|
|
رسالة سريالية الى الحبيبة |
|
|
|
|
تاريخ النشر
03/11/2007 06:00 AM
|
|
|
الى الغالية فلانة سؤالي الوحيد عن صحتكم وطيب خاطركم واعتدال اوقاتكم ، وان تفضلتم بنوع من السؤال عنا فنحن والحمدلله في اتم الصحة والعافية ولا يهمنا سوى الم الفراق عنكم وبعد: من ومض الليمون نزَ حليب احمر بلل ارجل الليل فغارت نجمة عمياء ، تمسحت باهداب فراشة كانت تسير بمفردها في صحراء القيامة ، وانا امسح حروف الاخبار وحبك ينعى دفء المراعي عند ولادة الاعشاب على اسرة الهواء ، يتكئ حزني مع فرحي على غصن يتدلى من رحم الحقول الناعسة ويختال الاسى امام الدكاكين وهو يرجم الذاكرة بكرات الفجيعة فتتسلل المسرات من افواه الحكايات ، والنوارس صارت تبني قصورا لها في اعماق المحيطات وتبكي البكاء هناك امام مجمرة التمني ، وحبك صار كينبوع يصدر المسامير الى التضاريس والمواعيد تنتحب والنجوم تشكو الياسمين الصيفي ، وصارت المياه الاسنة تاتي بالبريد المثقل بالمناديل ، وصار الكلام اشجارا لا تعطي سوى المفاتيح للطرق الفسيحة ، وللصدى وخز جارف يداعب مؤخرة الريح دونما موعد واحرث الحريق الباكي لا ستنبات الجواهر الصدئة في دروبك الحالكة . لقد نسجت لك من بقايا دمعي ساعة تؤخر الوقت الهزيل بمعزل عن الجدران المتحركة في نهر الشوق الذي يطير في باطن الارض كسيحا ، وتعالى من داخلي صمت حزين ظل يثرثر حتى مغادرة الصباح باب المدينة ، ولكي تهدأ الجراح احرقت انين الفلاسفة في قدر من زجاج طيني المزاج عصبي الانثناء، وظللت اتقافز في محراب الظلمة كقبرة ملساء تبحث عن حزمة من نور خافت ، كيف افعل بحبك الذي صار كصوت المومياء يداعب جفون الحوت ويتبع القمر في انفاق الرمان ، وظفائرك تتدلى من كهف المساء تدخن خارطة فرعون وتسكب في طريق الصالحين زيتا لا يضئ ، ترتفعين على ظهر حصان طائر يرفع معه كل فواكه الارض الى مآدب النائمين على الشهب ،والقارات تسير للاحتفاء بموت القطب الشمالي في فنجان قهوة ، وهناك بوذي مخمور يبكي في حضرة الارق بلغة تفهمها العناكب الذهبية المعششة على اسلحة التتار ، وتضئ للمراثي وتمضي نحو نهر جيحون لتغتسل هناك الغسل الاخير ، وتختفي في حقيبة امراة صنع نهداها من خشب الصاج المعطر ، وعلى ارصفة الذاكرة اضع اجزاء صوتك المعجون بالنحيب الضاحك المحلى بشيخوخة الشباب العذب، وتنبت من الاسى شامة على شعرك المصبوغ بلون المتاحف. حبيبتي اتمنى لك السلامة من ثورة النيران في عشق الخاصرة المضمرة من هول المنعطفات والرمال تكسوني كالهدهد الضال وهو ينوح على خبز يصرخ من لفح التنور في نهار الصيف ، يشرح طقوس القيظ بغيظ ظاهر ، لقد تعبت كما تعب جنود الروسنطوريس من السير على الماء وهم يحملون اردية الاشباح على زجاج ظهورهم المدببة ، عيناك سيدتي مثل جمال الكون عندما يستطيل على حقول اليانسون ويرضع مرتزقة الامبراطور تحت ظلال المعابد . اشتهي صوتك الذي ينبعث من بين الصخور كموسيقى دامسة تنفر الوحوش عن الغزلان و تتمايل على اسدية الزهور ،وعندما اصحو عند كل خاطرة انثر رغبات الاطفال على هموم المطر ، واسافر مع الفجر الى الضفة الاخرى اجمع هواجس التاريخ وبعض الالوان من اجل الحلم الوسط واضرب خساراتي بسوط الملوك. الضوء فيك فقد ملامحه وقبعتي ما زالت تشكو الظمأ وتتصلب قشرة الموز حتى لا يفتضه احد واظل في صلاتك مذبوحا اكتم انفاسي كي لا تجرفني اسماك الساقية ، وفي الختام اهديك اغنية : اراك عصي الدمع شيمتك الصبر لام كلثوم . وقد وضعت على رسالتي عطرا لا لون له ولا رائحة امعانا في السوريالية ظنا مني بانها ستعجب من قدرتي على التخيل مثل سلفادور دالي وتزداد بي هياما ، غير اني استلمت في اليوم التالي كيسا فيه ساعة منزوعة العقارب كنت قد اهديتها لها في مناسبة سابقة مع رسالة مكتوبة على ورق جدران هذا نصها : حبيبي السابق: لقد اغرقت في السريالية واغرقتني معك ، وانا بعد اليوم في حل من البيعة ، وابحث لك عن امراة ميتافيزيقية لا تمت الى الواقع بصلة يداها تحل محل الرجلين وتبصر باذنها صمت الصوت وتسمع بعينها الوحيدة دقات المطر في ساعات الضجر ، واما انا فاقول وداعا الى الابد لاني اريد ان اعيش حياة طبيعية ولاني لا اناسبك وانت لا تناسبني ودمت للابداع .
|
|
رجوع
|
|
مقالات اخرى لــ د.حسين ابو سعود
|
|
|
|
|
انضموا الى قائمتنا البريدية |
| | |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|