صَهٍ،
إلى متى أئنُّ؟
فحتّى مائة قرْنٍ
سيظلُّ هذا العالمُ
يدور على آهاتي
وَيلفُّ على حَسَراتي
(جلال الدين الرومي)
اللَّطيف اللَّطيف، وليس الصدفة، هو الذي قادني الى القاص كاظم الشاهري، المقيم بكندا حالياً، أو هو الذي أتى به إليَّ، كما جاء بذلك الشاب الذي اسمه حسين الحلّي الى حديقة اتحاد الأدباء العراقيين ببغداد قبل اثنتين وثلاثين سنة من يومنا هذا.
سأعود الى حديث الشاهري.
كنت مع عصبتنا المعتادة، حيث مجلسنا في حديقة اتحاد الأدباء العراقيين حَسَب الشيخ جعفر، وعبدالوهاب البياتي، وأحمد خلف، عندما أخبرنا الشاعر علي الحلّي بنبأ كتاب جديد عنوانه: “حياة بعد حياة”، قال إن ابنه حسين، يقوم بترجمة ما ينشر من تقارير نشرت حوله في بعض الصحف الأمريكية.
نعم، يا حسين. قل لي ما الأمر؟
قال حسين: الدكتور رايموند مودي، الأستاذ الجامعي، والطبيب هو مؤلف هذا الكتاب، الذي يوثِّق شهادات عدة مئات من “حياة” ما بعد “حياتنا” هذه، من خلال مخابر علمية، وتحريات دقيقة، في شهادات أولئك الذين تعرضوا الى “الموت الإكلينيكي”، عندما تعرض هو الى “موت مؤجّل”.
ومنذ تلك العقود الثلاثة، وأنا أبحث عن هذا الكتاب، ولم أفلح إلا قبل أسبوعين، عندما بعث به إليَّ القاص كاظم الشاهري من كندا.
كنا نتحاور معاً، الشاهري، والشاعر الراحل كمال سبتي، وأنا، من خلال قناة على الشبكة العالمية، في أمور شتّى، من بينها: “ماذا بعد حياتنا هذه؟”.
الشاهري من أجيال تالية، وكمال، رحمه الله، من جيل وسيط. لم أرَ كاظم الشاهري قط. لكنه عندما كان لاجئاً في “رفحاء” بالسعودية، ما بعد “الانتفاضة الشعبانية” سنة ،1991 أخذ يطلع على أخبارنا، ونشط بعض زملائنا المهاجرين في إيصال بعض كتبنا، نحن الجيل الأول في الهجرة، الى الشاهري وزملائه.
هذا الشاهري، يأسرك صدقه، ويقف شامخاً إذا ما وعد، وهو أمين على رفاقه. ولذلك حين قلت له: “أريد كتاب: حياة يعد حياة ، أخذ يبحث في المكتبات حتى وجده، ثم بعث به طرداً إليَّ من كندا الى الشارقة.
لكن الطرد فُقِد على الطريق.
لم يكذِّب الشاهري خبراً، فاشترى نسخة أخرى من الكتاب وشحنها مرة ثانية، ليحقق بتلقائية نفسيَّة الإنسان العراقي الذي إذا ما قال صَدَق، وإذا وعد أوفى.
أما الكتاب، فإنه رحلة في “العالم الآخر”، وهذا ما أدعو القراء الكرام الى مشقة البحث عنه، فلعلّ أحدهم يفيد من قراءته أو يجد صديقاً مثل الشاهري. |