شاء القدر أن يدخل أحد أصدقائنا في ضيافة العناية الفائقة بأحدى مستشفيات العراق وسأنقل لكم حديث صاحبي المريض بقلبه ومرافقه عن معاناة أربعة أيام داخل تلك الغرفة المكتظة بالقلوب التي أخذها تعب العيش في بلد يحكمه الاحتلال وحكومة الفساد :
يبدأ الضجيج كعادته في الثامنة صباحا"حيث يبدأعمال التنظيف عملهم الروتيني الممزوج بالصياح والمشاحنات والشتائم عمن أخذ مكنسة الاخر أوسرق بدلة زميل أوذاك الذي يخبر أمه بوصوله سالما" من أيدي الميليشيات الى عمله ويشتد الصياح عندما تكون شبكة الموبايل (وهي دوما" هكذا)ضعيفة أو أن الام نست أن تضع هاتفها على الشحن فتضيع المكالمة هدرا" ويبدأ القلق عند الطرفين،مسح الارضيات أشبه بعمل لابد منه فالحشرات الصغيرة والكبيرة تصول وتجول ويبدوا أن مكانس العمال هي التي تحفز تلك الصراصير على الفطور بما تحمله أوعية التنظيف من وجبة دسمة،
جرايد ،جرايد ،مجلات :هذا هو صوت بائع الصحف حينما يدخل الى غرفة الانعاش ليقول للمرضى الذين أسعفهم القدر وتماثلوا للشفاء بقدرة قادر وهم يقضون فترة النقاهة المطلوبة بأن الوقت طويل وعلى المريض أن يشتري مايستطيع وعليه أن يتجنب أخبار البلد التي ربما تعيده الى المربع الاول كما يحلو للسادة الافاضل من حكام العراق التمنطق بهذة العبارة حتىوأن لم يقتضي الحال الاستدلال بها ، سألت صاحبي بعد أن أخذني الفضول عن بائع الجرائد فيما أذا كان يردد عبارة( حب ،جكاير ،علج) التي نسمعها دوما" من هؤلاء الباعة ،ضحك صاحبي مشيرا" بالنفي ولكن بالمقابل أخبرني عن وجود دكاكين صغيرة في المستشفى تبيع مالذ وطاب وبأسعار جنونية .
موظفي المستشفى لديهم أدوار جذابة مع كل مريض فموظف الاستعلامات يضغط على المرافقين والزائرين حتى ينال نصيبة ولايقبل بأقل من خمسة الاف دينار ومادونها فأنت في رحمته دوما" وهو لايتواني عن أخبارك دوما" عن حاجتك لاي دواء ليكون بمتناول يدك بعد لحظات ليحصل على المقسوم وأما المريض المسكين الفقير الذي لايملك مايسد به جشع هؤلاء فعلى المرافقين تهيئة التابوت وقد ذكر الاطباء لمريضنا بأن أحد المرضى ظل ثلاثة أيام دون أن يحصل على علاجه وأنتهى به الامر الى المقبرة،
أحذر من النشالة والسراق ،هذا هو شعار المستشفى ويبدو أن الكثير من موظفيها تمرسوا على مهنة الحرام بالسطو على جيوب المرضى ومرافقيهم وعليك أيها المريض التحسب حينما تذهب الى الحمامات أو أجراء التحاليل وأن تكلف أحدا"لحماية أغراضك التي ستكون عرضه للسرقة ويذكر صاحبي بأنه ذهب الى المرافق في ساعة متأخرة من الليل مع مرافقه ويبدو أن أحد موظفي المستشفى كان يحوم للحصول على غنيمة وحينما تفاجأ بالتدابير الاحترازية التي أتخذها صاحبي وعندما لم يحصل على مايبحث عنه أدركه النعاس فأتخذ من سرير المريض مضجعا" له وقد فسر تصرفه هذا لاحقا" بأنه يبحث عن شىء تركه في مكان المريض .
الحديث عن القطط والكلاب السائبة التي تجول وتصول في المستشفى حديث غريب ويبدوأنها لم تجد مكانا" آمنا" ومرتعا" لتربية صغارهاغير تلك المستشفى وقد غيرت أماكن سكنها من بيوت العراقيين أو مزابلهم التي كانت توفر لهم الاكل والامان قبل أن يهجر الملايين من الناس بلدهم قسرا" وتهجيرا" بفضل هذة الحكومة النشاز وأنا هنا أتذكر حديث لصعلوك يسمي نفسه وزير المهجرين يدعي فيه كذب الاخبار التي تتناول وضع المهاجرين داخل وخارج القطر وأن الحقيقة هو أنتقال هؤلاء لاغراض الدراسة أوالعمل ، سحقا" أيها الدعي .
شهادة لله من صاحبي ومرافقه بأن الاطباء الشباب المسوؤلين عن الغرفة يحاولون جهد الامكان أن يقدموا للمريض المساعدة المطلوبة ويحرصون على راحته ولكن كما يقولون العين بصيرة واليد قصيرة .
أجمل ماسمعته أن ثلاثة من مرضى المستشفى أنتقلوا الى رحمة الله ليس لاسباب صحية وأنما هلعا" أصابهم جراء أطلاق نار كثيف من حرس المستشفى وماحولها لاسباب غير معروفة .اللهم شافي مرضانا وأرحم أمواتنا. |