زيدان الربيعي: تعد الروائية والمترجمة والصحافية ابتسام عبدالله من أكثر الروائيات العراقيات غزارة في الإنتاج الأدبي، حيث صدرت لها عدة روايات مهمة مثل “فجر نهار وحشي” و”ممر إلى الليل” و”مطر أسود.. مطر أحمر” فضلا عن مجموعة قصصية حملت عنوان “بخور” ومجموعة بعنوان “الليل والبستان” لم تنشر حتى الآن، ونظراً لأهمية ما كتبته من قصص فقد تمت ترجمة معظم نتاجاتها القصصية إلى اللغتين الانجليزية والفرنسية. يضاف إلى ذلك أنها رفدت المكتبة العربية بعدة أعمال مترجمة لكتاب عالميين مختلفين. التقتها “الخليج” وكان الحوار الآتي:
ما آخر إصداراتك الروائية؟
إن آخر إصداراتي الروائية هي رواية ميسوبوتاميا بين النهرين عام ،2002 عندما كتبتها كانت فكرة الاحتلال القادم متجسدة أمامي صورة ثابتة، علما أني أنجزتها في أواخر عام 2001. لقد اخترت قصدا كلمة “ميسوبوتاميا”، اسم لمحل بيع الانتيكات والتحف، وهي تعني بالنسبة لي، الاسم الذي أطلقه الآخرون على العراق وكأني بذلك أعيد ذلك الاسم إلى الحياة وإلى الذاكرة، دلالة على الحدث القادم.
ورواية ميسوبوتاميا، تترجم الآن إلى الانجليزية، بعد اتفاقي مع الجامعة الأمريكية في القاهرة على ذلك.
هل يمكن أن تظهر روايات عراقية تدين الاحتلال وترفضه على غرار الأدب الروائي الجزائري مثلا؟
لكل حالة آثارها ونتائجها ومدى تأثيرها في الفرد أو المجتمع. الاحتلال هذا الحدث المهم والشروخ التي نتجت عنه والآثار العميقة التي تركها في المجتمع العراقي، أمر لن يمر دون أن يترك أثره في الأدب العراقي، أو الثقافة العراقية بصورة عامة. لقد ظهرت قصص عن الاحتلال، ومشاهدات، والرواية، بالتأكيد، تحتاج إلى فترة زمنية أطول للنضوج علما أن هناك عدداً من الروايات تتناول هذا الموضوع نشرت مؤخرا كما قرأت.
لدي مشروع رواية، أفكر فيها منذ أواخر عام 2002 ولكن الاحتلال الذي حدث والذي كنت سأتحدث عنه، جاء وأوقف المشروع مؤقتا. لأن الظروف التي يمر بها العراقي في سنوات الاحتلال هذه صعبة ولا يمكن تخيلها، فهي تلغي تقريبا الخيال، وتضع المرء في مواجهة واقعه، وساعات يومه وما يتمخض عنها من توتر وقلق واضطراب في النوم، مضافا إلى ذلك قلة التيار الكهربائي ومشاكل أخرى لا عهد له بها، ومجابهة يومية مع ظروف الحياة المستجدة. والكاتب لا يمكن أن يفرز نفسه عن كل ما يحصل أو الابتعاد عن المشهد اليومي المملوء بالعنف.
ثقافة الاحتلال، ما مدى مخاطرها على الثقافة العراقية والعربية؟
لم يتكرس شيء يمكن أن نطلق عليه اسم “ثقافة الاحتلال”. لأن الاحتلال لم يتجذر بعد، والحرب بشكل أو بآخر مستمرة. هناك ما يمكن أن نسميه، إعلام الاحتلال وهو واضح وظاهر، عبر قنوات متعددة وكذلك الأمر بالنسبة إلى ثقافة المقاومة.
أين تضعين منزلة الرواية العراقية بالنسبة للرواية العربية الآن؟
كان سيصبح للرواية العراقية تأثيرها الواضح لو كانت أبواب النشر والتوزيع قد فتحت أمامها.
الكاتب العراقي ابتلي في الأعوام العشرين أو الخمسة والعشرين التي مضت بالحروب والحصار وارتفاع الحواجز والسدود بينه وبين السفر أو النشر في الخارج لأسباب شتى. هذه الحواجز لا تزال ترتفع حتى اليوم، والعراقي كما في السابق، لا يحصل على تأشيرة دخول الأقطار العربية بسهولة، بل إنه شبه ممنوع من ذلك. حتى إن كان ينوي حضور مؤتمر ما مثلا. هذا الحصار الدائم له لم يمنع من بروز أسماء متميزة في القصة أو في الرواية، أو في المسرح أو الرسم والنحت.
هل أنتِ مع غياب مقص الرقيب عن الأعمال الإبداعية؟
الأمر يعتمد على نوعية المجتمع الذي يعيش فيه الكاتب، وعلى الثقافة، والوعي، وعوامل أخرى كثيرة، تحتم أحيانا تدخل الرقابة.
ماذا قدمت وزارة الثقافة للروائي العراقي؟
وزارة الثقافة شبة معطلة.. لا برامج لديها، مع ذلك، هناك كتب تصدر عن دار الشؤون الثقافية، ودار المأمون، التي قدمت للثقافة أبرز الكتب والروايات المترجمة في الثمانيات، أعلنت عودتها إلى برنامج الترجمة.
ما تأثير نجيب محفوظ في الرواية العربية؟
تأثير نجيب محفوظ كان كبيرا، أحدث فعله قبل رحيله بعقدين من الزمن على الاقل أو ثلاثة وأحدث بصمة في نفوس من تأثر به. هناك كتاب آخرون في منزلة لا تقل عن محفوظ، مثل عبدالرحمن منيف وإبراهيم الكوني.. وغيرهما. لكن الفرق أن نجيب محفوظ تجلى إبداعه في مرحلة لم تكن فيها الرواية العربية قد أثبتت وجودها، أو ترسخت فنا إبداعيا، ولذلك كان لنجيب محفوظ تأثيره الأكبر. |