|
|
الأب سهيل قاشا ينتحل مقدمة كتاب «معتزلة البصرة وبغداد» كاملة |
|
|
|
|
تاريخ النشر
08/12/2010 06:00 AM
|
|
|
كشفت أكثر من سرقة أدبية وعلمية، على صفحات جريدة «الشرق الأوسط»، منها كتب كاملة في الأديان والمذاهب، وعلى وجه الخصوص الإيزيدية والصابئة المندائيين. فدفعني ذلك إلى استفتاء فقهاء الدين، ومن مختلف المذاهب: علماء الأزهر، وآية الله خامنئي، وآية الله فضل الله، وغيرهم، ونشرت فتاواهم، التي وصلتني، تعقيبا على مقال في جريدة «الشرق الأوسط»، العدد: 9021 المؤرخ في 10 أغسطس (آب) 2003. وقبلها نشرت مادة عن سرقة كتاب حول اليزيدية، قام بها أكاديمي سوري، رئيس لقسم أكاديمي، في «الشرق الأوسط»، العدد: 8302 والمؤرخ في 21 أغسطس 2001. ونشرت مادة عن سرقة كتاب حول الصابئة المندائيين، قام بها كاتب عراقي، في «الشرق الأوسط» أيضا، العدد: 8421 والمؤرخ في 18 ديسمبر (كانون الأول) 2001. ومادة في جريدة «إيلاف»، 3 مايو (أيار) 2004، فضحت سرقة بحث في الصابئة المندائيين أيضا. وفي الجريدة ذاتها بينت أن الدبلوماسي الإيراني علي دشتي ترجم إلى الفارسية بتصرف كتاب الرصافي «الشخصية المحمدية»، ولم يؤلف «23 عاما.. دراسة في السيرة النبوية المحمدية»، «الشرق الأوسط»، العدد: 9703 المؤرخ في 22 يونيو (حزيران) 2005. وكتبت أيضا مادة «القرصنة والتدليس في نشر الكتب»، عما يحصل في إيران من قرصنة طباعة الكتب العربية، «الشرق الأوسط»، العدد: 9941 والمؤرخ في 15 فبراير (شباط) 2006. وكنت قد ناشدت رئيس إقليم كردستان العراق السيد مسعود بارزاني في مقالة نشرتها على صفحات الرأي في «الشرق الأوسط»، العدد: 10068 والمؤرخ في 22 يونيو 2006، تساءلت فيها عن توزير أحد سراق الحروف، حيث أصبح أحدهم وزيرا، وقيل لي إن أحد مستشاريه لم يطلع الرئيس على المقالة، تحت حجة أن هناك وزراء لهم باع في الفساد المالي، فما قيمة سرقة الحروف؟ مع أنها أخطر بكثير من سرقة الدراهم، فإذا كانت الدراهم تخص الجيوب فالحروف تخص العقول. وأتذكر أنني دخلت في معارك كي أمنع أحد المتسترين بالعمامة والدين من نشر مواد منتحلة في المجال الثقافي، عندما كنت محررا في جريدة «المؤتمر» العراقية (2000 - 2003)، لكن هذا المعمم أخذ حزبه يناديه بالشيخ الدكتور، بتوجيه على ما يظهر من رئيس حزبه، الذي يرى أنه في حاجة إلى عمائم تقدمه للجمهور العراقي المغلوب على أمره وعقله، وهو لم يحصل على الشهادة المتوسطة، ويمتلك الآن معهدا يعيد به تشكيل العقل العراقي، فتأمل حجم الكارثة. لكل ما تقدم لا أجد عذرا لترددي في الكتابة عما انتحله الأب سهيل قاشا من كتابي «معتزلة البصرة وبغداد»، لندن: دار الحكمة 1997 الطبعة الأولى، حيث ظهرت المقدمة كاملة في كتابه «المعتزلة ثورة الفكر الإسلامي الحر»، بيروت: مكتبة السائح والتنوير، وتوزيع دار الفارابي 2010. أقول ترددي لأنني كنت أظن بالأب قاشا أنه سيملأ بعض الفراغ الذي تركه آباء وباحثون مسيحيون كبار. كنت أظنه سيسد ثغرة مما تركه الأب أنستاس الكرملي (ت 1947)، وكوركيس عواد (ت 1993)، وغيرهما من كبار الباحثين والمحققين العراقيين، المسيحيين تحديدا! لهذا حرصت على اللقاء به في بيروت (يوليو 2007)، وتم نشر اللقاء أو المقابلة في جريدة «الشرق الأوسط» أيضا، وقد أطنبت حينها في الإطراء عليه، ونشرت المقابلة في صفحة كاملة. وهذا شيء مما قلته في تقديمه لتلك المقابلة: «كتب نحو 77 كتابا في مختلف مجالات التاريخ والثقافة، وكانت حصة التاريخ الإسلامي منها غير قليلة... بدأ كاتبا قبل أن يرتسم كاهنا، وبعدها لم تتغير الحال... ظل كاتبا وباحثا إضافة إلى الكهانة» «الشرق الأوسط»، العدد: 10563 المؤرخ في 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2007. واقتنيت معظم ما كتبه الأب المذكور، مطمئنا أن الكرملي أورق كراملة، ومنهم الأب سهيل قاشا. كنت في معرض الشارقة، 29 أكتوبر 2010، فلمحت عند دار الفارابي كتابا تحت عنوان «المعتزلة»، اشتريت الكتاب لمؤلفه لا لموضوعه، فما لدي من كتب حول المعتزلة ليست قليلة، وبتصفحي له وجدت أن المواضيع مطروقة كثيرا من قبل. عدت وأنا أتصفح الكتاب، ووجدته رجع إلى كتابي «معتزلة البصرة وبغداد» كثيرا، وليس في الأمر مثلبة، مع أنه لم يضع الكتاب كأحد مراجعه مع ثبت المراجع، وقلت إنه النسيان، وزحمة الوقت عند الانتهاء من العمل في الكتاب، ومعلوم أن المصادر آخر ما يرصد في الكتاب، وكذلك المقدمة! لكن المفاجأة، عندما بدأت بقراءة المقدمة، وإذ هي كلماتي عينها، ومن ينسى كلامه المكتوب؟ وأيضا صبرت ولم أحكم أو أقطع بالحكم على أنه سرقة، فقلت ربما هناك تخيلات في الأمر مني، أو هو توارد خواطر مثلما يقال. لكن بعد المقابلة بين مقدمتي لكتاب «معتزلة البصرة وبغداد»، وما وضعه الأب قاشا من مقدمة لكتابه «المعتزلة» وجدته انتحلها حرفيا، وحينها ذهلت ولم أعرف كيف أتصرف؟ حتى حزمت أمري وقلت: لا بد من الكتابة! ولماذا أقف موقفين حيال سراق الحروف، والسرقة هي السرقة، سواء قام بها البعيد أو قام بها القريب؟ فمن كتبت عنهم سابقا لم يحصل أن التقيت بهم، أو حتى قرأت لهم. أما الأفظع في الأمر فقد قدم الأب سهيل قاشا لمقدمته بالكلمات التالية: «خدمة للعلم والمعرفة، ثم نزولا على رغبة طلابنا في معهد مار بولص للفلسفة واللاهوت، زيادة في الإيضاح والفائدة، نعمل على إبرازه إلى النور بمقدمة جديدة، هاك نصها..» (قاشا، المعتزلة، طبعة 2010 ص 11). والنص هو مقدمتي بحروفها ومفرداتها ومقاطعها وأفكارها، والشبه بين المقدمتين هو شبه الغراب للغراب (معتزلة البصرة وبغداد 1997). وتبلغ عدد كلماتها أربعة آلاف وثلاثمائة وثمانية وعشرين كلمة، وهي المقدمة كاملة. هنا أجد من الصعب نشر المقدمتين كي أظهر التطابق التام بينهما، لكن آتي بأول المقدمة ونهايتها ومن الكتابين، فلعل الصورة تتضح للقارئ اللبيب. جاء في مقدمة الأب قاشا (المعتزلة 2010): «من بين مخلفات التاريخ يبرز الاعتزال، بمقالات شيوخه، محفزا نشطا في استلهام دلالات العقل مقابل النقل، والتحرر من أسر رتابة النصوص. بسبب أن هذا الفكر يمتلك رؤية حيوية حيال معرفة الوجود، طبيعة ومجتمعا، وعلاقتهما بالله. رؤية تمكن الإنسان، إلى حد ما، من حرية التصرف في شأنه الاجتماعي، ومن التأثير الواعي على الطبيعة، وتوجيهها لمصلحته. حاول المعتزلة في مختلف مراحلهم الكلامية والفلسفية تأكيد مسؤولية الإنسان عن أفعاله. ومن دون شك، يقود ذلك إلى تفعيل دور العقل في تنظيم الحياة الاجتماعية والاستفادة من الطبيعة بشكل خلاق، بعد فهم قوانينها عن طريق، تكدس، التجارب. ويبرر أحد رموز الاعتزال البصريين القاضي عماد الدين عبد الجبار في (فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة) اعتبار العقل الأصل الأول في الإيمان والحياة، حتى قبل القرآن الكريم والسنة النبوية، بقوله: (لأن به يميز بين الحسن والقبيح، ولأن به يعرف الكتاب حجة، وكذلك السنة والإجماع، وربما تعجب من هذا الترتيب بعضهم، فيظن أن الأدلة هي الكتاب والسنة والإجماع فقط، أو يظن أن العقل إذا كان يدل على أمور فهو مؤخر. وليس الأمر كذلك، لأن الله تعالى لم يخاطب إلا أهل العقل، ولأن به يعرف أن الكتاب حجة، وكذلك السنة والإجماع، فهو الأصل في هذا الباب» (قاشا، ص 11). جاء في مقدمة كتابي (معتزلة البصرة وبغداد 1997) ما نصه: «من بين مخلفات التاريخ يبرز الاعتزال، بمقالات شيوخه، محفزا نشطا في استلهام دلالات العقل مقابل النقل، والتحرر من أسر رتابة النصوص. بسبب أن هذا الفكر يمتلك رؤية حيوية حيال معرفة الوجود، طبيعة ومجتمعا، وعلاقتهما بالله. رؤية تمكن الإنسان، إلى حد ما، من حرية التصرف في شأنه الاجتماعي، ومن التأثير الواعي على الطبيعة، وتوجيهها لمصلحته. حاول المعتزلة في مختلف مراحلهم الكلامية والفلسفية تأكيد مسؤولية الإنسان عن أفعاله..».(رشيد الخيون، معتزلة البصرة وبغداد، طبعة 1997، ص 5). خاتمة مقدمة كتاب «المعتزلة» للأب قاشا: «في هذا الكتاب تمت دراسة عشرين ونيف من الشخصيات الكلامية، من نفاة القدر والصفات والقائلين بخلق القرآن من غير المعتزلة ومن شيوخ الاعتزال البارزين. كان في مقدمة هذه الشخصيات الفقيه المعروف الحسن البصري، الذي لا تربطه رابطة بالاعتزال، كما يشاع عنه ذلك، سوى أن مؤسسي الاعتزال واصل بن عطاء الغزال وعمرو بن عبيد الباب كانا من مرتادي مجلسه في مسجد البصرة، ولعل بحث تفاصيل حياته يكشف عن ظروف الحركة الفكرية والكلامية آنذاك، ويكشف أيضا موقفه وفقهاء عصره من الاعتزال. أما الإمام أبو حنيفة النعمان، والمقتولون الأربعة الجعد بن درهم ومعبد الجهني وجهم بن صفوان وغيلان الدمشقي فأمرهم له صلة بمقدمات ظهور الاعتزال الفكرية، فالمذكورون تبنوا تلك الأفكار بدرجات مختلفة من الوعي والمساهمة. لم يستوعب الكتاب مفكري الاعتزال من بصريين وبغداديين كافة، مع ذلك سيكون تلامذتهم عين اهتمام مشروع آخر» (الأب قاشا، المعتزلة، طبعة 2010، ص 26 - 27). خاتمة المقدمة الأصل من كتاب «معتزلة البصرة وبغداد»: «في هذا الكتاب تمت دراسة عشرين ونيف من الشخصيات الكلامية، من نفاة القدر والصفات والقائلين بخلق القرآن من غير المعتزلة ومن شيوخ الاعتزال البارزين. كان في مقدمة هذه الشخصيات الفقيه المعروف الحسن البصري، الذي لا تربطه رابطة بالاعتزال، كما يشاع عنه ذلك، سوى أن مؤسسي الاعتزال واصل بن عطاء الغزال وعمرو بن عبيد الباب كانا من مرتادي مجلسه في مسجد البصرة، ولعل بحث تفاصيل حياته يكشف عن ظروف الحركة الفكرية والكلامية آنذاك، ويكشف أيضا موقفه وفقهاء عصره من الاعتزال. أما الإمام أبو حنيفة النعمان، والمقتولون الأربعة الجعد بن درهم ومعبد الجهني وجهم بن صفوان وغيلان الدمشقي فأمرهم له صلة بمقدمات ظهور الاعتزال الفكرية، فالمذكورون تبنوا تلك الأفكار بدرجات مختلفة من الوعي والمساهمة. لم يستوعب الكتاب مفكري الاعتزال من بصريين وبغداديين كافة، مع ذلك سيكون تلامذتهم عين اهتمام مشروع آخر» (رشيد الخيون، معتزلة البصرة وبغداد، طبعة 1997 ص 19). لا أدري هل هو استغباء القارئ أن يأخذ الأب قاشا المقدمة حرفيا ويتورط بالإشارة إلى العشرين من شيوخ معتزلة البصرة وبغداد، ولم يعن بدراستهم، ثم يأمل القارئ أن يكون أبو حنيفة والآخرون في مشروع آخر! أم الثقة الزائدة بالنفس؟ أرخ الأب سهيل قاشا لمقدمته (دير يسوع الملك 11/ 7/ 2009). أما تاريخ كتابة مقدمة «معتزلة البصرة وبغداد» فهو يناير (كانون الثاني) 1997. وكتب يقول في مستهل مقدمته قبل انتحال مقدمة كتابي كاملة إنه نشر كتابا عام 1998 تحت عنوان «رؤية جديدة في المعتزلة»، ولم أرها. لا أدري كيف درس طلبة الفلسفة على يد الأب قاشا، وبماذا وعدهم؟ أوعدهم أنه سينتحل لهم مقدمة كتاب كاملة؟! ولا أدري كيف سينظر في كتب الأب الأخرى التي بلغت 77 كتابا، في المسيحية والفكر القديم والتراث الإسلامي. لست حزينا لانتحال مقدمة كتابي، بقدر ما أحزنني خيبتي في الأب الباحث قاشا، وإحباطي من الأمل في تكرار ظاهرة الأب الكرملي وكوركيس عواد وميخائيل عواد. كذلك ما يحز في النفس أننا فقدنا رجل دين كنا ندخره لتصويب خطايانا، ونسمع منه الكلمة الثقة والفعل القويم. حقيقة أُصبت بخيبة كبرى وأنا أراجع ما اعتمدته من الأب سهيل قاشا في مقالاتي وفي كتبي، وما كتبته فيه في تلك المقابلة، وكيف قدمته إلى جريدة «الشرق الأوسط» كأحد مفاخرنا نحن العراقيين، الذين أطفأ الرماد نار ثقافتنا، وننتظر فينيقها ينهض من جديد، والأب قاشا إحدى الجذوات، ولكن! في الختام أتقدم بالشكر الجزيل للأب إبراهيم سروج المشرف على مكتبة السائح لتفهمه وحرصه على تبيان الحقيقة. ولا شك عندي أنه سيعمل على حجب الكتاب وسحبه من المكتبات. |
|
رجوع
|
|
مقالات اخرى لــ رشيد الخيون
|
|
|
|
|
انضموا الى قائمتنا البريدية |
| | |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|