... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  في السياسة

   
محمد المشاط يرد على غلاسبي :واشنطن حذرتنا من غزو الكويت بعد الغزو!

تاريخ النشر       19/04/2008 06:00 AM


كان السفير العراقي السابق الدكتور محمد المشاط آخر سفير لبلاده في واشنطن قبل قطع العلاقات الديبلوماسية بين البلدين عشية الغزو العراقي للكويت في 2 آب (أغسطس) 1990. والمشاط هو الذي أشارت اليه «زميلته» ابريل غلاسبي، التي كانت أيضاً آخر سفيرة لبلادها في بغداد، في الحديث الذي أجرته «الحياة» معها في 15 و16/3/2008 والذي ذكرت فيه ان حكومتها نقلت قبل الغزو تحذيرات الى الرئيس العراقي السابق صدام حسين، «خصوصاً تلك الموجهة الى السفير العراقي في واشنطن من جانب مساعد وزير الخارجية الاميركي».

المشاط ينفي في هذا الحديث أن تكون الإدارة الأميركية نقلت اي تحذير الى بغداد من عواقب غزو الكويت، كما ذكرت غلاسبي، ويستشهد بجلسة استماع عقدت في الكونغرس قبل الغزو وتحدث فيها جون كيلي مساعد وزير الخارجية جيمس بيكر، قائلاً ان بلاده لا تتدخل في النزاعات بين الدول العربية. ويقول المشاط ان أول تحذير واضح سمعه من الأميركيين من عواقب الغزو على لسان كيلي جاء بعد وقوع هذا الغزو.

وهنا نص الحديث مع السفير المشاط:


> ما هو تعليقك على الحديث الأخير للسفيرة ابريل غلاسبي الى «الحياة» والذي ذكرت فيه انها استغربت ألاّ تكون التحذيرات التي أرسلت الى صدام في شأن غزو الكويت عبر السفير العراقي في واشنطن قد وصلته؟

- تقول السفيرة غلاسبي في مطلع حديثها معكم إنها عندما كانت في طريقها الى القصر الجمهوري (قبل الغزو العراقي للكويت في 2 آب 1990) لمقابلة الرئيس صدام «فكرت أنه ليس مستحيلاً ان تكون الانذارات القوية التي وجهتها الى العراقيين عبر نزار حمدون وكيل وزارة الخارجية آنذاك، خصوصاً تلك الموجهة الى السفير العراقي في واشنطن من جانب مساعد وزير الخارجية الأميركي لم تصله لأن الكل كان يرتعب منه، لذا اعتبرت انها مناسبة جيدة لي لتكرار التعليمات التي وصلتني من الإدارة ومفادها: «لا تحتل الكويت وارفع يدك عن هذا البلد».

لقد دهشت واستغربت تصريح السفيرة غلاسبي لأن مثل هذا التصريح عار من الصحة وتكذّبه الوقائع الموثقة. إذ لم تصل الى صدام أي تحذيرات من الجانب الأميركي، ولم تطلب الإدارة الأميركية مني ان أنقل أي تحذير الى الحكومة العراقية قبل غزو الكويت في 2 آب 1990. بل العكس هو الصحيح. إذ كانت الإدارة الأميركية تقول انها لا تتدخل في نزاعات الحدود بين الدول العربية، وهنا يمكنكم الرجوع الى جلسة الاستماع في الكونغرس الأميركي التي عقدت قبل أيام قليلة من غزو الكويت، حيث استدعي مساعد وزير الخارجية جون كيلي للإدلاء بموقف الخارجية الأميركية إذا قام صدام بدخول الكويت بعدما قام بحشد جيشه على الحدود العراقية - الكويتية. في هذه الجلسة قال كيلي: «نحن لا نتدخل في نزاعات الحدود بين الدول العربية، كما انه لا توجد بين أميركا والكويت معاهدة دفاع».

لقد كانت جلسة الاجتماع هذه علنية، إذ نقلت القناة التلفزيونية «سي أن أن» وقائعها نقلاً حياً، وأعتقد ان المسؤولين في العراق قد شاهدوا هذه الجلسة. ومن جهتي فقد أبرقت ملخص هذه الجلسة الى بغداد.

ولم استدعَ من جانب الخارجية الاميركية قبل الغزو. ولكن الخارجية الاميركية استدعتني ليلة 2 آب 1991 بعد الغزو، اي بعد دخول القوات العراقية الى الكويت. وقد قابلني مساعد وزير الخارجية الاميركي وقال لي بصوت عال والغضب يتطاير من عينيه: أبلغ حكومتك بضرورة الانسحاب الفوري من الكويت وعليك القدوم غداً لإبلاغي نتائج اتصالك ببغداد. (يرجى الرجوع الى تفاصيل ما دار بيني وبين كيلي في كتابي الذي سيصدر قريباً في عنوان «كنت سفيراً للعراق في واشنطن: حكايتي مع صدام في غزوه الكويت»).

فالتحذير الذي ذكرته السفيرة غلاسبي والذي أُبلغت به جاء بعد الغزو.


> هل تميل الى تصديق الرواية الشائعة بأن غلاسبي أبلغت الرئيس العراقي السابق ان الولايات المتحدة لا تتدخل في النزاعات الحدودية بين العراق والكويت؟

- نعم، اعتقد اعتقاداً راسخاً بأن غلاسبي ابلغت صدام موقف الإدارة الرسمي والذي افاد به مساعد وزير الخارجية آنذاك جون كيلي في جلسة اجتماع الكونغرس التي أشرت اليها في جوابي السابق، حيث قال ان الإدارة الأميركية لا تتدخل في النزاعات الحدودية بين البلدان العربية.

مرة أخرى، هذه ليست رواية شائعة، وإنما هي الحقيقة المثبتة في محاضر الكونغرس، وهنا أؤكد مرة أخرى أن الخارجية الأميركية لم تطلب مني إبلاغ الحكومة العراقية التحذير الذي أشارت اليه السفيرة غلاسبي، وإنما قامت بإبلاغي التحذير وضرورة الانسحاب الفوري من الكويت بعد قيام صدام بغزوها عام 1990.


> هل تعتقد انه لو وصل تحذير أميركي لصدام من عواقب غزو الكويت، لأمكن أن يغير ذلك قراره؟ وهل تشير تجربتك مع الرئيس السابق الى انه كان يستمع أو يقبل مناقشة قراراته؟

- بالنسبة الى الشق الأول من السؤال أقول: نعم، اعتقد انه لو كان هناك اي تحذير من أميركا لصدام بعواقب غزو الكويت لامتنع عن الغزو ولسحب جيوشه التي كانت محتشدة على الحدود مع الكويت. لأن ما كان يهم صدام أولاً وأخيراً هو بقاؤه في الحكم، وكان يعلم علم اليقين أن عدم الانصياع للتحذير الأميركي قد يهدد بقاءه في السلطة، كما ان صدام يعرف حق المعرفة أهمية دعم أميركا له، خصوصاً خلال حربه مع ايران، إذ ان أميركا قدمت له ليس فقط المعلومات المأخوذة من الأقمار الاصطناعية عن تحركات الجيش الايراني، وإنما قدمت له القنابل العنقودية (المحظورة دولياً). ويقال ان بين أسلحة الدمار الشامل التي تسلمها صدام وهو السلاح الكيماوي كان بموافقة أميركا.

أما بالنسبة الى الشق الثاني من السؤال فأقول: كان صدام لا يسمح ولا يقبل مناقشة قراراته وتجربتي معه تثبت ذلك: استدعت وزارة الخارجية العراقية 15 سفيراً هم ممثلو الدول الأعضاء في مجلس الأمن وذلك في 23 كانون الأول (ديسمبر) 1990، أي قبل الحرب على العراق بحوالى 3 اسابيع. اجتمع بنا أولاً طارق عزيز (وزير الخارجية آنذاك) وقال اننا طلبناكم كي تستمعوا الينا، ولم نطلبكم للاستماع إليكم، ثم اشار الى انه عند لقائكم الرئيس صدام يجب ألاّ تتحدثوا إلا إذا طلب هو منكم ذلك. وعند اجتماعنا بالرئيس صدام تحدث عن معاني المعركة المقبلة والتي سماها «أم المعارك» وأن هذه المعركة هي التي ستؤدي الى نهضة العرب.

بعد ذلك، طلبت الكلام وقلت: يا سيادة الرئيس، أود ان أبين وجهة نظري حول الوضع في أميركا وما يضمرونه لنا من شر، إنني متأكد من ان موضوع تحرير الكويت ليس هو الحدث الأساس من الحملة البشعة الموجهة ضد العراق، ان العراق هو المستهدف الحقيقي، وأعتقد جازماً بأن أميركا ستدمر العراق إذا لم يتم الانسحاب قبل 15 كانون الثاني (يناير) 1991.

قاطعني الرئيس صدام بوجه مكفهر وغاضب قائلاً: «دكتور، هذا العراق كله أمامهم، فإذا كانت لديهم قوة لضربه فليتفضلوا، نحن نقاتل العدوان دفاعاً عن وطننا وأرضنا، وسنقدم الغالي والنفيس في سبيل استرجاع حقوقنا المسلوبة سواء في الكويت أو في فلسطين».

وبعد انتهاء صدام من كلامه هذا، ساد الاجتماع الوجوم إذ لم يجرؤ اي سفير أو اي شخص آخر من الحاضرين على الكلام بعدما أسكتني بما تفوّه به وبالوجه الغاضب عندما وجّه كلامه إلي وانتهى الاجتماع.

وبعد الاجتماع قال لي محمد سعيد الصحاف (وزير الدولة للشؤون الخارجية آنذاك): «يا دكتور، لخاطر الله اسكت ولا تتكلم بعد الآن، إذ ان برقياتك التي تطالب بها بالانسحاب من الكويت قد فسرت في لجنة الأمن العليا الخاصة بموضوع الكويت بأنك تأثرت بالأميركيين، الأمر الذي اضطرني للدفاع عنك». أجبته: «كيف لا أتكلم وأنا واثق من أن اميركا ستدمر العراق إذ لم ننسحب من الكويت قبل 15 كانون الثاني». أجاب: «إن الأشياء المهمة والحساسة نقلت تحت الأرض».


> ما هي الظروف التي دفعتك إلى ترك منصبك سفيراً في واشنطن وطلب اللجوء إلى الخارج عشية الحرب التي شنتها الولايات المتحدة لتحرير الكويت؟

- لقد كنت متشككاً ومتخوفاً من سياسة صدام والتي قد تجلب الكوارث على العراق، خصوصاً بعدما خاض حرباً مع إيران هو الذي بدأها بدفع من أميركا وتشجيعها، دامت حوالى ثماني سنوات من دون أن تكون هناك أي مصلحة حقيقية للشعب العراقي أو للأمة العربية، إذ ان قضية العرب الأولى بحسب مبادئ حزب البعث هي القضية الفلسطينية. وبدلاً من أن يحافظ على إمكانات العراق المادية والبشرية بغرض استخدامها للدفاع عن القضية الفلسطينية ولإيقاف التوسع الإسرائيلي، قام باستنزاف هذه الإمكانات بقيامه بضرب النظام الجديد في إيران خدمة للمصالح الأميركية.

وعندما قام صدام بغزو الكويت ومن ثم ضمها إلى العراق ورفضه تنفيذ قرارات مجلس الأمن بالانسحاب، أصدر مجلس الأمن عقوبات قاسية جداً (وللمرة الأولى في تاريخ المنطقة) بحسب الفصل السابع من ميثاق هيئة الأمم المتحدة، أدت إلى تجويع الشعب العراقي وإذلاله وتشريده.

أقول إن هذا الرفض جعلني ازيد من شكوكي في اخلاص صدام لشعب العراق والقضية الفلسطينية، خصوصاً بعد صدور قرار مجلس الأمن الرقم 678 بتاريخ 29/11/1990، والذي طالب العراق بضرورة تنفيذ الـ11 قراراً السابقة والانسحاب من الكويت، وحدد مجلس الأمن يوم 15 كانون الأول (ديسمبر) 1991 لتنفيذ هذه القرارات وإلا ستُستعمل القوة لتنفيذها. أقول لو نفذ صدام هذا القرار لجنّب العراق كارثة التدمير التي حلت به وبالشعب العراقي.

كان القرار الرقم 678 يمثل أحسن صيغة لحفظ ماء وجه صدام في ما لو قرر الانسحاب. وكنت آمل بأن صدام سينسحب قبل يوم 15/1/1991، إذ انه يعرف أن الإصرار على عدم الانسحاب يعني الدخول في حرب خاسرة مئة في المئة تكون نتيجتها تدمير العراق، فأميركا كانت هددت بتدمير العراق وإرجاعه إلى زمن القرون الوسطى (وكان أحد هذه التهديدات قد نطق به قائد القوة الجوية الأميركية آنذاك الجنرال دوكان). وعندما لم ينسحب صدام وصلتُ إلى قناعة كاملة بأن صدام هو عميل لأميركا.

وأزيد القارئ علماً انني قبل تسلمي مسؤولية السفارة في واشنطن، أي قبل سفري إليها، وجهني طارق عزيز وكذلك نزار حمدون وكيل الوزارة آنذاك، بضرورة عدم التحرش بإسرائيل ومهاجمتها في وسائل الإعلام الأميركية. كما أن نزار حمدون، الذي كان سفيراً في واشنطن (وعلى يده اعيدت العلاقات العراقية - الأميركية التي كانت مقطوعة) أبلغني بضرورة تعميق علاقتي ببعض أعضاء الكونغرس وزودني قائمة بأسمائهم. وعندما باشرت عملي في واشنطن وجدت أن الغالبية العظمى من هذه الأسماء هم من المؤيدين المخلصين لسياسة إسرائيل ومن دون تحفظ.

لكل هذه الأسباب قررت عدم الرجوع إلى العراق لقناعتي الكاملة بعمالة صدام، لذا لم أكن مستعداً للاستمرار في عملي طالما كان صدام على رأس السلطة في العراق.

لقد جئت إلى كندا لا كلاجئ، بل بطلب الإقامة الدائمة كأي مواطن عادي. وهنا يجب أن أشير إلى أن أميركا عرضت عليّ الاقامة الدائمة وذلك في اليوم الثاني من الهجوم على العراق، اي يوم 18/1/1991 (عندما كنت في فيينا في طريقي إلى العراق وقررت عدم الرجوع).


> ما هو تقويمك لسياسة النظام العراقي عشية الحرب الأميركية الأخيرة التي انتهت بسقوطه؟ وهل كانت هذه الحرب في رأيك نتيجة طبيعية لذيول غزو الكويت؟

- إن تقويمي لنظام صدام هو استمرار للحكم الديكتاتوري الفردي والعائلي والذي نشر الرعب والإرهاب في العراق. ولم يكن من الممكن ازالة نظام كهذا إلا بقوة خارجية، وهذا ما حدث في 9 نيسان (ابريل) 2003. إذ ان سياسة النظام العراقي بعد تسلم صدام السلطة في تموز (يوليو) 1979 بعدما أجبر الرئيس العراقي أحمد حسن البكر على التخلي عن منصبه، كانت قائمة على الحكم الفردي المطلق وهدفها أولاً وأخيراً ضمان بقائه في السلطة مهما بلغ الثمن البشري والمادي.

وفي أحد الاجتماعات قال صدام: نحن جئنا لنحكم مدة 500 سنة. لذلك فإنه قام بتسخير الحزب والحزبيين لخدمة بقائه في السلطة. وانتهى الحزب كتنظيم يعمل لمصلحة العراق والأمة العربية، وأصبح الجهاز الحزبي يقوم أساساً بمهمة أجهزة الاستخبارات، حيث تم تكليف الحزبيين بجمع المعلومات عن الأشخاص في مناطقهم. أي أن حزب البعث العربي الاشتراكي أصبح أحد التنظيمات الاستخباراتية لخدمة صدام وأولاده وحاشيته. لذا كان صدام يقتل كل من يشكك في اخلاصه أو يتكلم ضد سياسته أو يتذمر من الوضع، ويصفّي بالتالي العناصر المخلصة في الحزب ويُعدم العشرات منهم، إما لشعوره بأن البعض منهم يملك شعبية داخل الحزب أو الجيش، أو لتفوههم بما يوحي بعدم تأييد لسياسته.

كان صدام أشرس وأقسى ديكتاتور عرفته البشرية. فقد حول العراق من أغنى إلى أفقر بلد في العالم، واستعمل ثروات العراق النفطية وغيرها لبناء القصور وشراء الذمم في الداخل والخارج، وكان ينفق الملايين لرشوة بعض وسائل الإعلام العربية والأجنبية، إضافة إلى بعض السياسيين في تلك البلدان.

لقد قتل مئات الألوف من العراقيين وسجنهم وعذّبهم، والمقابر الجماعية أكبر دليل على مدى إجرامه في حق الشعب العراقي، إضافة إلى تشريده الملايين من أبناء الشعب العراقي، فلم تكن تهمه معاناة الشعب العراقي لا من قريب أو بعيد. استعمل أسلحة الدمار الشامل ضد الشعب العراقي. قتل مئات الألوف من الأكراد في الشمال لا في حلبجة فقط، وإنما بعد ذلك في ما سماه «معركة الأنفال». كما استعمل السلاح الكيماوي ذاته في جنوب العراق، خصوصاً في منطقة الأهوار.

كان صدام يعتبر ثروة العراق ملكه الخاص، وجشعه في جمع البلايين لم يكن له حدود. وفي الوقت الذي كان يجمع البلايين، كان يدير أمور الدولة من طريق الاستدانة الخارجية، وعندما سقط نظامه كان العراق مديناً بمئات البلايين من الدولارات.

أما في ما يتعلق بالشق الثاني من السؤال، فأعتقد أن غزو العراق جاء لتنفيذ الاستراتيجية العالمية لأميركا. وقد خدم صدام المصالح الأميركية والإسرائيلية بجلبه القوات الأميركية إلى المنطقة وبتدمير القوة العراقية، إضافة الى شق الصف العربي.

إن هذه الاستراتيجية كانت تقضي باحتلال العراق، ولم يعد صدام مفيداً لها خلال بقائه في الحكم. وقد عرضت عليه أميركا، وكذلك دولة قطر، الخروج من العراق مع أهله وبلايينه، لكنه رفض لأنه أصبح مهووساً بالسلطة، وكان يأمل أن يتجاوز مشكلة خروجه من طريق الاستعداد والمقاومة.


> كعراقي وديبلوماسي سابق، كيف ترى وضع العراق اليوم؟ وهل تفاجئك حال التفكك والاقتتال الداخلي؟ ومن المسؤول عن ذلك في رأيك؟

- يمر العراق بفترة انتقالية مأسوية لم أكن أتوقعها على الاطلاق، إذ أن أسبابها ترجع أساساً إلى أخطاء الاميركيين بعد دخولهم العراق. فالخطأ الأول هو قبول أميركا بقرار مجلس الأمن الذي اعتبر دخولها إلى العراق احتلالاً. إذ كان من المفروض دخول أميركا إلى العراق لإخراج صدام وكمحرر للشعب العراقي من أقسى ديكتاتور عرفته البشرية. انني مقتنع بأن أميركا لم تُزل صدام حباً بالعراقيين، ولكن تنفيذاً لمصالحها الدولية الكبرى. ولكن في الوقت ذاته، فإن إخراج صدام رفع أكبر كابوس عرفه الشعب العراقي في تاريخه وأسدى خدمة كبيرة للأجيال المقبلة، إذ انه حمى هذه الأجيال من أولاد صدام وأحفاده.

والخطأ الثاني هو عدم تدخل الأميركيين لحماية الممتلكات العراقية من النهب والسلب، والخطأ الثالث هو حل الجيش وقوى الشرطة، والخطأ الرابع هو فتح الحدود لقدوم المجرمين من أعضاء «القاعدة». إذ انني سمعت الرئيس بوش يقول إن من الأحسن القضاء على منتسبي «القاعدة» في العراق بدلاً من مقاتلتهم في أميركا. والخطأ الخامس هو بعض الفجوات في الدستور العراقي الجديد وفي قانون الانتخاب.

وما ساهم في الحال المأسوية الحالية في العراق هو تدخل بعض دول الجوار بتزويد الانتحاريين السلاح والمال خدمة لمصالحها الخاصة. والخطأ الأخير هو عدم القضاء على الميليشيات المسلحة. ومع ذلك، فإنني متفائل بالمستقبل، وبأن العراق سيستعيد عافيته عاجلاً أو آجلاً. وقد ظهر ذلك واضحاً في التحرك الأخير لرئيس الوزراء نوري المالكي في تصميمه على القضاء على الانفلات الأمني وفي عزمه على تجريد الميليشيات من السلاح.


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%





 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni