|
|
لقاء مع محمود البياتي عن منع الازهر لروايته " رقص على الماء – احلام وعرة " |
|
|
|
|
تاريخ النشر
10/09/2008 06:00 AM
|
|
|
أصدر مجمع البحوث الإسلامية في جلسة الخميس المصادف 2008-07-05 قرارًا بمنع ومصادرة عدد من الكتب بينها كتاب القاص العراقي محمود البياتي المقيم في السويد «رقص على الماء - أحلام وعرة» . ومعروف ان المجمع ، أحد أكبر الهيئات المرجعية في العالم الإسلامي وأعلى هيئات الأزهر ، يضم خمسين عضوا يرأسهم شيخ الازهر الدكتور محمد سيد طنطاوي . ولغرض الاطلاع على ما وراء هذا الخبر توجهنا بالسؤال الى محمود البياتي :
- ما سبب منع روايتك ؟ - حسب ما جاء في حيثيات المنع فان الرواية ( وقد اشير اليها باعتبارها ديوان شعر ) تحتوي " على قصائد خارجة تخدش الحياء " . بينما روايتي – وهذي مفارقة - تبدو شديدة الاحتشام والتحفظ مقارنة بروايات زملائي في سكندنافيا واوربا . - ما فحوى الرواية ؟ - الرواية ، بايجاز شديد ، تدور حول مجموعة لاجئين ومهاجرين اجانب ، قدِموا من شتى انحاء العالم ، يقيمون في حي يدعى همركولان ، يقع في غوثنبرغ ، ثاني اكبر مدن السويد بعد العاصمة ستوكهولم . الشخوص الرئيسيون : شاعر من العراق ، حبيبته رسامة فلسطينية من مخيمات صبرا وشتيلا في لبنان , عشيقته شاعرة يهودية من اصل بولندي ، وآخرون . تبدأ الرواية عندما يجد الشاعر في مقهى محفظة نقود عليها اسم الفونس ، تحتوي اموالاً كثيرة ، فيدخل في نزاع اخلاقي مع نفسه : هل يعيد المحفظة الى صاحبها او يسلمها لدائرة البوليس ، ام يحتفظ بها . وفي هذا السياق ترد اشارة عابرة الى فضيلة الدكتور طنطاوي شيخ الازهر على هذا النحو : [ لماذا عليَّ اعادة محفظة الى يهودي سرقَ وطن الفلسطينيين وقتلَ , هو او اجدادُه , آلاف العرب اضافة الى الكونت السويدي ؟ \ ابتسمتُ باستهزاء : إعترفْ انك ترفض اعادة المحفظة حتى لو كان صاحبها طنطاوي شيخ الأزهر.] - كيف علمت بمنع ومصادرة الكتاب ؟ - لا انا ولا الاخرين الذين منعت وصودرت كتبهم معي اخطروا رسميا بقرار المنع والمصادرة ، عرفنا به عن طريق اجهزة الاعلام ، كصحيفة " الدستور " المصرية التي نشرت يوم 7 تموز الجاري خبرا مفاده أن مجمع البحوث الاسلامية في القاهرة قرر دعم طبع عدد من الكتب ومنع اخرى بينها روايتي الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت عام 2006 . - ما نوع الكتب الاخرى التي شملها قرار المنع ؟ - كتاب عن احداث غزة ، وكتب تتعلق بشؤون الدين والتراث ، بينها «فصل الخطاب في تاريخ قتل بن الخطاب» للكاتب أبو الحسين الخوجيني و «الرد المبين على إفك المتصوفين» للكاتب سعيد رمضان بن صالح ، و«النساء البارزات في الإسلام» للكاتبة الأمريكية «جينفر هيت» . - كيف تؤثر مصادرة الكتاب عليك ؟ ـ الكتاب الذي يمنع في القاهرة من قبل مؤسسة عريقة كالازهر قد يحض بلدانا عربية اخرى واسلامية على منعه بالعدوى ، بدون تمحيص . يقال كذلك ان الكتاب الممنوع ينال شهرة ، ربما اكثر مما يستحق ، لكنها شهرة عابرة . الكتاب الذي يشتهر على نحو مفتعل ، وليس لقيمته بالذات ، مثل نجم يسطع ضياؤه فجأة ثم يخبو . - ما تعليقك على قرار المنع والمصادرة ؟ - لا ادري ان كان قانون مصر يبيح للازهر منع ومصادرة الكتب ، لكن هذا العمل يمضي بنا في الاتجاه المعاكس لمسيرة المجتمعات الحديثة . فهو يعد حجْرا على حرية الفكر التي صارت من ابسط واهم حقوق الإنسان في عصرنا الراهن . لذلك يبدو الأزهر الآن كما كانت الكنيسة الكاثوليكية في اوربا في العصور الوسطى ؛ كانت تصادر الكتب بواسطة «محاكم التفتيش» وتلاحق مؤلفيها المتهمين بالهرطقة استنادا الى وشايات او سوء تفسير ، وقد تحرقهم ان لم يتوبوا . - ماذا تعني بالهرطقة تحديدا ؟ - اعتقد ان اصل هذه المفردة يوناني ، يقابلها عندنا مفردة ( البِدعة ) للدلالة على ذات المعنى ، اي الانحراف عما هو ثابت في العقيدة او الدين . والبدعة لغويا تعني إبداع ما لم يكن موجوداً . من هنا جاء وصف الأديب او الفنان وحتى العالم بالمبدع ، فهو ينشئ ، يبدع ، شيئاً جديدا : قصيدة ، قصة ، رسما الخ . نحن نعاني الآن من سطوة الجامع او المسجد على شؤون مجتمعاتنا ، بينما نجحت مجتمعات اوربا في انهاء سطوة الكنيسة وابقت لها شؤون العبادة وتعميد الاطفال وعقود الزواج ودفن الموتى ومساعدة اللاجئين والمشردين ، وما شابه . - الا تمنع السويد كتبا ؟ - نعم ، لكن السويد ، ومعها دول اوربا ، تمنع فقط الكتب والاسطونات والاغاني والرموز التي تروّج بوضوح للتمييز العنصري والعنف والكراهية . وذلك يتم بعد فحص دقيق ومداولات بين الخبراء تسفر عن برهان لا يدحض على خطورة هذه الكتب او الرموز على نمو المجتمع الديمقراطي . ورغم ذلك تجد من يحتج على منع الصليب المعقوف باعتباره حجْرا على حرية الرأي ! - كيف استقبلت خبر منع كتابك ؟ - باستغراب . فأنا لست بشاعر ، وروايتي ليست ديوان شعر ، لكن يبدو ان الامر اختلط على السادة اعضاء مجمع البحوث لأن الشخص الرئيس في الرواية شاعر من العراق يقيم في السويد ، وعشيقته شاعرة يهودية من بولنده ، والرواية ضمت ابيات شعر لبعض الشعراء . - من هم ؟ - الشاعر العراقي الكبير سعدي يوسف ، الشاعر العراقي الراحل الصديق رشدي العامل ، الشاعر السويدي غونار إيكيلوف ، وعمر الخيام . انا احب تضمين كتاباتي اشعار الآخرين . فعلت ذلك لأول مرة في نص قديم بعنوان : مرحبا يا وطني وداعا يا وطني . - على ماذا استندوا في اتهام " خدش الحياء " ؟ - لا ادري . ربما لم ترق لهم مشاهد الحب وتبادل القبلات ، ولا لوحة بيكاسو على غلاف الكتاب ، فهي تمثل جسدا عاريا اوحى لهم ، على الارجح ، ان المضمون ذو طابع جنسي خارج على الآداب . اما ابيات الشعر كلها فلا تنطوي على اي مفردة " تخدش الحياء " وهي وردت مجزأةً في عدة مواقع ضمن الرواية على لسان شخوصها . - هل يمكن ان تتلو علينا بعضها ؟ - يقول سعدي يوسف [ اسير مع الجميع وخطوتي وحدي ] . هذا بيت شعر عميق المعنى ولا يخدش الحياء ، فهو يرسم حركة الشاعر كفرد ضمن المجموع ، ضمن الحشود ، اي يمكن للشاعر ، او لأي امرئ ، ان يكون وسط الجميع ، سعياً لهدف مشترك ، ويتميز عنهم في ذات الوقت بخطوات منفردة تخصه وحده . وحين يلحظ بطل الرواية حزن حبيبته الرسامة الفلسطينية غادة ، التي بدت على وشك البكاء ، يحاول التخفيف عنها بتلاوة مقطع من قصيدة لرشدي العامل : [ حزينة عيناكِ ما للأسى يلهث فيها ما له حدُ أغامَ منها حلمٌ عابر ام فر من اهدابها وعد اني لأشقى ان ارى دمعةً بيضاء في رعشتها تبدو تكاد تسترخي فترتد ... ] ويصف الشاعر السويدي غونار ايكيلوف قسوة موت الحب : [ سكبتُ لك رصاصةً لأصيبك في قلبي وهي من الصخر مقتلعةٌ بعقاب السجناء هي من الرصاص مغموسة بالدم هي من الحديد مغمّسة بالعسل هي من المعدن مسنّنة تهشيما كي تدمي اكثر لتشعرك ما معنى موت الحب . وفي مقطع آخر عن ثراء عزلة الشاعر ، يقول ايكلوف : هل انت وحدك ؟ فليكنْ منفرداً تأتيك اعظم رفقة " ثم تأتي رباعيات عمر الخيام الشهيرة التي طالما سمعناها بصوت ام كلثوم : [ لا تشغل البال بماضي الزمان ولا بآتي العيش قبل الآوان واغنم من الحاضر لذاته فليس في طبع الليالي الامان ] ولأنني انشد كغيري الأمان اسأل فضيلة شيخ الازهر الدكتور طنطاوي : ما الذي يخدش الحياء في هذي الابيات المذكورة اعلاه ؟ - وماذا ستفعل ؟ - نصحني البعض ان اقيم دعوى في القضاء المصري تطالب بالغاء قرار المنع وعدم مصادرة الكتاب من الاسواق . لكنني اعتقد ان الموضوع هذا يخص كل الذين صودرت كتبهم في الماضي او سـتصادر ، كما يخص منظمات حقوق الانسان واتحادات الكتاب والأدباء والمثقفين . - ما آخر نتاجاتك ؟ - مجموعة قصص بعنوان " في انتظار الغريب " صدرت قبل اسابيع عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر . - اليس فيها ما يخدش الحياء ؟! يضحك محمود البياتي قبل ان يجيب ... بالنفي . عن " القدس العربي " اجرى الحوار : خالد احمد : kzakiahmad@yahoo.com
|
|
رجوع
|
|
مقالات اخرى لــ خالد احمد
|
|
|
|
|
انضموا الى قائمتنا البريدية |
| | |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|