كفانا هوس بالماضي السحيق، كفانا نعيش دهليزا وكهفا اظلم، الى متى تبقى عيوننا على الماضي العتيق ونستشرف المستقبل باللاشعور، أما كفانا تأخرا وانحدارا وتراجعا وظلاما، أما آن الأوان إن نرتحل من مفردات عصر الجاهلية الى عصر التنويرية.
الم يحن الوقت لنصحوا فقد طالت الغفوة وخرجت علينا شمس الصباح معاتبة. حتى أهل الكهف استيقضوا، لكن حينما رأوا إن الزمن غير زمنهم اثروا الرحيل الأبدي.. قرون وسنون ونحن نرزح بالتاريخوية. نستدل بشجرة التوت. أما آن الأوان أن نصحوا من غفوتنا تلك نحن في سبات طال نومه، الى متى يبقى الحنين الى الماضي هي غاية علمنا؟ الى متى نأن أنين النساء الثكالى تحت غمائم التخلف والبداوة؟ الى متى نبقى اسارى الفكر المشلول ومرضى التمذهب؟ أما كفانا نخدع أنفسنا وشبابنا بكلام الاموات. الى متى نسمم عقول شبابنا ونفخخها، من خلال المنابر التي تحولت من منابر الرحمة والحب والتسامح والأخلاق الى منابر البغض والكره والقتال؟ الى متى ثقافة السكاكين والرماح والسيوف والفؤوس؟ الى متى نجلد الذات بحجج واهية. كفانا التغني بأهازيج القدماء، كفانا لعبا بدماء الفقراء، كفانا تقسيما للداخلين جنتنا ونارها، كفانا تغنيا بالجهاد والدمار والحرب، نحن صناع الحضارة وآفاق المستقبل وكينونة المبادىء، نحن أبناء نبي كان اسمه نبي الرحمة وليس نبي النقمة.
اعتقد ان لغة الصراخ والصياح وتلك الخطب النارية ولى زمنها مع الحروب الصليبية والهتلرية والنازية، نحن أبناء اليوم أبناء العلم والمعرفة والتحليل وليتنا فقهنا علم الصين بدل علم الخرطات التسعة ليتنا فهمنا البناء والاعمار وقيام دولة المدنية بدل من عراكنا في علم الكلام الذي لا طائل منه، ليتنا قرأنا ذلك الشعب البائس الفقير. شعب الصين الذي أنشأ أول الديانات بالكرة الأرضية كيف كان وإلى أين صار، يا عجبا شعب ليس مختارا ولم يعرف نبي من أرضه ولم يرسل له رسول ونحن شعب الأنبياء والأولياء والأوصياء والشعب المختار وكنا خير امة أخرجت للناس.
نصدر عقولا ملغمة ورؤوسا ملأها حقدا وكراهة ولم نصنع ثقاب كبريت، كفانا اذن تصفيقا للذات المصابة بالهستريا الثقافية ولغة الدم، لنر تلك الدول التي تصدر الحياة والبقاء الى كل الأرض ونحن نصدر الدمار والتخريب، هم صناع الحياة ونحن صناع الموت، هم يصنعون المدن فوق الماء ونحن ننتظر فلان العرفاني متى يمشي على الماء. في بعض الأحيان اخجل من نفسي كثيرا وأنا اسمع كلام المتأسلمين وأشم منها راحة الكراهية والبارود للشعوب وأرى ضحالة هذا الفكر وهو يشتم الآخرين ويكفر الناس وهو يستخدم حضارتهم وعلمهم ويكفر حتى أبناء جلدته وأبناء بلاده وكأنما هو من عرف الحقيقية ونزل عليه الوحي.. ديدنه زرع الفكر التكفيري في اذهان الشباب وإنشاء عقدة الكراهية للغير. وأحيانا اشعر بالإعياء وأنا أرى إلى أين وصلت إليه أحوال هذه الأمة المقهورة بسب تلك الثقافة. وهي منظومة من لغة الانتحار. وأساس الحياة عندها هو الموت. |