كارن هيوز، أحد أضلاع “المثلث الأسود” في ادارة الرئيس الأمريكي بوش. واطلاق صفة “الأسود” على هذا الثالوث، ظلم للون الأسود، وأي ظلم.
وهو قول ظالم بحق الشعر أيضاً.
وهو خطاب أشد ظلماً للون عموماً.
وما أدراك ما اللون؟
قرأت في كتاب صغير الحجم، عظيم الفائدة، ان ثلاثة علماء ألمان من مدرسة الماركسية الحديثة: الأول عالم رياضيات، والثاني فيلسوف، والثالث فيزيائي، كانوا يتساجلون في حديث عميق جداً حول أصل المادة، لينتهوا إلى أن المادة جسد وروح.
وان “روح” المادة، حسب هؤلاء، هي المحرك لكل ما نعرف وما لا نعرف في الأكوان كلها. وسأل عالم الفيزياء زميله الفيلسوف، “إذا كانت سماؤنا زرقاء بسبب المياه، فأي لوحة تتشكل من ألوان لا نهاية لها، في هذا الكون اللانهائي؟”.
رد الفيلسوف بعد برهة من صمت: “تلك اللوحة اللانهائية، وغير القابلة للوصف الحصري، هي لفتة من لفتاته”.
وهل يخفى الجواب على الأريب؟
عالم الألوان لا محدود. وكما الأبيض، هو الأسود أيضاً: الحياد في تعريف لا يعرف: ضع “الأسود” مع أي لون، حتى مع صنوه “الأبيض” الحيادي أيضاً، وسترى فضاء لا نهائياً.
انظر إلى عيني وحش البقر.
وتمل في عيني ظبية.
ثم تعال، واختبر شجاعتك، إذا ما فاجأتك عينان سوداوان لإحدى الحسان الخود، أو أنثى عروب. فهل أنت ابن أمك وأبيك في تلك اللحظة؟
وهكذا تغنى الشعراء بالعيون السود.
وأخذ المغنون نصيبهم في هذا المشهد، ونسي الناس وهم يستمعون إلى ناظم الغزالي، وهو يغني ل “أم العيون السود” من هو الشاعر. وكثيرون بيننا لا يعرفون اسم شاعر أغنية “العيون السود” لعبد الحليم حافظ.
ونقول في تعبيراتنا الشعبية: “إذا لبست السواد، سبيت العباد”.
وأعلن أمامكم، أنا الفقير إلى الله، وفي هذا العمر الجميل، بعد الخمسين أني أخر راكعاً أمام الأعين السود، كما حدث معي مرة في قبرص.
وتلك حكاية أخرى، لأنني حينها فقدت بصري بشكل مؤقت، لكن امرأة قبرصية قالت: “انظر في عيني”. وعندما نظرت إليها، استعدت بصري.
أما حكاية “الضلع” الجديد في “المثلث الأسود” الذي يريد “تبييض” سمعة “أمريكا بوش”: هيوز، كارل روف، ودان بارتليت، فهم من جنس “ما بعد الكراهية” الذين فضحهم اندريه مالرو. |