|
|
حجر عثرة: دليل الصحة النفسية للعراقيين |
|
|
|
|
تاريخ النشر
09/06/2009 06:00 AM
|
|
|
نشرت صحيفة "الشرق الاوسط" خبرا غريبا مفاده أن العراقيين هم الأقل تعرضا لصدمة ما بعد الحرب. بغياب (الأكثر تعرضا) تبدو صيغة المقارنة في هذه الجملة مجرد استنتاج غير علمي. الخبر منسوب الى دراسة لمنظمة الصحة العالمية، لينسب بعد ذلك الى مسح أجرته وزارة الصحة العراقية ظهر فيه أن "العراقيين هم الأكثر تحمّلا لكل أنواع الصدمات قياساً بأي دولة أخرى في العالم، لو مرّت بنفس الظروف التي مر بها العراق". بإمكاني ان استنتج ان الصياغة الاخيرة عراقية مؤكدة نظرا لنكدها ومباهاتها وخرقها. ينقل الخبر عن الدكتور(-) مدير عام دائرة صحة (-) قوله أن "المسوح الأخيرة التي أعلنتها وزارة الصحة العراقية أظهرت بما لا يقبل الشك، أن العراقيين هم الأكثر تحمُّلا بين شعوب العالم من خلال قياس ما تعرض له من صدمات الحروب، والويلات والكبت والحرمان والإرهاب". هل هو فخور أو مستغرب؟ أيمكن القول ان العراقيين تكيفوا للقلق والظلام والفاقة والحرمان والحروب والمجازر؟ المرجح وجود اسقاطت شخصية، بيد ان السيد المدير لا يعدم أن يكون مطلعا على أنموذج علمي على تحمل الانسان للعذاب بحيث يرى ان العراقيين أبدوا شذوذا واضحا عنه بحيث انهم لم يصابوا بالجنون، ولم يتحولوا الى همج، ولم ترتفع عندهم نسبة الانتحار والسكر، ولم يستسلموا لسموم المخدرات. لكن لنكف عن الترجيحات والتساؤلات فهاهو المدير العام يمدّ استنتاجاته الى التفسير الآتي للاعجوبة العراقية: "المجتمع العراقي بطبيعته متآلف ومتكيف للأوضاع التي يمر بها، وهو بنفس الوقت يجد له متنفساً عبر البكاء في الأضرحة والمناسبات الدينية، وهي صورة من الكبت والألم الذي ساهم في التخفيف من الأمراض". منذ التاسع من نيسان 2003 ظهر لدينا العديد من مفسري خصالنا الوطنية، وأكثريتهم يستفيدون من فكرة العمق الحضاري والثقافي لكي يفسروا تماسكنا وليس عثراتنا، تاريخنا التسامحي لا تاريخنا العنفي، رحمة قلوبنا لا قسوة حكامنا وسوء تدبيرهم. أما تفسير المدير العام فهو يبز التفسيرات كلها، ولو كنت مسؤولا في الحكومة لمنحت جائزة تقديرية له، لأنه اكتشف سرا خطيرا على قدرتنا على عبور المحنة الوطنية والحفاظ على صحتنا النفسية بوسائل الكبت او البكاء وزيارة الأضرحة. هذا الخبر المهلهل مهنيا والذي لا ادري كيف سمحت صحيفة محترفة بنشره يقدم اخيرا ارقاما من الدراسة. فقد ثبت من المسح الذي "أجري على 4332 من البالغين أن 17 في المئة من العراقيين لديهم مشكلات عقلية، لكن 2.2 في المئة فقط من هؤلاء حصلوا على رعاية طبية". لا اعرف خطورة هذين الرقمين، ولاسيما بوجود أرقام اخرى في الحالة "الصحية" العراقية لا نعرف مدى خطورتها كذلك: مليونان من الايتام ومليون ارملة! ننصح الضحايا جميعا بأدوية وزارة الصحة المجربة: البكاء! |
|
رجوع
|
|
|
|
|
|
|
انضموا الى قائمتنا البريدية |
| | |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|