حبة
يقولون ان ثالث كل اثنين الشيطان، لكننا انا واياها جلسنا ساعة او ساعتين وربما ثلاثا او اكثر، لكنه لم يأت. في اليوم التالي تكرر ذات الأمر، لكن في اليوم الثالث وقبل ان تنقضي الساعة الثالثة، اخرجت من حقيبتها حبة زرقاء وناولتني اياها.
أربعة
بعد مرور أربعة اشهر، على توقيفه صدر عليه حكم الإعدام، لغيابه، اربعة ايام، فوق اجازته الدورية العسكرية أثناء الحرب العراقية الإيرانية، كون زوجته كانت على وشك الولادة، والتي تعسرت يومين. اثناء ذلك نشبت معارك وتبادل هجمات بين قوات الطرفين، ودخل الجيش والبلد في حالة انذار. اطمأن على زوجته والوليد الجديد. والتحق في اليوم الثالث، ويوم آخر في الطريق، لبعد وحدته العسكرية في أقصى الشمال، وسكنه في اقصى الجنوب.
قيدوه على وتد خشبي مع مجموعة من جنود، شدت أعينهم بعصبة سوداء، تسلسله كان الرابع، وبعد ثلاث اطلاقات، جاءت الرابعة، وفرقت بين روحه وجسده، ليتوقف بعدها تنفيذ حكم الإعدام بالباقين، لمرحمة طالتهم، رحل تاركا أربعة أطفال أصغرهم يبلغ من العمر أربعة اشهر.
اشارة
سكارى، يتمايلون، يترنحون، حتى افاقوا أموات المقبرة القريبة، لضجيجهم الممتع، وغنائهم الشجي، ودعابة روحهم المرحة، ومسالمتهم. لكنهم أي ساكني المقبرة، عادوا أمواتا حين رحل السكارى، وارتجفوا خوفا ورعبا، وتكعورا في لحودهم، حين مر بهم، بوم شؤم ينوح في الفجر، وطرق سمعهم نعيق غراب محذرا، متوعدا، وقدوم خفافيش ملثمة تحمل اكياسا بانت عليها اثار دماء.
حال
كل شيء كما هو، الحي الفقير، في آخر المدينة الحزينة الخالية، النهر الصغير شاخ بشيب احمر، المقهى الصيفي هجر، بائع الخمر دفن بين قنانٍ فارغة، عاهرة المدينة الاولى أمست عرافتها المشهورة، متسول المدينة وربما حكيمها صمت ولم يردد، حكمته المشهورة (شيلمهن) بالفعل فقد زاد عددهن هذا المرة، وتحولن من صور الى جثث وصور اخرى كانت محضورة ايام الصور الاولى. أسطورة السعلوة عادت. حيطان المدينة سوداء، نعينا وتأبينا، شوارعها خالية مهجورة، أبواب بيوتها مغلقة او مقفلة، بلابل بساتينها خرساء بعد تحولها الى مقابر، ورود حدائقها واشجارها ذبلت، سماؤها غامقة الزرقة تميل الى الرمادية طوال ايام السنة، اناسها قتلوا، هجروا، رحلوا، وتفرطوا مثل رمان بساتينها.
|