لو أَنّا نعرفُ أنفسنا ونغادر هذا الصقْعَ المتقيّء نفطاً. ليس طريق النفسْ. فأين أسيرُ أنا ؟ تتباطأُ كل الأرجل ، كل العربات وأنا أبحث عن فجر حياة كنت اظنه في الساحه .
(رجل يضحك ..) لا يُحتَمَلُ العالمُ . حيث مضيت وجوهٌ يابسةٌ حيثُ مضيتُ بنادقُ . حيث مضيتُ ثيابٌ ماحلةٌ وأكفّ من خشب منشقّقةٌ ورؤوس تتفحّصُها وتؤجلَها الأقدارْ تلك غيوم تقلبُ باطنَها ، تسوَدُّ وترجمُني رعداً . لم أفعل شيئاً. أَمشي ساعات وأنا مازالت حولي الأسوارْ هل بغداد مدينة ؟ كم عدد الأحياء وكم عدد الأمواتْ ؟ هل أولاء العَجِلين يطاردهم حرَسٌ ؟ في كل زقاقٍ وجهٌ مختبيءٌ ويعشعِشُ فوق الأبوابْ عفنٌ و خرائطُ غامضةٌ من أشَناتْ . ليس امامي غير الشارع ، لكني خرجت الآنَ واني بين الناس العربات الأفرانْ وكأني رأيتُ رفاقاً ضاعوا منذ زمان ، مروا في الظلمة ، ما رغبوا بكلامْ عبروا لا أدري لأي مكانَْ . دجلةُ يلتفُّ على هذي الارض الشائخة المأكولة بالجدري . كم تنتثر الطلقاتُ هنا فارغةً ؟ تلمَعُ تلمعُ حلوى الموتْ ! هذا القشُّ المالح ! هذا الولد الأعرجُ ينظر من بعدٍ ، هذا المستنقع مدَّ بأذرعه نحو النهرْ هذي الاشجار اسودّتْ والشمس تمدُّ يداً تُنزِلُ روباً نسويّاً أحمرَ من فوق البيتْ . رجل أعمى يعزف ناياً. يستجدي. الساحة فارغةٌ . أسمع صوت الماضي من بين ثقوب القصب المقطوعْ ، وبكاءً من بين الأحجار . هو يشبه صوتي : هل أقلب هذي الأحجار ؟ لكني في الشارع مقفلةٌ شفتاي . ولماذا الخوف ؟ أنا لا ارجو شيئاً إلاّ أن أمشي ، اتنفّسُ ، آكلُ حين أجوعُ والبس اخلع بنطالي... تلك حياة . يوم رأيتْ جملاً في صحراء ، شربتُ كثيراً حتى نمت لم أقرأ ، لم أكتبْ وكرهت الاشعارْ . دجلةُ غيّرَ لونَهُ . صار رماديّاً ، صارَ بطيئاً ، صار يجر حمولتَهُ ويسيرْ . صياد شيخ يُغرِق ساعاتٍ من عمرِهِ كي تطفو سمكه . يأمل ربّاً يمنحُهُ فرَحاً أنا لا آمل في شيء ، لا خيط في الضّجةِ قد يعلق في صنارته شيءّ. أشعر بالخزي ، تركتُ الصيدْ للصيادينَ رأيتُني أشغل صمتي في كلمات متقاطعةٍ.
هذي بوّابةُ مستشفى . عشرات لا يدرون نتائجَهم . والعالمُ يحكمُه الموتْ والرحمةُ قد تلمع ومضتُها ، قد يلقفُها أحدٌ أو يخسرها .
في الانقاض وجدتُ كتاباً . بعد الانقاض حيّاني رجلٌ يعرفني . قبل عبور الشارع ، انتظر الأخضرَ ، تلك السيارة ! ألمحُها . أخفَتْ وجهاً عني تتشاغل في أزرار بلوزتٍها . زمن الحب مضى. تتذكرّ لا تتذكرُ ، لا فرقٌ . وجدَتْ في زمن القحْطِ مؤونتَها . كانت قصصاً كي تُنسى . مازالت تتشاغل في ازرار بلوزتها. |