1 شباط لا الشمس تضيء الأرضَ ولا القمر لا بغداد واضحة المعالم.. ولا الطريق الذي أمامي ماذا جرى؟ هل انطفأت عيوني؟ إذن أين عصاي أتوكأُ عليها؟
وأهشُّ بها طيور الظلام التي تهاجمني ولماذا؟ لماذا تغني الحماماتُ نشيداً حزيناً لماذا تنوحُ؟ ومن ذا على الأفقِ أنطرهُ ولدي !! أم قميص مدمى ! أم البرقُ يطرقُ كوم الشتاء الطويل؟ فمن ذا ؟ شبحٌ في دثارِ الهزيع الأخير من الليل تحدَّث إليَّ وقل يا حبيبي إلى أين قادوك؟ أيّ ظلامٍ زُرعتَ به وأي خراب؟ لماذا تغني البلادُ نشيداً حزيناً؟ لماذا تجفُّ؟ رمادٌ على هجره في يدي رمادٌ على معطفي ولساني رماد على كتبي. أصيحُ على قاطعات الأيادي ألم يك مروان يوسفكنّ الجميل؟ إذن أين ضاعَ؟ وأيّ الذئاب سبتهُ؟ أصيحُ على الجُب كيف احتويتَ رصيعاً من الماسِ؟ كيف لثمتَ مفاتنهُ؟ أيداه مقيدتان ! هل يتقيدُ نبعٌ؟ وهل سنابلهُ انفرطت قبل حين؟ وهل من دفوف العذاب تكور في صيحةٍ: آه.. إذن أين صرختهُ؟ كي أحنّي يدي أين قامته كي أردّ إلى العين نوراً؟ أينَ ورد يديه.. أين السماء؟ 0000 وجههُ ذابلٌ طرفُ الأرضِ يهوي وحرير من الدمعِ يفرشهُ شجر داخَ من بلدٍ يتلاطمُ بالموتِ، أنتَ قصصتَ الوداعَ ولم أنتبه، ولم استطع رفع سبّابةٍ أو يدٍ، انتفض في رهينكَ، توظَأْ، وقل للصباح بأنكَ أجمل منهُ وقل للطيورِ بأنكَ حرٌّ، قل للبساتين قومي لأجلي ونامي على مرفقي. يا دموعَ الفراتِ اغسليه وردّي الغبار الذي ناثروه عليه وقصّي عليه حكايا العراق المعذَّبِ منذ الأزل يا دموعَ الفرات امنحيه الندى واجعليه طليقاً من الحزنِ اجعليه نقياً كما ذهبٍ يا دموعَ الفرات اجعليه يصلّي واجعليه ينامُ ويحلم كبا ورده في السواقي وفي غفوةٍ.. في مرايا النعاس كبا ولدي قابَ قوسين من حضني كنتُ أحبو إليه ولكنّ غولاً تلقّفه في الشباك. طير من النورِ أو قبس من اله ومروان مثل الندى لا يفزِّزُ ورداً ويتبعه، أينما طافَ، سربُ الفراشاتِ مروان كحلُ العيونِ ومرهمها وحبيب الحنايا ومروان رفرفة الفجرِ مروان سبطُ النهارِ ومروان لون الضحك وقافلة الضوء مروان عشُّ الشذى ومروان هذا النسيم الذي خطفوه إذن أين أنتَ؟ وكيف ينام الفراتان دونكَ؟ أين السماء؟ أعيدي إليّ عمودي أعيدي إليّ عيوني ومروان نبض من الماءِ خمر من الغيمِ وردُ شبابي وتلويحة في مرايا السماوات ومروان أهلي وقلبي الذي علَّم الحبَّ للطير ذابت الشموعُ وذابت معها عيونُ أمِّك، لا حزن سوى حزنها يحفر في القلوب، علّقت قمصانك وبناطيلك وظلّت تشمّها، تدخل إلى غرفتك كأنها تدخل إلى مسجدٍ، أنتَ هنا في مسامات الجدران والمرايا وهذا سريرك خالٍ وحاسوبك حزين. هبطت نجومٌ تقطرُ دماً في بيتنا. تدفعُ بيديكَ الناحلتين مراكب البخور إلينا فتثير رائحتها فينا ذهبَ الزمان، أين أنتَ الآن؟ الذئاب يحيطونكَ وأنت تمسكُ بالفانوس لا تغفل ولا تنام، قد يقفزون عليك في أية لحظةٍ.. عودكَ طريٌّ يا حبيبي فكيف تحتملُ ما يجري؟ وأبصره في الهلال وفي الغيم، في نسمةِ الصبحِ في موجةِ النهرِ أبصره في الظلامِ وفي خفقة النورِ أبصره في عظامي وفي جوهري في عيوني وفي كلِّ شاب يمر وفي كلِّ أغنيةٍ وفي كلِّ نبضٍ ولدي حبيبي لا تخف ولدي يفوحُ شذاك كم تعبَ الزمان؟ حتى تكوَّن فيكَ، حتى كنتَ كم تعبت أياديه الندية كي تصوغكَ ولدي الذي شبكَ الكرومَ بجذعهِ شجر من الضوء المنضَّد قبة وحمامة تسري وتعرجُ للجمال سرقوك !! كيف يسرقون نهراً؟ كيف يسجنون لحناً من الهواء؟ كيف يقطفون غصناً من شجرةِ السدرِ؟ سرقوكَ !! وهل يُسرقُ الضوءُ؟ هل يُسرقُ بستان الندى؟ سأغني لعينين غائرتين من الحزن قلادةَ الكلمات التي خبأتها في ضلوعي، سأغني لخمركَ يسكرني ويبكيني كل ساعةٍ، سأغني لمراكبكَ تغزو ضفافي كلّ حين، سأنفخُ في الناي وأقول: ولدي حبيبي شمني ولدي ارح عينيك من الم ونم ولدي أرحْ قدميك من سفرٍ ونمْ إغفُ على كتفي سأحذف أسود الأيام منك ولدي تعال وخذ طيوبك خذ غناءك خذ دثارك خذ عيوني كي لا ارى قمرا سواك كي لاارى قدري على طبق وانت في جب هناك
______________
- مروان ابن الشاعر الذي خطف وقتل |