أكاد أعترف في البداية باني لم ارَ سياسي عراقي يصرح بمثل هذه الموضوعية والواقعية والشجاعة التي ظهر فيها الدكتور موفق الربيعي مستشار الأمن القومي العراقي على برنامج ظهر امس في قناة الحرة مع سلمان مشكور , خصوصا وهو يتحدث عن مسألة شائكة وموضوع معقد طالما عزف على أوتارها بعض الجهلة والسياسيون الطائفيون حينما كانوا يتهمون الحكومة بعدم التعامل ومواجهة المليشيات الشيعية الغير منضبطة كما تعامل الإرهابيون من تنظيم القاعدة والجماعات المسلحة.
فقد أوضح الربيعي في هذه المقابلة جملة من الأمور المهمة التي تستحق الوقوف على معانيها ودلالاتها وهي:
1. ان المشكلة الأولى في البصرة تتلخص في وجود ميليشيات غير منضبطة وخارجة عن أي مرجعية دينية وقانونية ولا هدف لهم سوى الاحتيال والسرقة من اجل الحصول على مكاسب مادية رخيصة.
2. أن هنالك مشكلة أخرى وثانية مهمة تتعلق بالفساد الإداري والمالي المستشري في مفاصل البصرة والتي تسبب تعطيل انجاز الكثير من الخدمات والمشاريع التي تعود بالفائدة على المواطن البصري.
3. أن الربيعي قد وجه ووضع سياسية لمعالجة هذه المشاكل تتمثل في خطوتين الأولى معالجة الفساد الإداري والمالي واجتثاث المليشيات تمهيدا_ وهي الثانية_لاجراء المصالحة الوطنية للبدأ بأعمار المحافظة وإيجاد فرص العمل للمواطنين.
4. أن موفق الربيعي قد شخص التدخلات الخارجية في البصرة بتشبيه رائع ينم عن دراية وقراءة واقعية لما يجري هناك , فقد شبه التدخل في البصرة بمثال الجسد الإنساني حيث أوضع الربيعي بان الجسد الإنساني كلما كان ضعيف ومتهرئ كلما تمكنت الفايروسات والطفيليات والجراثيم من هذه الجسد والعكس صحيح طبعا فاذا اصبح الجسد قوي متكامل البنية فان الفايروسات لن تجد مدخلا للدخول أليه .
5. وفي هذا الشأن دعى الربيعي القوى السياسية في البصرة الى التوحد والوقوف في صف واحد لمواجهة التدخلات الأجنبية في محافظتهم ومحاربة الفساد والمليشيات من اجل بناء البصرة واعمار محافظتهم وازدهارها وفتح باب الوظائف والتعيينات لابنائها الشرفاء.
6. وفي مقارنة مع الوضع الامني في البصرة والوضع الامني في بغداد فقد اجاب الربيعي عن سؤال مشكور عن اسباب تحسن الوضع الامني في بغداد , أجاب بصراحة وواقعية رائعة حيث قال بان هنالك اربعة اسباب لهذه الأمر الأولى وصول القوات الامنية العراقية الى مرحلة عالية من الجاهزية من حيث العدة والعدد الثاني مساعدة القوات متعددة الجنسيات في هذا الامر الثالث انتفاض المجتمع السني على تنظيم القاعدة الارهابي في مناطقه الرابع المساعدة الواضحة التي بذلتها ايران واسوريا حيث اوقفت ايران دعم الجماعات الشيعية المتطرفة ووقفت سوريا بحزم ضد مرور الارهابيون العرب من اراضيها الى العراق , وهنا كانت حيادية الربيعي اذا انه لم يقل سوريا فقط كما يدي ذلك بعض الشيعة ولم يقل ايران فقط كما يزعم بعض السنة بل وضع شخص الحالة بعموميتها بالنسبة لعملية استتباب الامن في العراق!!!
7. وقد حذر الربيعي من ان تنظيم القاعدة بعد ان فشل في اشعال حرب طائفية بين الشيعية والسنة في العراق فانه يسعى الان الى اشعال حرب قومية بين القوميات المختلفة في كركوك من اجل تحقيق مآربه الرخيصة التي انكشفت وانفضحت امام العالم اجمع لذلك على القوى السياسية والمكونات القومية في كركوك والتي هي العرب والكرد والتركمان ان يعوا هذه الحقيقة ويتحدوا من اجل مواجهتها بحزم وذكاء وان لاتنطلي عليهم الاعيب القاعدة القذرة.
8. وقد اوضح الربيعي ايضا ان حل مسألة كركوك يجب ان تتم في اطار دستوري يتعلق بالمادة 140 وان اسباب عدم حدوث ذلك ينحصر في نقطتين الاولى فنية والاخرى سياسية فالاولى ترتبط بمسائل فنية كعملية الاحصاء وتحديد الملكية وغيرها من الامور الأجرائية البحته التي طالب الامم المتحدة بمعاونة العراق في ذلك والثانية تتجسد في عدم دخول قوى كركوك الاساسية في حوار معمق لحل النزاع بينهم وفض الخلافات فالحوار اساس الحل ولارجوع عنه مهما كان الخلاف عميقا.
9. وقد دعى الربيعي اخيرا الى بناء منظومة أمنية اقليمية تضم العراق وسوريا وتركيا وايران والسعودية ودول الخليج العربي من اجل مواجهة التحديات التي تواجه المنطقة ومحاولة حل المشكلات والمخاطر الإرهابية التي تهدد المنطقة برمتها
أن موفق الربيعي في هذا اللقاء قد وضع نقاط عديدة على الكثير من الحروف التي حاول البعض تضليلها وخلطها بل ان الربيعي في تصريحاته هذه قد ضرب عدة عصافير بحجر واحد وفي لقاء واحد واثبت فيه ان الصراحة السياسية والموضوعية الكاملة هي المدخل لمواجهة الحقيقة في العراق , فالمجاملة والتحيز لن تخدم العراق في هذه المرحلة المهمة . |