مدينة الصور رواية عراقية تستعيد عقداً من السنوات، عقد السبعينيات الحافل في مدينة البصرة، بحياة أناسها وصورها وحوادثها المتقاطعة، وهي تتخذ من المعقل المدينة/ الميناء بوابة لأحداثها، ومسرحاً لتغيرات الحياة التي تشهد تفصيلاتها حضوراً يُثري الرواية ويمنحها ظلالاً مؤثرة وهي تتحرّك في المنطقة الفاصلة بين الوقائع التاريخية ووقائع الخيال، المنطقة التي تستدعي شخصيات عاشت المرحلة وأثرت في مجرى وقائعها، وأخرى تُستدعى من خارجها بفاعلية سردية لتحكي حكايتها وتؤشر دورها في بناء العمل الروائي الذي اتخذ من الصورة الفوتوغرافية مادته الأساس، صورة بعد صورة تتواصل الرواية، وبين صدق الصورة وكذبها تنسج حكايتها وهي تُنصت لصوت يوسف الذي يمنح أخاه سعود في كل مرّة موتاً جديداً: " كما في الخيال كان سعود يغيب. يتشظى. يموت بعد أن تسقط عليه قذيفة. أول قذيفة تُلقيها إيران على ميناء المعقل. لكنه يعود من موته في حكايات يوسف المتوالية ليُلقى عليه القبضُ في ليلة حالكة. يُسجن أو يفرُّ ليختبئ. في كل حكاية له غياب. وفي كل غياب يحضر الخميني. مثل طيف صامت يرفع يده من وراء جدار. حضور الإمام في الحكاية يفصل بين ميتتين يموتهما سعود. واحدة تؤكدها الصورة. الصورة التي تكذب. وأخرى تنفيها الحكاية. الحكاية التي يتسلل سعود فيها على درّاجته من دفتر الصور. من صفحته المقابلة لصفحة كيكي بين يدي الملاك. من وحشة الصفحة التي بقيت فارغة. من فراغها الذي واصل عبد الحليم النظر إليه ملتفتاً من سرير مرضه الطويل."
مدينة الصور، رواية لؤي حمزة عباس الصادرة حديثاً عن الدار العربية للعلوم بالتعاون مع دار أزمنة، تؤشر عبر صفحاتها الـ (156) مرحلة مهمة في حياة العراق والمنطقة، وتلتقط لحظات إنسانية فارقة، وتشهد على الصعود القسري لنمط من الحياة ما يزال أثره شاخصاً في مجرى حياتنا. |