاقتصاد الفني عندنا، وتكرار الوجوه التي هي في الغالب من ممثلي المسرح ومن الذين لا خبرة لديهم أمام معمل الكاميرا، وشيوع الإلقاء الخطابي والنظرة أو التحديقة الثابتة المقننة، فإننا أمام تجارب متواضعة قد تفعل فعلها بالصدفة أو بالحظ أو بالحاجة ليس إلا. ويردف عن وضع السينما العراقية الحديثة: ما زاد الامر سوءا هو سوء ظروف العراق على طول تاريخه القديم والحديث وفقدانه الاستقرار، مما نجم عنه تضرر الفنون التقنية فيه، وأعني السينما والتلفزيون والمسرح. فإن هذه الفنون تحتاج الى الاستقرار والامان والبذخ الرأسمالي لكي تنمو. ولان المرء لا ينتج الفن وهو يتدحرج على قفا حوت فإننا نشاهد تدهورا في الجانب الجمالي من الخطاب الفني والادبي كذلك، وما الدراما التلفزيونية المهاجرة الا (تمشية حال) وترقيع امنيات. ÷ الحروب والأنظمة الجاهلة. يربط الفنان العراقي ناهض الخياط بين الحياة والفن فيوضح: ان تراجع الدراما في العراق هو جزء من التراجع العام للحياة فيه. فحين نعرف ما تنتجه الانظمة الدكتاتورية والأنظمة الجاهلة وما تخلفه الحروب والطغيان في ظلها من المآسي مع ما يرافقها من الخراب الشامل والفساد في كل مجالات الحياة، سنجد أن العراق مسرح حقيقي للحماقات البشرية عبر تاريخها الطويل. لقد أصبحت الدراما بعناصرها وجمهورها، أو نقول: كل شعبنا من بسطاء ومثقفين هدفا دائما لموت والدمار. ويؤكد الخياط: إن المسرحية ليست ورقة وحسب، بل انها أيضا مكان وأرواح حية متعافية وآمنة. ونحن الآن في نهاية العاصفة، ننظر من خلال غبارها ودخانها إلى معالم الذكريات التي بدأت تتضح، وستظهر جلية بشجاعة أبنائه المبدعين الذين تفتتت تحت خطواتهم الصعاب. وقياسا على حجوم الخراب والياس والأحباط والعذاب، فإن فنانينا وأدباءنا يحققون المعجزات، إن الدراما هنا برغم إمكانتها المادية البائسة وظروفها القاسية، تؤسس قاعدة رصينة للانطلاق، وإن غدا لناظره قريب. ÷ المحسوبية وضعف التمويل. أما الإعلامي العراقي علاء الباشق فإنّ الأسباب الواقعية تتمحور حول أن: الدراما العراقية مقارنة مع مثيلاتها لم تخلق جيلا جديدا يحتل مكان الجيل القديم كما فعلت السينما والتلفزيون المصري. دخول المواهب الى السلك التمثيلي صعب جدا ويكاد يكون محصورا بالمحسوبية. ويضيف الباشق بأن المشكلة الأكبر تتمثل بـ: صعود المتملقين ومن هم دون المستوى الفني ودخولهم في هذا المجال بطرق ملتوية. ثم ضعف التمويل المادي للفنان العراقي مقارنة مع اقرانة في الدول العربية المجاورة وعدم الاكتراث الحكومي. كل هذه الاسباب وأسباب يضيق المجال بذكرها كانت وراء تراجع مستوى الدراما العراقية التي لم تنتج على مدى تاريخها الطويل سوى مئة فيلم سينمائي كان آخرها فيلم الملك غازي. ÷ الحكومات وضعف التسويق. أعطني مسرحاً أعطك شعباً مثقفاَ. هذه مقولة ثقتفية مشهورة للكاتب الألماني (بريخت). في ظل الحرب العالمية الثانية كانوا لا يستغنون عن الفن والمسرح، والسر كلما له دور فاعل في مؤثر في حياة وتقدم الشعوب فالفن هو قرة بياض في جبين الشعوب. بهذه العبارات يفتتح الإجابة الشاعر العراقي الشاب إياد الأسدي ولا يخفي بإلقاء اللوم والعتب على الحكومات، أما الأسباب فيقول الأسدي: هنالك أخطاء وخيمة بحق هذا المتنفس العراقي قد لا توافقونني الرأي لكن سوف أطلق عليه الفن العقيم أو المُحتضر لعدة أسباب: كانت في ظل حكومة جاحدة في هذا المجال، والى وقتنا الحالي، وفي حكومة جديدة وجعلت شعاراتها جئنا من أجل الحرية والتحرر من كل القيود، نرى ان الفن قد رجع أدراجه بسبب عدم الدعم الحكومي لشريحة الفنانين والعناية بهم من كل النواحي، فليس هناك أي دعم ومعنوي ومادي، ما يجعل عدم تسويق الاعمال الفنية وجعلها منحصرة داخل بؤرة الاعمال المحلية عكس الاعمال والدراما العربية والتركية، فهناك لها أسواق عالمية وجوائز... الحكومة هي دائماَ مصدر تطور وبناء الفكر البشري عندما تمد يد العون..؟ ويوضح بأن الحكومة العراقية تنتهج طريقا معاكسا إذ: أغلقت الحكومة أقسام المسرح والرقص والباليه والتمثيل في معهد الفنون الجميلة في بغداد وعدم دعمهم للعملية الفكرية عكس ما تقوم فقد اتجهت عكس عقارب الساعة من الدعم للمليشيات المسلحة التي تؤدي الى تردي الفكر وزرع روح الفتنة والتفرقة عكس ما يحمله الفنان من زرع روح الجمال ومفهوم حب الوطن وروح المحبة، وإلا أين ايتها الحكومة اكثر من هذه الهاوية. ÷ دكتاتورية الدين. ويتساءل الفنان مهدي الزبيدي: هل بات العراق صغيرا الى هذا الحد؟ هل أصبح لا يسع أفكار مثقفيه؟ هل أصبح المثقف كافراً؟ من المشهد الثقافي الكثير ما يستحق الانتظار فقد أصبح الآن الدين بمواجهة حقيقية مع الثقافة لأنهم أرادوه هكذا هم والحقيقة ان الثقافة هي من واقع الدين ولكن جعلوا كل شيء محرماً ورفعوا شعارهم كفاكم ثقافة من الشر ان تفعلوا ذلك. ويضيف: حلم الفقراء الرغيف وحلم المثقفين المسرح والموسيقى والفن والابداع لأنها الركيزة المهمة في بناء الوطن، ولو أردت أن تبني وطنا فعليك أن تبني فكراً ثقافياً فلماذا لا نتصدر نحن البلدان في المسرح والفن والسينما لأنها هي الواجهة الحقيقية لكل بلد؟ ولو اردنا التعرف الى الشعوب فلا بد ان نتعرف على مثقفيهم وهذا يستدعي بطبيعة الحال الاطلاع على ثقافة الآخر. ويستدرك رابطا بين مهمة الحكومة تجاه الإبداع: لا بد ان نستغل هذه الثروة العظيمة، ولكن عدم الاهتمام بالمسرح والفن عموماَ من قبل الحكومة جعل كل هذه الاسباب وغيرها الى تردي في الانتاج السينمائي والدرامي، وجعل الكتاب والمثقفين يرحلون عن الوطن، ولو استمرت هذه الحالة هكذا فنقول في تلك الحال وداعاَ للثقافة العراقية. ÷ الانغلاق على الذات أما الأديب سليم الجبوري فيوضح بأن: العراق من أول بلدان المنطقة في تعامله مع الإذاعة والتلفزيون، وبالتالي فمن المفترض أن يكون في طليعة الدول التي تهتم بالدراما والفن، وهنالك أعمال درامية أنتجت في العراق بقيت حاضرة في ذاكرة الناس بالرغم من مرور سنوات طويلة على تجاوزها على مستويات عديدة. ويرى أن أهم الاسباب التي أدت الى تراجعنا دراميا: هنالك مجموعة عوامل ونقاط أساسية يجب التنبه لها عندما نريد التحدث عن واقعنا الدرامي بكل شفافية، فالعراق بلد غني بمواهب كبيرة في الإبداع والدراما خصوصا، وأعتقد ان هذا الرصيد الدرامي من الأسماء بإمكانه إحداث تغيير في الخطاب الفني، لكن بالمقابل هنالك أسباب تحول دون ذلك منها: الوضع العراقي خلال عشر سنوات مضت كان وضعا استثنائيا بلا شك، انعكس على جوانب الحياة ليشمل الفنية منها، وكذلك فإن الفنان العراقي قادم من حقبة زمنية تميزت بالانغلاق على الذات، الأمر لم يسعفه في التثاقف مع محيطه، وبالتالي صقل موهبته وأداءه الفني ومن ثم اكتساب الخبرة والتجربة بالاحتكاك مع الفنانين، وضعف الإمكانيات المادية والدعم المعنوي الذي يُقدم والإنتاج اذا ما قارنا العراق بباقي الدول العربية. وبالرغم من تلك الأسباب فإن العراق بما يمتلكه من أسماء كبيرة على خارطة الفن العربي قادر على تخطي الصعوبات، وقد بدأت ملامح عودة العراق كبلد مؤثر في محيطه الفني عبر محاولات جيدة في بعض المسلسلات التي قدمت على شاشات عراقية في سنوات قريبة، هذا شيء بسيط مقارنة بالابداع العراقي، ونحتاج الكثير من الخطوات الجدية اذا ما أردنا تجاوز الاسباب فعلا. أما الحلول التي أراها مناسبة فتتمثل: الاهتمام الحكومي بالفن والتشجيع على اكتشاف المواهب الناشئة، سواء كان ذلك في الجامعات أو المعاهد التي تدرس هذه الفنون أو الجامعات الاخرى عبر النشاطات التي من المفترض ان تقام بها، والعمل على برنامج سنوي تتبناه وزارة الثقافة لإقامة المهرجانات المحلية والدولية، وكذلك توطين الخبرات الفنية العراقية من خلال توفير الفضاء المناسب ليساهم في إخراج مواهبها الفنية، وبالتالي عدم الهجرة الى الخارج كي لا ننزف عقولنا مجددا، وكذلك إناطة هذه المهمة لفنانين معترفين للوقوف على الواقع الدرامي، وبالتالي اقتراح حلول مناسبة لأنهم أنسب لهذه العملية. ÷ كلمة أخيرة. من الممكن القول: إن الدراما العراقية بدأت بالتطور نسبيا بعد 9/4/2003، وأول مؤشرات التعافي من الأمراض التي رافقتها خلال الفترة السابقة يمكن في معالجتها لموضوعات سياسية واجتماعية متنوعة بطريقة فنية مستثمرة بذلك الفضاء الجزئي الذي فُتح في السنوات القليلة الماضية مقارنة بالسنوات التي سبقت سقوط النظام العراقي، الأمر الذي ربط المبدع العراقي مع زمليه العربي في عملية تبادل الخبرات والتجارب وما يلعبه هذا الأمر في إضافة أشياء جديدة ومؤثرة تساعد في إعادة صياغة الدراما
|
|
رجوع
|
|
مقالات اخرى لــ عدنان الهلالي
|
|
|
|
|
انضموا الى قائمتنا البريدية |
| | |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|