تمر علينا هذه الايام الذكرى الاولى لاستشهاد أحد أبناء العراق الأوفياء الذين أنجبتهم أرض العراق الودود الولود ذلك هو الشيخ فصال ريكان الكعود شيخ عشائر الدليم في الرمادي الذي غيبته عنا جسدا أيادي الوهابيين التكفيريين القذرة كما غيبت من قبله الشيخ أسامه الجدعان الكربولي ومن ثم الشيخ عبد الستار أبو ريشة رحمهم الله بواسع رحمته واسكنهم فسيح جنانه في عليين. ولاشك في ان العراق وشعبه الممتحن قد فقدا رجلا من اهم رجالات الوحدة الوطنية وفارسا أبيا من فرسانها الأصلاء الذين نذروا وجودهم لكل فعل وطني يسعى الى توحيد الجهود والطاقات بين شرائح المجتمع العراقي بتنوعاته المتعددة مذهبيا وعرقيا وجغرافيا والسير بها نحو بر توحيد الكلمة وتمحورها حول كلمة الوحدة وهذا ما سعى اليه داعية الوحدة الوطنية الشيخ الشهيد فصال الكعود الدليمي رحمه الله والذي استمر في جهوده المخلصة والحثيثة لانقاذ العراق وشعبه من المحن التي يمر بها بعريكة لاتلين ونفس أبت الا الاستمرار في شحذ واستنهاض الهمم كي ينعم الوطن واهله بنسائم الامن والامان والاستقرار داعيا الى نبذ الفرقة وكل ما يعكر صفو التلاحم الاخوي بين ابناء البلد الواحد حتى اخر لحظة في سجل حياته التي سيحتفي بها تاريخ رجالات العراق الشرفاء الذي رووا بدمائهم الزكية شجرة العطاء الوحدوي في ارض الرافدين العزيزه. لقد عرفت هذا الرجل عن قرب حيث.كان صوتا عراقيا نبيلا لاتاخذه في قولة الحق لومة لائم ولاصولة غدر من لئيم غادر وقد كان يروي لي كيف أن المقبور صدام قد أعدم أحد أشقائه وذلك في عام 1971م مع ثلة طيبة من أبناء الرمادي كانت لاتستجيب لأهداف وتوجهات البعث الماسوني في بداية تسلطه على رقاب الشعب بعد انقلاب 17 تموز الأسود. وقد سعى الشيخ الشهيد فصال بكل عنفوانه وصدق مشاعره الوطنية الى العمل الدؤوب من اجل ترتيب المقدمات والمقومات الموضوعية الصحيحة للانطلاق بالعملية السياسية الى فضاءات النجاح والتقدم رافضا في الوقت ذاته الانجرار الى دهاليز الخراب الطائفي ومخططات اعداء الشعب للدخول في متاهات الفتنة التي يراد من ورائها شل وقتل ارادة الشعب الممتحن وتمرير اقذر الاجندات السياسية والتي تسعى مجموعة من القوى الدولية والاقليمية والداخلية من خلالها الى اضعاف قدرات الشعب عن طريق الاستعداء والاحتراب والاقتتال ليكون الشعب ومكوناته المتعددة هو الخاسر الوحيد في هذه اللعبة القديمة الجديدة وفق اسلوب(فرق تسد) لقد كان الشيخ فصال أبنا بارا لتربة العراق وشعبه ومن الاحرار الذين يجسدون معاني الانتماء والتلاحم مع قضية الشعب العراقي في سبيل نيل حقوقه المشروعة في ظل حكومة دستورية وطنية تستمد سلطتها من اصوات الناخبين وصناديق الاقتراع وكان مثالا حيا للتكاتف الوطني ودليلا ناصعا على عافية العراق واهله من الوقوع في شراك التفتت الطائفي او الخضوع لأهواء الشراذم البغيضة والتي هالها ان ترى صلابة الموقف الجريء والفعل الوطني الباسل المتمثل في عزيمة هذا الرجل لفضح كل من تسول له نفسه المريضة أو أحلامه الشريرة لتمزيق لحمة هذا البلد الممتحن الصابر فدبرت أمرها وأضمرت كيدها في الليل المعتم ولبئس ما دبرت في محاولة قميئة وخسيسة منها لاطفاء شعلة الاباء ورمز الشموخ الوطني وقد تمكنت من النيل من ذلك الجسد الشريف بكل خستها وقبحها وغدرها الدنيء وهي تتصور انها قتلت أرادة العراقيين الأصلاء لبناء صرح العراق الاشم ولكن هيهات هيهات فقد انكشفت هذه الشراذم المأجورة وما تسعى أليه من محاولات مشبوهة ومدفوعة الثمن ليكون العراق مرتعا للأرهاب والموت والجرائم البشعة وأن دماء الشيخ المناضل ستروي شجرة الحرية في عراق المقدسات وسيبقى الشيخ البطل حيا وحاضرا في قلوب ونفوس وأذهان كل الشرفاء في وادي النهرين مجللا بكل أوصاف النخوة والاريحية والعزة والشرف والكرامة والنبل وعلى الرغم من الخسارة الفادحة بفقدان هذا الفارس فسيبقى الشيخ فصال احد الرجال القلائل الذين سيذكرهم تاريخ العراق بمداد من ذهب لانه كان غصنا من اغصان شجرة العنفوان الوطني وصوتا قويا من أصوات وحدة الكلمة وضميرا خالدا في سفر الرجال الاماجد لقد نذر الشيخ المناضل وجوده من اجل خير العراقيين ورفعتهم وكان في حركة دؤوبة قبل سقوط النظام البائد وبعد سقوطه من أجل تعزيز وحدة الموقف والتكاتف ونبذ الفرقة بين جميع شرائح وأطياف المجتمع العراقي حيث كان حضوره للعديد من المؤتمرات والندوات والتجمعات الوطنية الداعية الى توحيد الصفوف خير شاهد على روحه الوطنية العالية واستشعاره بما يكنه أعداء العراق لشعبه من أجل تمزيقه وأبقائه رازحا تحت نير التخلف والتباعد والتخاصم ولطالما كان يتحدث لي وهو يتألم من وجود بعض الوجوه والكتل التي ركبت موجة العملية السياسية لغاية في نفس يعقوب والتي تدعي تمثيلها لبعض مكونات الشعب وهي تحاول أعادة عقارب الساعة الى الوراء البعثي البغيض حيث كان يصر وفق ما لديه من معطيات وشواهد وأدلة قاطعة لاتقبل اللبس أن هذه النماذج لاتمثل بأي حال من الأحوال الأخوة من السنة العراقيين ولا تمثل كذلك أبناء المناطق الغربية وهي نماذج تسعى الى أدخال الشعب العراقي وطوائفه في اتون حرب أهلية طائفية بغيضة ولعل ما يحصل اليوم من تداعيات في محافظة الرمادي والمنطقة الغربية عموما يثبت بشكل قاطع لالبس فيه صحة ما ذهب اليه الشيخ الشهيد من رؤى وتصورات واقعية سديده لأنه كان أحد أبناء هذه المناطق الذين خبروا من هو عدوهم وهم أعرف من غيرهم به. كما أنه كان دوما واعيا لاهداف الوهابيين التكفيريين والصداميين الذين يريدون جعل العراق مزيجا من الخراب والفوضى وسفك الدماء البريئة كما انه كان دائم التوق الى رؤية الحكومة العراقية تضرب بيد من حديد جميع رؤوس الفتنة والجريمة والضلال والى قيام القضاء العراقي المستقل بمحاكمة الافراد والجماعات التي تدعو الى نشر وتكريس العنف والقتل من أجل تحقيق مخططاتها والقصاص منها قانونيا حتى يستتب الأمن والامان في ربوع الوطن ولعل مساهمته الفاعلة في تأسيس (مجلس صحوة الأنبار) أروع شاهد عملي وواقعي وميداني على حسه الوطني وغيرته العراقية على أهله ومحافظته التي ولد فيها وهو الذي كان لايفرق بين محافظة وأخرى ولا بين طائفة وأختها في بلده ما دام جميع العراقيين تحت خيمة الدستور ويجمعهم القاسم المشترك الاعظم الا وهو حب العراق علما أن هذا الأنسان الرائع كان ينتمي الى عشيرة عراقية اصيلة لها تاريخها الناصع في مقاومة الظلم والأستبداد الصدامي الأرعن الذي جلب الويلات والدمار لكل مكونات الشعب العراقي بما فيها محافظة الأنبار التي طالما عانت من بطش وجور النظام البائد وقدمت التضحيات من أجل نيل الحرية والتحرر من قبضة ذلك النظام المتحجر والمشبوه . رحم الله الشهيد الحي الشيخ فصال ومن استشهد معه من الثلة الخيرة من أبناء العراق الغيارى لاسيما الشاعر المقدام الشهيد رحيم المالكي وأنا لله وأنا أليه راجعون وتبا لكل أعداء الشعب العراقي البطل وستبقى مواقف وبطولات هذا الرجل الأبي والشجاع مشعلا يهتدي به كل العراقيين النجباء من أجل أعادة بناء العراق على الرغم من كل المحاولات المحمومة والمسمومة لدق أسفين الفرقة والتمزق بين الأخوة في الوطن. وأنا أعتقد أن وسائل الأعلام العراقية لم تعط هذا المناضل القليل من حقه بأعتباره رائدا من رواد الحركة الوطنية العراقية وعلما من أعلام وحدة الكلمة حتى بعد استشهاده في الوقت الذي كان يجب على هذا الأعلام تسليط الضوء على سيرة هذا الرجل الذي قدم أغلى ما يقدمه الأنسان من ثمن على طريق حب الوطن والشعب . كاتب وباحث في الشؤون السياسية والدولية
-------------------------------------------------------------------------------- Be a better friend, newshound, and know-it-all with Yahoo! Mobile. Try it now.
|