|
|
كورنيش |
|
|
|
|
تاريخ النشر
12/11/2009 06:00 AM
|
|
|
اشتهت أن يكرر ذلك، ولكنه انتظر أن تمر السيارة الزرقاء. سحبت بلوزتها من الأمام فصار مثلث العنق أوسع وأكثر ارتخاء، فكرت في انه إذا بقي يحصر يده في جيب البنطلون ويحرك، بتوتر، ساقه اليمنى، فربما لن تشعر بالبرودة التي تخشاها، ولكنه سحب ساقيه إلى أسفل المصطبة ونظر، كما التماثيل، إلى الإسفلت الذي يفصلهما عن دجلة. ماعادت تستطيع أن تذكّره بفداحة قبوله وظيفة الحارس الأمني. تركته يحكي، ويده في جيبه، عن واجبات غير مريحة، متوقعة أن يغير كلامه، كما فعل قبل قليل، ويمد يده عبر مثلث العنق ويستولي على ثديها ملتقطا حلمتها باصبعيه. قال انه يحرس الان رجلا سياسيا يطلع كثيرا في التلفزيون، ولديه ثلاث سيارات مصفحة. وقال بعدها عن السياسيين انهم لا يثقون إلا باقربائهم، واخبرها انهم لم يوظفوه لانه يحمل الحزام الأسود، كما كان يظن، وإنما لان الحراس يموتون بسرعة. اعتقدت انه فهم من التفاتاتها أن لا عيون بين الأشجار، وأن بإمكانه فعل ذلك مجددا، وبهدوء كامل الشجاعة، ولكنه لم يمد يده إلى صدرها كما انتظرت، واخذ يتابع مروحية أمريكية كانت تهبط على الضفة المقابلة لدجلة. قال لها انه طار بواحدة كهذه عندما كان السياسي الذي يحرسه في زيارة إلى النجف. وصف لها عنف الريح بينما هي تسحب بلوزتها بأقصى ما يمكن لتظهر شيئا مغريا لم يره عندما مد يده باستعجال إلى حلمتها النائمة في السوتيان الاسود. قال لها انه كان يود أن يعود إلى الرياضة ولكنه لا يعرف إن كان الأمريكان قد اخلوا مبنى النادي، كما انه لم يتمرن منذ فترة، واكتسب وزنا مقرفا. عادت السيارة الزرقاء لتسير ببطء على الإسفلت الذي يفصلهما عن المنحدر الحجري فقال لها أن رئيس الوزراء أمر الأجهزة الأمنية بان توفر الحماية للاماكن العامة، وأوصى أن تتسامح مع ما يفعله العشاق على الكورنيش؛ فعادت لسحب بلوزتها كي يرى خط تلاحم ثدييها. سمعا انفجارا طويل الصدى خلفهما افزع طيور النهر الثقيلة، فقال لها انها عبوة ناسفة، وشرح لها الفرق بين انفجار السيارة المفخخة وباقي الانفجارات الأخرى. وحدثها عن أساليب الحراس الأمنيين في تفادي المواقف الصعبة، وكيف انهم تلقوا تدريبات سير شاقة لتطبيق الضوابط الأمريكية في حماية موكب السياسي في الشارع عند حدوث هجوم ما. مد ساقيه مفرقا أطرافه باسترخاء، موحيا بأصابع يده المنشورة على مسند المصطبة والتي صارت قريبة من وجهها ومنكسة نحو فتحة العنق انه مر بمصاعب مشابهة، وانه اعتاد الانفجارات القريبة. قال لها أن واجبات الحارس الأمني اخطر بكثير من إصابات الرياضي. وان الذين ليسوا من أقرباء السياسي، ولا يملكون سوى أجساد رياضية فانهم يموتون بكثرة لانهم يسيرون في المؤخرة، ومن عادة الانفجارات انها بلا توقيتات مضبوطة. وضعت ساقا على ساق فتقلص مثلث العنق وأحست بدمع لزوجتها. توقع أن تطير المزيد من المروحيات الأمريكية في الجو من دون أن ينتبه إلى أن جناح تاتو الفراشة السوداء اخذ بالظهور على ربوة ثديها. تذكر انفجارا عنيفا حدث في المنطقة التي تدفق منها الصوت، وشرح لها تدرجات الألوان في الأحزمة، وسألها إن كانت تحب ان تشاهد صورا له التقطها في آخر بطولة اشترك فيها قبل أن يحتل الأمريكان النادي الرياضي وينتقل للعمل في الحراسات الأمنية. فكرت باستدراجه وسؤاله عن رأيه بتاتو الفراشة السوداء، وعندها سيقول انه لا يراه جيدا وستقوم بإرجاع شعرها إلى الخلف، وجر مثلث عنق البلوزة من ضلعه، وستبالغ بذلك بينما هي ترفع صدرها بهواء زائد. أوشكت أن تقول له ذلك ما ان بدا لها انه لا يهتم بخلو المصاطب التي خلفهما، ولكن السيارة الزرقاء ظهرت من الخلف ملوثة الهواء بالغبار، وعبرت من فوقهما مروحية أمريكية عليها رسم الصليب الأحمر إلا انها ذهبت في الاتجاه المعاكس لصفير سيارات الإسعاف. قال لها بشيء من الأسف القاتم انه يريد لهذه السيارة الزرقاء أن تموت بلغم لاصق، هذه المزعجة مثل ذبابة. سألته وهي ترجع شعرها الى الخلف وتعقف اصبعها على ضلع مثلث فتحة العنق إن كان قد شاهد هذه الفراشة؟. لاحق السيارة الزرقاء بعينيه ورد بخمول وهو يرجع يده إلى جيبه: أنت واهمة .. هذا ليس موسم الفراشات. |
|
رجوع
|
|
مقالات اخرى لــ نزار عبد الستار
|
|
|
|
|
انضموا الى قائمتنا البريدية |
| | |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|