|
|
رواية «جمر عراقي على ثلج سويدي» لعلي عبد العال |
|
|
|
|
تاريخ النشر
02/12/2009 06:00 AM
|
|
|
بعد عدد من الإصدارات يطرح الكاتب علي عبد العال المقيم في السويد، بين يدي القارئ رواية جديدة بعنوان «جمر عراقي على ثلج سويدي» وهي الرواية الرابعة، بعد «أقمار عراقية سوداء»، و«ميلاد حزين» و«أزمان المنافي»، التي يكرس فيها المسار الذي يتابع فيه الكاتب تفاعلات المهاجرين والعراقيين تحديدا مع المجتمع الجديد، كاشفا عن معاناتهم، بعيدا عن الجذور. «إنه قمر جديد آخر، لكنه من جمر يسقط على ثلج سويدي فيبرد ويهمد ليبتلعه الفضاء الشاسع» كما جاء في غلاف الرواية الصادرة عن «دار التكوين» بدمشق. يعتمد علي عبد العال في موضوعات رواياته على أحداث من واقع الحياة اليومية المعاشة في المجتمع السويدي وما تنشره وسائل الإعلام يوميا من قصص خبرية يوظف الكاتب ما يلفت انتباهه منها أو ما يصطدم به في مكان ما خلال عمله وحياته اليومية، وهذا الحدث أو هذه القصة الخبرية يضعها في مسارات وتشعبات وسياقات تجد فيها عالما يمتد على فترة زمنية قد تطول نسبيا. وفي هذه التراكمات التي يصل الكاتب خيوطها وتشعباتها ببعضها بعضا يسبغ عليها من ذائقته وخبرته كونه مهاجرا يحمل إرثا ثقافيا واجتماعيا مختلفا عن ما هو سائد في المجتمع الجديد، بالإضافة إلى معايشات في ظروف زمانية ومكانية مختلفة أيضا يغني فيها نصه الروائي الذي يتداخل فيه الواقع مع الخيال. وميزة تشابك الواقع مع التخيلات والأحلام في النص الروائي، صناعة إبداعية تتاح للقارئ، من خلالها، إمكانية الولوج إلى عالم الرواية والتنقل بين مساراتها من دون أن يلاحظ ثمة حدود بين الواقع والمتخيل المتفاعلين في بيئة واحدة. هذا ما يذهب إليه الروائي على عبد العال وهذا أيضا ما يجسده في روايته الجديدة «جمر عراقي على ثلج سويدي» كعنوان رئيسي، حيث للرواية عنوان آخر، هو «جيسكا». وجيسكا اسم البطلة الرئيسية في الرواية، بل هي المحور الذي يتناغم فيه الواقع مع الخيال. وكون أن للرواية عنوانين، فهذا أمر يمكن مناقشته، قد يضيف للرواية قوة وبعدا آخر، طالما يجري الحديث عن عالمين مختلفين، جغرافيا واجتماعيا، أو ربما يجعل القارئ يفكر فيما إذا كان الكاتب مترددا في حسم أمر عنوان الرواية فجعل لها أكثر من عنوان على الرغم من أن «جيسكا» كعنوان هو في غلاف الرواية الثاني وليس في الواجهة.. على كل حال فعنوان الرواية الأساس هو «جمر عراقي على ثلج سويدي» وهو عنوان مثير يجعل القارئ المتابع لكتابات عبد العال يشعر بأن ثمة صلة بين هذه الرواية ورواية أخرى سابقة بعنوان «أقمار عراقية سوداء في السويد»، ويتناول فيها حياة أسرة مهاجرة تعيش في السويد، يقوم الكاتب بمتابعة حياتها منذ لحظات بنائها وحتى انهيارها. وإذا كان علي عبد العال يرمز من خلال العنوان إلى المهاجرين الذين يتميزون بلون بشرتهم السمراء غالبا المختلفة عن السويديين، حيث يجعلهم يتحركون في مسارات غريبة عنهم، قد تصطدم أحيانا مع المدارات التي كانوا يدورن بفلكها في بلدانهم الأصل فيبدون ساهين في هذا العالم الغريب والمختلف؛ فهو في روايته الجديدة «جمر عراقي على ثلج سويدي» يواصل هذا الرمز ولكن من خلال منظار مغاير، حيث ثمة مشكلة سويدية، تخص أبناء المجتمع الجديد، وعلاقة المهاجر وتفاعلاته معها، حيث يتفاعل هذا التناقض الحاد بين حرارة الجمر وبرودة الثلج ويخلق عالما يساوم نفسه في نهاية المطاف. واقعة هذه الرواية الجديدة أن شابة في الرابعة عشرة من عمرها تدعى جيسكا اشتكت والدها في المحكمة مدعية من أنه يغتصبها منذ أن كانت في الرابعة من عمرها، والمؤلف، علي عبد العال، كان يحضر جلسات المحكمة باعتباره طالب صحافة يتدرب في مهمة مراسل لصحيفة محلية كجزء من دراسته في الصحافة، كما يقول في حديثه إلى إذاعة السويد باللغة العربية، فتشاء له الصدف أن يتابع هذه المسألة بالذات. ولكونه شرقيا مشبعا بقيم اجتماعية ينظر للأبوة كشيء مقدس ولا يصدق ما تقوله الشابة التي اعتبرها في البداية كاذبة وما تدعيه لا يخرج عن كونه طمعا في المال كتعويض عما سببه هذا من أضرار جسدية ونفسية، فيتعاطف في البداية مع دموع الأب، لكنه سرعان ما يكتشف إساءة الأب للمقدس، للأبوة، ويبدأ في التضامن مع الضحية. لكنه ولكونه يحمل قيما أخرى مهاجرة فالأمر هنا مختلف، فتنشأ علاقة بين جيسكا، الضحية الفائزة بحكم المحكمة والصحافي المهاجر ذي الجذور الشرقية الذي تابع يومياتها بعاطفة تحمل بين طياتها حرارة غير مألوفة نحو شابة تربت على علاقات محسوبة، لكنها استطاعت في النهاية أن تبرد قطعة الجمر على ثلج الشمال الاسكندنافي وتصهرها في الفضاء الشاسع الغريب. |
|
رجوع
|
|
مقالات اخرى لــ طالب عبد الامير
|
|
|
|
|
انضموا الى قائمتنا البريدية |
| | |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|